المتاجر والفنادق والمطاعم أُغلقت لأشهر، وبعضها لن يفتح أبوابه ثانية، وأغلب الناس في بيوتهم لا يفكرون في أبعد من شراء منتجات للترفيه عن النفس وقتل الوقت. فالاقتصاد العالمي في انهيار، والقلق من مستقبل مجهول يسود العامة والأثرياء على حد سواء. من هذا المنظور كان البعض يعتقد أن إغلاق محلات الموضة مثلاً، سيزيد من الخوف من أن تبور البضائع فيها وتتكدس في المخازن، ويتوقع طرحها برُخص التراب بمجرد ما إن تبدأ الحياة تدب فيها من جديد، أو على الأقل تنخفض أسعار بعض المنتجات الكمالية. المفاجأة أن العكس حصل. فقد أعلنت مجموعة من بيوت الأزياء المهمة مثل «شانيل» و«لويس فويتون» و«وبلغاري» و«تيفاني أند كو» رفع أسعار بعض منتجاتها. «شانيل» حددت أن العملية ستطال حقائبها الكلاسيكية فقط، مثل 2.55 و11.12 و«بوي غابرييل شانيل» إلى جانب بعض المنتجات الجلدية الصغيرة، التي سترتفع بنسبة تتراوح بين 5 و17 في المائة. بدورها أعلنت «لويس فويتون» رفع أسعار بعض منتجاتها بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المائة. السبب حسب «شانيل» أن أسعار المواد الخام والجلود ارتفعت بشكل كبير خلال الجائحة، الأمر الذي استدعى إعادة النظر في هذه الأسعار.
لا يختلف اثنان أن الوقت الحالي لا يبدو مناسباً. فـ«كوفيد - 19» لم يودِ بحياة الناس فحسب، بل أيضاً أثر على ثروات الملايين الذين سيفكرون طويلاً قبل شراء كماليات مثل حقائب أو أساور يد. فالكل يتفق على أن شراء كمامات أهم بكثير من شراء أي كماليات في عام 2020. لكن حسب خبراء المال، فإن هذا التفكير خاطئ ويفتقد إلى بُعد نظر. يستدلون على صحة رأيهم بأن الآلاف من المتسوقين في البلدان التي خففت قيود الحظر منذ شهر تقريباً، مثل الصين وكوريا الجنوبية، اصطفوا في طوابير طويلة خارج محلات «شانيل» بمجرد ما تم الإعلان عن الخبر. حُلمهم يتلخص في الحصول على حقيبة بتوقيعها قبل أن يتم تطبيق الأسعار الجديدة. في سيول كانت الطوابير جد طويلة إلى حد استدعى تدخل السلطات المحلية وتفكيرها في منع «شانيل» من فتح محلاتها في هذه الفترة خوفاً من تفشي موجة جديدة من الوباء.
جدير بالذكر أن رفع أسعار الحقائب والأزياء ليس جديداً. فقد تعودت بيوت الأزياء على أن تقوم بهذه العملية بشكل سنوي تقريباً لتواكب ارتفاع أسعار المواد الخام واليد العاملة، إضافة إلى زيادة الطلب. بيد أن قرار «شانيل» الأخير أثار الانتباه أكثر هذه المرة، نظراً للمعاناة التي يمر بها العالم عموماً وعالم الموضة والترف خصوصاً. وحتى إذا كانت المواد الخام قد شحت بسبب إغلاق مصانع الإنتاج وموارد الاستيراد وغيرها، فإن العملية تبدو استراتيجية هدفها تعويض بعض الخسائر التي تعرضت لها بسبب الجائحة، ومن المتوقع أن تستمر لفترة طويلة حسب شركة «باين» للأبحاث. فقد أفادت بأن المبيعات ستتراجع بنسبة 35 في المائة هذا العام، رغم إقبال السوق الآسيوية النهم على الشراء في الأسابيع القليلة الماضية. فالمتعارف عليه أن الزبون الصيني يحب السفر والتسوق من الخارج، ونسبة إنفاقه في الداخل لا تتعدى الثلث. في ظل غياب أي إمكانية للسفر إلى الخارج في الوقت الحالي، يُعول صناع الترف على السوق الداخلية للتعويض عن إغلاقها محلاتها لأشهر، وقلة الطلب في أوروبا والولايات المتحدة، خصوصاً أن بيوتاً مثل «لويس فويتون» و«شانيل» تعرف مسبقاً أن المستهلك الصيني ضعيف أمامها، ولن يوقفه ارتفاع سعرها عن الرغبة في اقتنائها. علامات أخرى، مثل «غوتشي» أو «برادا» قد تجد صعوبة في تسويق منتجاتها في حال ما اتخذت الخطوة نفسها، بالنظر إلى تراجع مبيعاتها في السوق الصينية في العام الماضي. لحد الآن تبقى أسعار معظم العلامات الكبيرة مستقرة لم تتغير باستثناء «مالبوري» التي خفضت أسعارها بنسبة 20 في المائة آملة في جذب الزبون الصيني وكسب وده.
«كورونا» يُشعل حرب أسعار بيوت الأزياء
«كورونا» يُشعل حرب أسعار بيوت الأزياء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة