في سوريا... التعقيم وتطبيق الإجراءات الاحترازية مجرد استعراض إعلامي

معايير النظافة والسلامة لم تكن موجودة ضمن إجراءات الحجر للسوريين العائدين
معايير النظافة والسلامة لم تكن موجودة ضمن إجراءات الحجر للسوريين العائدين
TT

في سوريا... التعقيم وتطبيق الإجراءات الاحترازية مجرد استعراض إعلامي

معايير النظافة والسلامة لم تكن موجودة ضمن إجراءات الحجر للسوريين العائدين
معايير النظافة والسلامة لم تكن موجودة ضمن إجراءات الحجر للسوريين العائدين

لم يكن حظ الممثلة السورية سوسن ميخائيل كحظ الممثل خالد القيش والمخرج تامر إسحاق، في رحلة العودة إلى البلاد في زمن «كورونا»، فبينما ذرفت ميخائيل الدموع اشتياقاً لسوريا بمجرد رؤيتها لطائرة «السورية للطيران» التي أقلتها ونحو 251 سورياً من الشارقة إلى دمشق، كاد خالد القيش وتامر إسحاق يذرفان الدمع «منذ وطئنا مطار دمشق» من بشاعة ما عاشاه من تفاصيل اتسمت بالفوضى وغياب التنظيم والإجراءات الصحية الاحترازية «التعقيم كذبة كبيرة».
فقد تم فصل الذكور عن الإناث رغم وجود عائلات كثيرة بين العائدين من الشارقة إلى دمشق، ليل الثلاثاء الماضي، وعددهم قرابة 271. وتم حشرهم في الباصات، وانتظروا لساعات طويلة قبل سوقهم إلى مراكز الحجر الصحي، دون إبلاغهم عن اسمها أو موقعها.
واعتبر تامر إسحاق (مخرج مسلسل «الحرملك») أن الرحلة الأولى التي عاد بها الممثلون سوسن ميخائيل وفاروق الجمعات وبلال مارتيني، كانت عبارة عن «مصيدة أو فخ» بحسب تصريح هاتفي لإسحاق مع إذاعة «المدينة إف إم». وقال: «لقد تشجعنا على العودة، وكنا مشتاقين للبلد والأهل؛ لكن الصدمة الكبرى كانت في مركز الحجر الصحي: حمام مشترك لأكثر من 75 شخصاً». وقال إن لديه صوراً رهيبة لغياب النظافة، ومشاهد لـ«نساء مسنات ونساء حوامل ينتظرن دورهن لدخول التواليت»؛ واصفاً ازدحامهم في مركز الحجر بأنهم «مكبوسون كالمخلل»؛ مؤكداً أن العودة إلى سوريا «بهدلة»؛ كاشفاً عن وجود عشرات العائدين من السودان وروسيا في الحجر منذ أيام، دون أن يجرى لهم كشف صحي. وقال: «الحظر الذي قمت به خلال شهرين خسرته خلال ساعات».
الرحلة الأولى من عشر رحلات قررت الحكومة في دمشق تنظيمها لإعادة الراغبين من السوريين العالقين في الخارج بسبب إغلاق المطارات عالمياً، وصلت في الرابع من الشهر الحالي، وقد رافقتها تغطية إعلامية رسمية، لوصول المسافرين إلى المطار، واستقبالهم بمودة وترحاب منقطع النظير، قبل نقلهم إلى «مجمع صحارى السياحي» بريف دمشق، الذي طبقت فيه كافة الإجراءات الاحترازية أمام الكاميرات، حتى أن الممثلة سوسن ميخائيل عبرت عن إعجابها الشديد، وقالت إن الرحلة كانت «موفقة للغاية، واتسمت بالدقة والانتظام»، والمعاملة «مفعمة بالحب والاحترام (...) لم أتمالك نفسي وذرفت عيناي عند رؤية طائرة الخطوط الجوية السورية، وشعرتُ كم أحب بلدي، وكم أنا مدينة لها». ومع أنها كانت تتخوف من الحجر الصحي فإن الخدمة في «فندق صحارى» كانت ممتازة، وجميع العاملين كانوا «محتارين كيف يدللونا». وشكرت «دولتنا؛ لأنها فكرت فينا ولم تتركنا».
مصادر من المسافرين في تلك الرحلة قالوا لـ«الشرق الأوسط»: «بعيداً عن المبالغات العاطفية، فإن ما قالته الممثلة السورية ميخائيل كان صادقاً إلى حد كبير، وشكل لنا ذلك صدمة إيجابية دفعتنا لتشجيع معارفنا من السوريين العالقين في الخارج والخائفين من إجراءات الحجر الصحي على العودة من دون تردد!». وأضافت المصادر: «الحجر انتهى بعد أيام قليلة، وتم تخريج الغالبية ليتابعوا الحجر الطوعي في منازلهم»؛ علماً بأن الإجراءات الصحية الاحترازية تفرض الحجر لمدة 14 يوماً.
بعد انتهاء الزفة الإعلامية الرسمية للعائدين في الرحلة الأولى، وانسحاب الكاميرات، جاءت منشورات وصور ومقاطع فيديو بثها عائدون في الرحلات اللاحقة عبر «السوشيال ميديا»، لتفضح الحكومة في دمشق؛ حيث كتب سمير هزين عن الطائرة القادمة من الكويت إلى دمشق، وتقل 250 راكباً، أنه جرى حشرهم في ثلاث حافلات ظلت متوقفة في المطار لساعتين، دون يسمح لأي من الركاب بمغادرتها، حتى لقضاء الحاجة، حتى أن سيدة تبولت في ملابسها، وأخرى كانت تريد الماء لتناول الدواء، ولم يعبأ أحد بهم؛ لأن المسؤول عن تسيير الحافلات كان صائماً ويتناول طعام الإفطار. كما تحدث عن الوضع المزري في المدينة الجامعية التي تم تجهيزها كمركز صحي.
وجاءت صور نشرها مخرج مسلسل «الحرملك» تامر اسحق على حسابه في (فيسبوك) لتؤكد صحة ما كتبه هزيم. وظهر في الصور تامر إسحاق مع الممثل خالد القيش (العميد عصام في مسلسل «دقيقة صمت») في محجرهما في المدينة الجامعية بدمشق، وعلق إسحاق: «من داخل غرفتنا في الحجر الصحي، مع وجود عدد هائل من جميع أنواع الحشرات الزاحفة والطائرة والمتسلقة (...) كلمة حجر هي عنوان فقط. الوضع أسوأ من الصور ومن الوصف». أما خالد القيش فكتب على حسابه في «فيسبوك»: «إن مركز الحجر الصحي في المدينة الجامعية يشبه كل شيء إلا الحجر»، منتقداً غياب التعقيم والتنظيم أيضاً.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.