اتهامات للانقلابيين في اليمن بـ{إنهاء حياة» مصابين بـ«كورونا» ودفنهم سراً

TT
20

اتهامات للانقلابيين في اليمن بـ{إنهاء حياة» مصابين بـ«كورونا» ودفنهم سراً

اتهم ناشطون يمنيون وعاملون في القطاع الصحي الخاضع للميليشيات الحوثية في صنعاء ومناطق أخرى، الجماعة الانقلابية بالقيام بتصفية المرضى المصابين بفيروس «كورونا المستجد» في مستشفيات العزل ودفنهم سراً مع إخطار عدد محدود من أهاليهم.
وفي حين وثق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمشاهد دفن جماعية في مقابر صنعاء، يرفض قادة الميليشيات الاعتراف بحجم تفشي الوباء على الرغم من تأكيدات مصادر طبية بوجود عشرات الوفيات جراء المرض، وامتلاء مستشفيات العزل بالحالات المصابة.
وأكدت المصادر في صنعاء تسجيل عدد من الحالات المصابة التي نقلت إلى مستشفيات العزل في صنعاء (مستشفى الكويت وزايد) ومستشفى جبلة في محافظة إب (170 كلم جنوب صنعاء) لكن أصحابها - بحسب المصادر - خرجوا جثثاً هامدة بعد يوم واحد فقط من دخولهم العزل الطبي.
وقال مصدر طبي لـ«الشرق الأوسط» إن أحد المصابين من سكان الحي الذي يقطن فيه قرب مطار صنعاء في حارة «شعفل» الواقعة خلف مصنع السنيدار، نقل إلى مستشفى زايد شمال شرقي العاصمة المخصص للعزل، غير أنه فارق الحياة بعدها بساعات، ما يضع شكوكاً متصاعدة حول قيام الجماعة بتصفية المصابين.
ويتداول السكان وبعض العاملين الصحيين في صنعاء تسريبات عن توجيه قادة الميليشيات الحوثية للطواقم الطبية باستخدام ما يسمى طريقة «الموت الرحيم» مع الحالات المصابة بالفيروس، وهو الأمر الذي لم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» التثبت منه بشكل قطعي.
في السياق نفسه، أفاد ناشطون في محافظة إب بأن شخصاً يدعى يسري مجلي فارق الحياة في مستشفى جبلة المخصص للعزل الطبي عقب يوم واحد من وفاة والده في المستشفى ذاته بالطريقة نفسها.
وكان شهود في مدينة إب (مركز المحافظة) تحدثوا في وقت سابق عن قيام الجماعة الحوثية قبل أيام بدفن العديد من الأشخاص بعد الفجر بشكل سري مع استدعاء شخصين فقط من أقارب المتوفى، يرجح أنهم فارقوا الحياة بسبب إصابتهم بالفيروس التاجي المستجد.
وتحرص الجماعة الانقلابية بشدة على نفي وجود أي تفشٍ للوباء في مناطق سيطرتها مع اعتراف وزيرها للصحة في حكومة الانقلاب والقيادي في الجماعة طه المتوكل في أحدث مؤتمر صحافي له السبت، بتسجيل حالتي إصابة لرجل وامرأة قال إنهما تماثلا للشفاء، إضافة إلى حالتين سابقتين توفيت إحداهما وهي لمهاجر أفريقي، كما زعمت الجماعة.
وهوّن القيادي الحوثي المتوكل من المخاوف المتصاعدة في أوساط السكان، وقال إن جماعته ستكتفي بإعلان المعلومات المتعلقة بحالات الشفاء من المرض فقط.
وأثار تكتم الجماعة الحوثية على الإصابات الفعلية بالوباء غضباً في أوساط الموالين لها، فضلاً عن بقية الشارع اليمني في صنعاء، خصوصاً مع تأكيد وفاة أطباء موالين للجماعة جراء إصابتهم، كما الحال مع الطبيب إسماعيل المؤيد مالك مستشفى «المؤيد» الواقع في حي الجراف شمال العاصمة.
وبث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمشاهد من مقبرة «الرحمة» في حي سعوان، حيث أظهرت عدداً من القبور المحفورة حديثاً مع وجود عناصر حوثيين يرتدون الكمامات ووسائل الوقاية، وإلى جانبهم سيارة إسعاف وهم يستعدون للقيام بعمليات الدفن.
وبينما يواصل الانقلابيون استثمار تفشي «كورونا» في جمع الجبايات، والتستر على انتشار الوباء دون اتخاذ الإجراءات السليمة، اتهمت مصادر طبية الجماعة بأنها تمارس كل أساليب القمع والإرهاب بحق الأطباء والمستشفيات والمواطنين الذين ينشرون معلومات عن وجود إصابات.
