شكلت الانتخابات «الخاصة» التي جرت على أحد مقاعد مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا يوم الاثنين الماضي، «تمريناً» استباقياً، إن لم يكن إنذاراً حقيقياً للحزب الديمقراطي، الذي خسر هذا المقعد بعد أقل من سنتين على فوزه به، قبيل إجراء الانتخابات العامة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
فقد تمكن المرشح الجمهوري مايك غارسيا من التغلب على منافسته الديمقراطية كريستي سميث في انتخابات «خاصة»، جرت بعد استقالة النائبة الديمقراطية كاتي هيل الخريف الماضي من منصبها، إثر فضيحة جنسية أنهت طموحها السياسي، بعدما كان ينظر إليها على أنها أحد النجوم الصاعدين في الحزب الديمقراطي.
فوز غارسيا وهو رجل أعمال وطيار سابق في البحرية الأميركية ومن أصول لاتينية، شكّل مفاجأة سياسية للمراقبين، ما يظهر أن خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يوصف عادة بأنه معاد للأجانب، وخصوصاً للمهاجرين الذي يطمحون للمجيء إلى الولايات المتحدة من دول أميركا اللاتينية، ليس بهذا السوء والتأثير على تلك الأقلية، في تحديد خياراتها الانتخابية. ورغم أن المنطقة التي فاز فيها غارسيا في ولاية كاليفورنيا تعد من المناطق الريفية، وهيمن عليها الجمهوريون طويلاً قبل خسارتها في انتخابات 2018، إلا أنها المرة الأولى منذ 22 عاماً التي يتمكن فيها الجمهوريون من استعادة مقعد خسروه أمام الديمقراطيين في كاليفورنيا.
الرئيس ترمب سارع على الفور إلى الاحتفال بهذا الفوز وقال في تغريدة «الفوز الكبير لمايك غارسيا في مجلس النواب في كاليفورنيا، يعيد المقعد من الديمقراطيين. هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي انقلب فيها مقعد ديمقراطي في كاليفورنيا إلى جمهوري». ويمنح فوز غارسيا الجمهوريين فرصة للقول بأنهم يستطيعون استعادة المناطق الانتخابية المتأرجحة في العديد من الضواحي والمناطق الريفية، واستعادة السيطرة على مجلس النواب، بعدما خسروه أمام موجة من المرشحين الشباب من الحزب الديمقراطي، وخصوصاً من التيار اليساري، عام 2018. حينها خاطب الديمقراطيون جمهوراً واسعاً على قاعدة شعارات ليبرالية نسبية تدافع أيضاً عن الأقليات، في ولاية محسوبة عموماً على الليبراليين، حتى ولو كانوا من الحزب الجمهوري. وقال النائب الجمهوري توم إيمر، رئيس لجنة الحملة الجمهورية الوطنية «إن شرف ونزاهة مايك سوف تخدمه بشكل جيد في الكونغرس؛ لأنه يمنحه ممثلين يمكنهم أن يفخروا به مرة أخرى»، في إشارة إلى النائبة الديمقراطية كاتي هيل التي استقالت. وأضاف أيمر «أتطلع إلى العمل مع مايك في الكونغرس لمواجهة التطرف الليبرالي الذي تكرسه نانسي بيلوسي والديمقراطيون وتقديم نتائج لعائلات كاليفورنيا من الطبقة المتوسطة».
في المقابل يدافع الديمقراطيون بأن هذه النتيجة الجزئية لا يمكن القياس عليها عندما يخرج الناس للتصويت في الانتخابات العامة في نوفمبر، مراهنين أيضاً على نمو المعارضة لترمب بسبب تعامل إدارته مع تفشي فيروس كورونا. وقالت النائبة الديمقراطية شيري بوستوس، رئيسة لجنة الحملة الوطنية الديمقراطية «نحن واثقون من أن الناخبين سيرفضون هجمات مايك غارسيا على رعايتهم الصحية، وأن الديمقراطيين سيستعيدون هذا المقعد في نوفمبر»، في رهان على كسب السباق عبر التركيز على قضية الرعاية الصحية.
لكن تقديرات الديمقراطيين قد لا تتطابق مع الواقع، مع تراجع نسبة الاهتمام بالانتخابات العامة نفسها التي ستجري في نوفمبر، بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة.
وتبين أن الجمهوريين أقبلوا على التسجيل والمشاركة في هذه الانتخابات الجزئية التي جرت عبر البريد، بنسبة تفوق بكثير مشاركة الديمقراطيين. كما أن الفجوات الكبيرة التي ظهرت في خطاب مرشحهم جو بايدن ومراوحة جهودهم الحزبية لاستمالة القاعدة المؤيدة للمرشح اليساري بيرني ساندرز، الذي انسحب من السباق، وخلو برنامجهم الانتخابي من عناصر جذب حقيقية، ضاعف من مشكلاتها فيروس كورونا والنتائج الاقتصادية الكارثية التي ألقت بنتائجها على كلا الحزبين، كل ذلك يطرح تساؤلاً عما إذا كان الحزب الديمقراطي قادراً على تحقيق الفوز وعدم تكرار الاعتماد على ما تنبأت به الاستطلاعات عام 2016.
انتخابات كاليفورنيا تقرع جرس إنذار للديمقراطيين
خسروا مقعداً في مجلس النواب بعد أقل من سنتين على فوزهم به
انتخابات كاليفورنيا تقرع جرس إنذار للديمقراطيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة