محكمة بريطانية تطوي نزاعاً على شرعية «المؤسسة الليبية للاستثمار»

TT

محكمة بريطانية تطوي نزاعاً على شرعية «المؤسسة الليبية للاستثمار»

قالت «المؤسسة الليبية للاستثمار» في العاصمة طرابلس، أمس، إن محكمة الاستئناف في لندن قضت لصالحها في قضية النزاع على «شرعية إداراتها» المتداولة منذ عام 2015.
وأضافت المؤسسة التي عدّت هذه الخطوة «تتويجاً لجهودها»، أن الحكم الصادر، أول من أمس، أكد «شرعية مجلس إدارة المؤسسة»، برئاسة الدكتور علي محمود حسن، ‪مشيرة إلى أن المحكمة «رفضت بشكل سريع وكامل كل المزاعم والحجج المقدمة من الأطراف الموازية التي كانت تدعي الشرعية وأحقية تمثيل المؤسسة الليبية للاستثمار‬».
ووصل الانقسام السياسي مبكراً إلى المؤسسة الليبية للاستثمار التي تدير «صندوق الثروة السيادي»، وسط تنازع على تولي رئاسته. ففي يوليو (تموز) عام 2017، عينت حكومة «الوفاق»، المدعومة من الأمم المتحدة، حسن رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة؛ لكن عبد المجيد بريش الذي عُين رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة في طرابلس عام 2013، تحدى الإدارة التي عينتها حكومة «الوفاق»، ولجأ إلى التقاضي بالمحاكمة المحلية، قبل أن ينتقل بالقضية إلى القضاء البريطاني مع آخرين.
ورأت المؤسسة الليبية أن هذا الحكم طوى مرحلة من النزاع على شرعية إدارة المؤسسة، استمرت لأكثر من خمس سنوات، لافتة إلى أنه سبق للمحكمة التجارية البريطانية إصدار حكم في مارس (آذار) الماضي بالاعتراف بشرعية حسن رئيساً للمؤسسة الليبية للاستثمار. وأشارت إلى أنها «ستباشر اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة الحراسة القضائية، وتسلم المهام والأصول، واستكمال إجراءات التمثيل القانوني أمام جميع السلطات والمؤسسات المالية».
وقدرت قيمة الأصول الليبية المجمدة في الخارج بنحو 67 مليار دولار، مع نهاية ديسمبر (كانون الأول) عام 2012، موزعة في دولة عدة؛ لكنها مجمدة بقرار دولي.
واعتبر مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار أن حكم الاستئناف «ضامن لمصالح الشعب الليبي»، داعياً الليبيين إلى «دعم الجهود المبذولة منه»، والتي قال إنها «أصبحت واضحة وجلية أمام الجميع، لتمكينهم من مواصلة تنفيذ استراتيجية المؤسسة للتحول والحوكمة، مما يساهم في رفع الحراسات القضائية بشكل نهائي، وتسلم الأصول المجمدة في الخارج، وصونها وتنميتها لمصلحة الشعب الليبي، بموجب القوانين ذات العلاقة ونظام العقوبات الحالي».
وظلت هذه الأرصدة مجمدة منذ إسقاط نظام الرئيس معمر القذافي في عام 2011؛ لكن الخلاف السياسي زادها تجميداً. فبعد أن كانت حكومة «الوفاق» تطالب المجتمع الدولي بتحديد مصيرها، أصبح الأمر محل نزاع حالياً بعد دخول نظيرتها المؤقتة في شرق البلاد على خط الصلاحيات؛ حيث سعى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، دولياً، لسحب الاعتراف بـ«الوفاق».
ودعا محمد طاهر سيالة، وزير الخارجية بحكومة «الوفاق»، في اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي في فبراير (شباط) الماضي، الاتحاد للعب دور في المحافظة على هذه الأموال، لافتاً إلى أنه «تم إيداعها من قبل القنوات الرسمية في إطار تنفيذ سياسة ليبيا للاستثمار في الخارج».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر مسؤول بالمؤسسة الليبية للاستثمار، أن المصاريف القضائية لهذه القضية التي ظلت منظورة أمام القضاء البريطاني، قد كلفت ليبيا 200 مليون دولار، نظير مصاريف تضمنت رسوم المحكمة، وأتعاب الحارس القضائي والمستشارين القانونيين ومكاتب المحاماة العالمية التي تعاقدت معها الأطراف الليبية المتنازعة على رئاسة المؤسسة الليبية للاستثمار.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».