موالون للنظام يدعون لافروف إلى «لجم الصحافة» و«منع انتقاد الأسد»

TT

موالون للنظام يدعون لافروف إلى «لجم الصحافة» و«منع انتقاد الأسد»

أثار بيان نشر أمس، تحت عنوان «بيان من الإعلاميين والمثقفين السوريين والعرب حول الإعلام الروسي» موجة جديدة من السجالات حول الرسائل الإعلامية المتبادلة بين دمشق وموسكو، خصوصا أنه جاء على شكل رسالة مفتوحة موجهة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، تطالب بوضع حد لما وصف بأنه «إساءات وافتراءات» وردت في تغطيات وسائل الإعلام الروسية أخيرا، و«استهدفت بشكل شخصي الرئيس بشار الأسد».
وحمل البيان - الرسالة عبارات إشادة وتقدير للدور الروسي «الهام في منطقتنا والعالم»، مطالبا لافروف والمسؤولين الروس بمواجهة «بعض الأخطاء المؤذية والإساءات المتكررة لأواصر صداقتنا التاريخية». ولفت إلى أن «تكرار الأخطاء المهنية أوقع الإعلام الصديق في خانة الإعلام المعادي الذي يتعمد التضليل والافتراء». وتوقف البيان مجددا عند المقابلة التي أجرتها قناة «روسيا اليوم» مع المعارض السوري فراس طلاس، وتحدثت فيها عن جوانب من الفساد في سوريا، ووجه اتهامات للأسد بالضلوع المباشر فيه. ووصفت الرسالة طلاس بأنه «داعم للإرهاب» وغمزت من قناة الصحافي سلام مسافر الذي أجرى المقابلة في إطار برنامجه «قصارى القول».
وختم أصحاب البيان بالمطالبة بـ«ضرورة عدم تكرار ما حدث، وتجنب سوء استخدام منابركم من قبل البعض (...) والتهجم على الرئيس الأسد دون غيره من الزعماء العرب».
وبرغم أن البيان كان «ركيكا ومهتزا من حيث الأسلوب والبناء» وفقا لمعلقين في موسكو، فإن الأهم هي «الدعوة إلى لجم الصحافة ومنعها من ممارسة حقها في عرض وجهات نظر متعددة»، كما قال لـ«الشرق الاوسط» صحافي روسي اطلع على بعض فقرات البيان. ورأى أن لهجة البيان وصياغته تعكسان اتساع حجم القلق لدى النخب السورية الموالية للنظام، حيال الموقف الروسي، علما بأن موسكو تجنبت طوال الفترة الماضية إعلان موقف رسمي إزاء الحملات الإعلامية.
اللافت في البيان أيضا، أنه جاء ليخفف من اندفاع بعض البرلمانيين والإعلاميين السوريين الذين شنوا حملات أخيرا على روسيا، وبينهم البرلماني خالد العبود الذي قلل من أهمية الدور الروسي في سوريا ووجه تهديدات مباشرة لموسكو، ولفت الأنظار أنه كان بين الموقعين على البيان الجديد.
وكان مصدر روسي قال في وقت سابق إنه لا يستبعد «أن يحرك النظام موالين له لتخفيف تداعيات الرسائل الإعلامية السابقة التي وجهها لموسكو عبر العبود وعدد آخر من المعلقين».
ودخلت أخيرا صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية على خط السجالات الجارية، وكتبت في تحليل لـ«الرسائل الإعلامية» التي وجهتها دمشق، أن «الخبراء يعتبرون أن مقالة العبود هي إشارة واضحة للكرملين». ووصفت العبود بأنه «يوالي إيران» و«يشيد بالحلفاء التقليديين لنظام الأسد مثل إيران و(حزب الله) والذين برأيه وضعوا أسس النصر وليس روسيا».
ونقلت الصحيفة عن محلل أن «النخبة الحاكمة في سوريا تلقت الحملة الإعلامية الروسية بقلق بالغ، ولذلك اختارت الأجهزة السورية خالد العبود وبعض المعلقين الآخرين ليوصلوا الرسالة إلى القيادة الروسية». فيما أشار محلل آخر إلى أن «النظام يمسك بالعملية فهو يطلق البعض لمهاجمة موسكو، ثم يطلق فريقا آخر للإشادة بروسيا ودورها حتى يحافظ على التوازن».
أيضا نقلت «نيزافيسيمايا غازيتا» عن الممثل الأميركي السابق للتحول السياسي في سوريا فريدريك هوف أن «التوتر بين الكرملين والأسد واضح جدا. فموسكو تريد من النظام أن يشارك في المفاوضات السياسية التي يمكن أن تحافظ على وجوده، وبتقاسم السلطة يمكن للنظام أن يوسع قاعدته السياسية. ولكن بشار الأسد أقنع نفسه بأنه ضروري لمصلحة بوتين السياسية. لذلك لا يرى الأسد أي حاجة لإجراء تنازلات ولا لتقاسم السلطة مع أحد والأسد مقتنع بأن إيران وروسيا مجبرتان بسبب مصالحهما الخاصة على دعمه ودعم جيشه المتهالك لتحقيق النصر الكامل». وأضاف الدبلوماسي الأميركي: «يعتقد نظام الأسد بأنه يقع في مركز الكون السياسي. أما الكرملين فيمكن أن يفقد الصبر بسبب فساد النظام وعدم قدرته وعدم تأهيله وعجرفته».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.