تحذيرات علمية من العودة إلى «حياة ما قبل كورونا» بعد تخفيف القيود

خبراء اعتبروا الاستهانة بقدرات الفيروس «انتحاراً»

تحذيرات علمية من العودة إلى «حياة ما قبل كورونا» بعد تخفيف القيود
TT

تحذيرات علمية من العودة إلى «حياة ما قبل كورونا» بعد تخفيف القيود

تحذيرات علمية من العودة إلى «حياة ما قبل كورونا» بعد تخفيف القيود

قبل أيام قليلة، تسببت وليمة إفطار رمضانية أقامها سائق شاحنة في الأردن في خروج بلاده من خانة «المربع صفر» إصابات، وعاد فيروس كورونا ليضرب من جديد بعد تسعة أيام لم تسجل فيها المملكة أي إصابات. هذا السائق الذي دخل الحدود الأردنية عائداً من أحد البلاد المجاورة، لم يلتزم بالتعهد الذي وقعه على نفسه بأن يستمر 14 يوما في الحجر الصحي بمنزله في بلدة «الخناصري» بمحافظة المفرق، وأقام وليمة إفطار لعائلته، التي يسكن بعض أفرادها في محافظات وبلدات أخرى، لتظهر عليه بعدها أعراض الإصابة بكورونا، وتكشف التحليلات التي أجريت للمخالطين له، أنه نقل الفيروس إلى أكثر من 30 شخصاً، وتسبب في عزل 4 قرى في محافظة المفرق، و3 مبان في مدينة «إربد» يقطنها أشخاص خالطوه.
سلوك السائق الأردني، تكرر في أكثر من دولة، لا يزال بعض مواطنيها لا يدركون خطورة العودة لـ«حياة ما قبل كورونا»، من الولائم الضخمة والمناسبات العائلية وعادات المصافحة بالأحضان، حيث أعلنت دكتور أمنة الضحاك، المتحدثة باسم الحكومة الإماراتية، قبل أيام عن إصابة 30 شخصا من عائلتين بسبب اجتماعهم معا على وليمة «سحور».
وفي تونس تسبب حفل زفاف في إصابة أكثر من 80 شخصاً بالعدوى، كما أعلنت دكتور نصاف بن علية، عضو لجنة مكافحة فيروس كورونا الجديد في تونس في 21 أبريل (نيسان) الماضي، كما تم الإعلان في مصر يوم 18 أبريل الماضي أيضا عن إصابة 15 شخصا بفيروس كورونا وحالتي وفاة والاشتباه في إصابة 70 آخرين، وذلك بسبب مخالطتهم لمصاب في حفل خطوبة أقيم بإحدى قرى محافظة الغربية المصرية «شمال القاهرة». وامتدت هذه السلوكيات غير المدركة لمقتضيات حياة ما بعد كورونا إلى أميركا وبعض الدول الأوروبية، حيث ألقى مسؤولون بقطاع الصحة بولاية كاليفورنيا الأميركية في 10 مايو (أيار) الحالي، باللوم على أشخاص شاركوا في «حفلة عيد ميلاد»، مما ساهم في انتشار فيروس كورونا جنوب الولاية.
وقالت وسائل إعلام فرنسية في 31 مارس (آذار) الماضي إن تفشي فيروس كورونا في البلاد على نطاق واسع بدأ عقب عودة أكثر من ألفي مشارك في قداسات بالكنيسة الإنجيلية بمدينة ميلوز (شمال شرقي) إلى مناطقهم.
وفي حين تم رصد محاولات كثير من المواطنين حول العالم التكيف مع الحياة في ظل كورونا بابتكارات جديدة مثل إقامة حفلات الزفاف عبر تطبيق (زووم)، كما استبدل بعض المطربين بحفلاتهم الجماهرية حفلات على قناتهم بموقع «يوتيوب»، كما حدث في مصر بمناسبة عيد «شم النسيم» الشهر الماضي، فإن عدم التزام البعض في المقابل بقيود التباعد الاجتماعي، قد يكلف بلدانهم كثيرا، لا سيما بعد أن اتخذت أغلب بلدان العالم قرارات تخفيف القيود المفروضة بسبب الفيروس، للسيطرة على الخسائر الاقتصادية التي تسببت فيها قرارات الإغلاق التي اتخذت للسيطرة على انتشاره. وتظهر تكلفة عدم الالتزام واضحة في ألمانيا، التي كانت توصف بأنها نموذج يحتذى به في السيطرة على الفيروس، ولكن مع إعلانها تخفيف القيود، مع بعض الضوابط مثل وضع الكمامات في وسائل النقل العامة والحد من التواصل الاجتماعي، بدأ بعض المواطنين يظهرون ضجرا من هذه الإجراءات، مطالبين بالعودة إلى حياة ما قبل كورونا. وخرجت في التاسع من مايو الحالي، مظاهرات في عدة مدن ألمانية احتجاجا على تلك القيود، واتهم المتظاهرون الساسة والأطباء بإثارة الذعر وتقليص الحقوق الأساسية للشعب على خلفية أزمة كورونا، ورفعوا شعار (اخلعوا الكمامة).
وانعكست مثل هذه السلوكيات على بيانات رسمية ظهرت أول من أمس تشير إلى تفشي فيروس كورونا المستجد مجددا في ألمانيا، وفقاً لبيانات معهد روبرت كوخ، المعني بالأمراض المعدية وغير المعروفة. وحتى نهاية الأسبوع الماضي، كان معدل انتقال العدوى منخفضا في ألمانيا حيث بلغ 0.65، ووصل المعدل يوم السبت إلى 1.1، ما يعني أنه يمكن لعشرة مصابين نقل العدوى إلى ما معدله 11 شخصا آخرين، ثم ارتفع الأحد إلى 1.13. بينما يشدد المعهد على أنه لا يمكن السيطرة على تفشي الوباء وإبطائه إلا بإبقاء المعدل تحت الواحد. ومع اتخاذ بعض الولايات الأميركية الخطوات الألمانية نفسها من تخفيف القيود، توقع معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن عبر نموذج توقعات تم تصميمه، وفاة أكثر من 137 ألف أميركي بالفيروس بحلول أوائل أغسطس (آب) المقبل.
وقال كريستوفر موراي مدير المعهد في بيان صحافي على موقع المعهد الإلكتروني: «ما لم نر شروطاً تتخذ بالتزامن مع تخفيف القيود، مثل وجود اختبار سريع للكشف عن الفيروس وعزل الأشخاص الذين ثبتت فاعليتهم وتتبع مخالطيهم، وانتشار استخدام الكمامات في الأماكن العامة، فهناك احتمال كبير لحدوث إصابات جديدة».
ما أشار إليه موراي يشدد عليه دكتور محمد سمير، مدرس علم الفيروسات بقسم الأمراض المشتركة بكلية الطب البيطري جامعة الزقازيق «شمال شرقي القاهرة»، والذي وصف تخفيف القيود دون مراعاة الشروط الصحية من ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، بأنه أشبه بـ«الانتحار» لأنه ينطوي على «استهانة غير مقبولة» بقدرات هذا الفيروس الخبيث، على حد وصفه. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «رغم أن عدوى بكتيريا السل يمكن أن ينقلها مصاب إلى 10 أشخاص، فإن فيروس كورونا الذي ينتقل من مصاب إلى عدد من 2 إلى 3 أشخاص، يبدو هو الأخطر». ويضيف: «حتى الأشخاص من أصحاب المناعة القوية يمكن أن يتأثروا بالفيروس ويسبب لهم أعراضا مرضية، إذا أصيبوا بجرعة كبيرة منه فوق طاقة جهازهم المناعي على الاحتمال، أو قد يصابون بإحدى السلالات القوية من الفيروس، حيث تشير أغلب الدراسات حاليا إلى وجود أكثر من سلالة له».
وإلى أن يوجد لقاح يمكن أن يوفر الحماية من الفيروس، فليس من سبيل أمام هذه القدرات غير العادية للفيروس، سوى الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي مع اضطرار أغلب دول العالم إلى تخفيف القيود إنقاذا للاقتصاد.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

مونتينيغرو تسلم «دو كوون» مؤسس العملات الرقمية المشفرة إلى أميركا

مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
TT

مونتينيغرو تسلم «دو كوون» مؤسس العملات الرقمية المشفرة إلى أميركا

مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)
مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون (رويترز)

قامت جمهورية مونتينيغرو (الجبل الأسود)، اليوم الثلاثاء، بتسليم مؤسس العملات الرقمية الكوري الجنوبي دو كوون «ملك العملات الرقمية المشفرة» إلى الولايات المتحدة، بعد القرار الذي اتخذته وزارة العدل في وقت سابق من الشهر الجاري بقبول طلب أميركي، ورفض طلب التسليم الكوري الجنوبي، حسبما قالت السلطات في الدولة الواقعة بمنطقة البلقان.

وقالت الشرطة إن ضباط المكتب المركزي الوطني للإنتربول في مونتينيغرو سلموا دو كوون، مؤسس شركة العملات المشفرة السنغافورية «تيرافورم لابس»، إلى ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) عند المعبر الحدودي بمطار بودجوريتشا.

وقال بيان للشرطة نقلته وكالة «أسوشييتد برس»: «اليوم، في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024، تم تسليمه (دو كوون) إلى سلطات إنفاذ القانون المختصة في الولايات المتحدة ورجال مكتب التحقيقات الاتحادي».

يذكر أنه بعد صراع قانوني طويل، تقدّمت كوريا الجنوبية، وطن كوون الأصلي، والولايات المتحدة بطلبين لتسليم كوون.

ويتهم الادعاء في كلا البلدين كوون بالاحتيال من بين تهم أخرى. وقد تم اعتقال كوون في مونتينيغرو في مارس (آذار) 2023.

ومؤخراً، قضت المحكمة العليا في مونتينيغرو بأن طلبي التسليم صحيحان من الناحية القانونية، الأمر الذي ترك لوزير العدل مهمة الاختيار بين البلدين طالبي التسليم.

وكان كوون قد أنشأ العملتين المشفرتين «تيرا» و«لونا» في سنغافورة. ومع ذلك، انهار نظام العملتين بشكل مدو في مايو (أيار) من العام الماضي، ما ترك المستثمرين «بلا شيء».

وتردد أن الإفلاس تسبب في خسائر بلغت 40 مليار دولار.

ثم اختفى كوون. وأصدر الإنتربول «منظمة الشرطة الجنائية الدولية» مذكرة اعتقال دولية بحقه في سبتمبر (أيلول).

وفي مارس 2023، تم اعتقال كوون وشريكه التجاري هون تشاند يون في بودجوريتشا، أثناء محاولتهما السفر إلى دبي بجوازي سفر مزورين من كوستاريكا.

وحُكم عليهما بالسجن في مونتينيغرو لعدة أشهر بتهمة تزوير وثائق، وفي وقت لاحق تم احتجازهما في انتظار تسليمهما.