وكشفت مصادر طبية في صنعاء عن احتجاز الميليشيات لهواتف الطواقم الطبية العاملة بمستشفيات «الثورة والجمهوري وزايد والكويت» بذريعة منعهم من نشر المعلومات عن حالات الإصابة بكورونا.
وتقول مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن حالة الرعب من الإصابة بفيروس «كورونا المستجد» اجتاحت صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية مع تكدس حالات الإصابة في مستشفيات العزل الطبي واستمرار الجماعة في تكتمها على المعلومات الحقيقية لخدمة أجندتها الانقلابية.
وفي وقت سابق، اتهم وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني الجماعة الحوثية بالاستيلاء على معدات طبية مرسلة إلى مناطق سيطرتها، فيما تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 100 إصابة في مستشفيات العزل إلى جانب العديد من حالات الوفاة.
وأكد ناشطون وأطباء في مناطق سيطرة الجماعة وجود ما وصفوه بـ«الحالة الكارثية»، بعد أن أصبح المصابون يتساقطون في الشوارع جراء إصابتهم المحتملة بالتزامن مع التدابير القمعية والتعسفية التي تقوم بها الميليشيات للتكتم على الحالات المصابة ومعاملة المرضى وذويهم على أنهم «مجرمون».
ورغم توتر العلاقة بين الجماعة ومنظمة الصحة العالمية بسبب التكتم على بيانات الإصابات وعدم الشفافية، لم تلجأ الجماعة لاتخاذ أي خطوات احترازية جدية، من قبيل إغلاق الأسواق المكتظة وفرض التباعد الاجتماعي، وذلك في سياق أهداف الجماعة لجباية أموال الزكاة والضرائب والحفاظ على مواردها المالية، بحسب ما يؤكده مراقبون للأوضاع الصحية في صنعاء.
ومع وجود حالة من الرعب بين سكان صنعاء، ليس من خشية الإصابة بالفيروس وحسب، ولكن من التدابير الحوثية المتبعة، يؤكد الناشطون اليمنيون أن الجماعة لا تقوم بإرسال الفرق الطبية لحالات الاشتباه بالإصابة، ولكنها ترسل عناصر الأجهزة الأمنية الخاضعة.
وفي خضم حالة الخوف المتفشية، وقّع 65 طبيباً في مناطق سيطرة الجماعة على بيان وجهوه هذا الأسبوع إلى سلطات الانقلابيين ووزيرهم للصحة طه المتوكل، وأكدوا فيه «تزايد عدد الحالات يوماً بعد آخر مع تزايد عدد الوفيات الناجم عن هذا المرض».
وانتقد الأطباء في بيانهم «عدم التزام السكان بإجراءات الحظر الصحي وضرورة التباعد، حيث إن الشوارع والأسواق العامة والمحال التجارية والجوامع لا تزال مكتظة بالبشر».
ودعا الأطباء في بيانهم الذي وزعوه على وسائل الإعلام «إلى مراعاة الشفافية حول العدد الكلي للإصابات والوفيات الناجمة عن مرض كورونا، وإعلان الحالات الجديدة المؤكدة أولاً بأول، وإلى الاهتمام بتوفير وسائل الحماية الشخصية للكادر الصحي المتعامل مع المرضى بشكل مباشر وفرض وجود هذه الوسائل في كل المستشفيات الحكومية والخاصة».
وشدد الأطباء على ضرورة اتخاذ «إجراءات حاسمة وصارمة متعلقة بالحظر الصحي، وذلك بإغلاق كل الأسواق والمحلات التجارية، وكذا الجوامع وأسواق القات وأماكن تجمعات الناس، وفرض إجراءات التباعد الاجتماعي في كل المرافق الخاصة والحكومية».
كما دعوا إلى «إغلاق كل المدن المنتشر فيها الوباء لمنعه من الانتشار للقرى والمدن الخالية منه، خصوصاً مع قدوم عيد الفطر ورجوع المواطنين إلى قراهم».
وانتقد الأطباء التدابير الحوثية التعسفية في التعامل مع المرضى، ودعوا إلى تغيير نمط التعامل عند معرفة وجود أسر مصابة أو لديها متوفى، وعدم ترويع الناس لإجبارهم على إخفاء وجود إصابات.


مقالات ذات صلة

ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

تحليل إخباري كان ميناء رأس عيسى قبل استيلاء الحوثيين عليه يستخدم لتصدير النفط اليمني (رويترز)

ما تأثير العقوبات الأميركية واستهداف المنشآت الاقتصادية على الحوثيين؟

بينما تسعى الولايات المتحدة لاستنزاف الجماعة الحوثية مالياً بالعقوبات وباستهداف المنشآت الاقتصادية؛ يتوقع خبراء اقتصاديون تأثيرات متفاوتة على الجماعة والسكان.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

​العليمي يؤكد جهوزية القوات المسلحة لخوض معركة الخلاص

تحدث الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن عناصر مشجعة لتعديل موازين القوى على الأرض في مقدمتها توافق المكونات الوطنية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي مشاهد لصاروخ سقط في جبل المحويت كشفت عن أرقام مكتوبة بخط بدائي باللغة العربية (الإرياني)

مسؤول يمني: الحوثيون يحاولون إلصاق جرائمهم بالقوات الأميركية

أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن جماعة الحوثي تحاول إلصاق جرائمها في المناطق المدنية بالقوات الأميركية لخلق حالة من السخط تجاه العملية العسكرية الجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي العقيد محمد جابر خلال مشاركته أخيراً لحشد القبائل اليمنية لمواجهة الحوثيين (الشرق الأوسط) play-circle

دعوة القبائل اليمنية لسحب أبنائهم من محارق الموت الحوثية

دعا مسؤولون يمنيون القبائل اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، إلى سرعة سحب أبنائهم من المعسكرات التابعة للجماعة وأهمية الابتعاد عن مواقعهم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أتباع الجماعة الحوثية يتوعدون ترمب بالهزيمة في تجمع أسبوعي وسط العاصمة صنعاء (أ.ف.ب)

قدرات الحوثيين العسكرية أمام اختبار الصمود تحت ضربات ترمب

أدَّت الضربات الأميركية التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين إلى استنزاف قدرات الجماعة، واختراق تحصيناتها الأمنية؛ حيث باتت تواجه حالياً تحديات في تكثيف الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)

أميركا: صاروخ حوثي تسبب بالانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي

جانب من تشييع 12 شخصا قتلوا في صنعاء جراء القصف (أ.ف.ب)
جانب من تشييع 12 شخصا قتلوا في صنعاء جراء القصف (أ.ف.ب)
TT
20

أميركا: صاروخ حوثي تسبب بالانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي

جانب من تشييع 12 شخصا قتلوا في صنعاء جراء القصف (أ.ف.ب)
جانب من تشييع 12 شخصا قتلوا في صنعاء جراء القصف (أ.ف.ب)

قال الجيش الأميركي يوم الخميس إن الانفجار الذي وقع يوم الأحد بالقرب من موقع مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي في العاصمة اليمنية صنعاء نجم عن صاروخ حوثي وليس عن غارة جوية أميركية.

أعلنت وزارة الصحة التابعة للحوثيين مقتل 12 شخصا في الغارة الأميركية بأحد أحياء صنعاء. ومدينة صنعاء القديمة من المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وأمر الرئيس دونالد ترمب بتكثيف الضربات الأميركية على اليمن الشهر الماضي، إذ أكدت إدارته أنها ستواصل مهاجمة الحوثيين المتحالفين مع إيران حتى يتوقفوا عن مهاجمة حركة الشحن في البحر الأحمر.

وقال متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية إن الأضرار والخسائر التي تحدث عنها مسؤولون حوثيون في اليمن «وقعت على الأرجح»، لكنها لم تكن ناجمة عن هجوم أميركي. وأضاف المتحدث أن أقرب ضربة أميركية من الموقع في تلك الليلة كانت على بعد أكثر من خمسة كيلومترات منه.

وقال المتحدث باسم الجيش الأميركي إن تقييم الجيش للأضرار خلص إلى أن سببها «صاروخ دفاع جوي حوثي» بناء على مراجعة «تقارير محلية شملت مقاطع فيديو توثق وجود كتابة باللغة العربية على شظايا الصاروخ في السوق»، مضيفا أن الحوثيين القوا القبض على يمنيين لاحقا. ولم يقدم أي أدلة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول حوثي قوله إن النفي الأميركي محاولة لتشويه سمعة الحوثيين.