«كورونا» يعزز من انتشار «وباء الوحدة»

رجل يجلس وحيداً مقابل نهر بالقرب من ترينداد (أرشيف - رويترز)
رجل يجلس وحيداً مقابل نهر بالقرب من ترينداد (أرشيف - رويترز)
TT

«كورونا» يعزز من انتشار «وباء الوحدة»

رجل يجلس وحيداً مقابل نهر بالقرب من ترينداد (أرشيف - رويترز)
رجل يجلس وحيداً مقابل نهر بالقرب من ترينداد (أرشيف - رويترز)

خلال تجولها في مدينة كيرني بولاية ميسوري الأميركية، تشعر كاتي هودغسون ببعض الأحاسيس المتناقضة. فهي تحب رؤية الآخرين في الخارج، لأن ذلك يذكّرها بنمط الحياة قبل تفشي فيروس «كورونا». لكن هودغسون، وهي معلمة تبلغ من العمر 41 عاماً وتعيش بمفردها بعدما حصلت على الطلاق من زوجها، تقول إن رؤية عائلات سعيدة تلعب في الخارج يمكن أن يدفعها أيضاً إلى التعمق في دوامة الوحدة، حسب تقرير لمجلة «التايم».
وتضيف هودغسون: «كما تعلم، بقدر ما أقدر حصولي على الاستقلالية العام الماضي، بقدر ما أشعر أنني بحاجة إلى شخص ليجلس إلى جانبي في الليل».
وتقول هودغسون إن المفارقة هي أنها شعرت بسعادة غامرة للعيش بمفردها قبل تفشي جائحة الفيروس التاجي، والاستمتاع بـوقتها والقدرة على رؤية الأصدقاء كلما أرادت. ولكن الآن، بعد أن أصبحت تعيش بمفردها في شقتها خلال الإغلاق الذي سبّبه الوباء، فهي تشعر بفراغ ووحدة بشكل حاد.
وتوضح هودغسون: «في بعض الأيام أبتسم وأشعر أنني بخير... وفي أيام أخرى أتجول في المنزل وأتساءل عما إذا كان ذلك سيستغرق وقتاً أطول من اللازم، فهل سأكون قادرة على تحمل الوضع عقلياً؟ هل يمكنني أن أعيش وحدي لأشهر، أو ربما سنة؟».
وحتى قبل جائحة «كورونا»، كان خبراء الصحة العامة قلقين بشأن ما يطلق عليه اسم «وباء الوحدة» في الولايات المتحدة.
وقد فاقم الفيروس التاجي من هذه المشكلة، مع كون معظم طرق التواصل الاجتماعي للأشخاص الذين لا يزالون يخضعون للحجر المنزلي محدودة إلى أجل غير مسمى.
وبالنسبة إلى 35.7 مليون أميركي يعيشون بمفردهم، فإن هذا يعني عدم وجود اتصال اجتماعي ذي مغزى على الإطلاق مع أحد، ربما لأشهر متتالية.
ويعبّر الخبراء عن قلقهم حول تداعيات الصحة العقلية لهذا العزل الواسع الانتشار، خصوصاً أنه لا توجد نقطة متفق عليها بخصوص تحول الوحدة الحادة إلى مشكلة مزمنة ذات عواقب طويلة المدى. وحذرت مجموعة من الأطباء من مستشفى بوسطن للأطفال وكلية الطب بجامعة هارفارد من أن الابتعاد الجسدي والضغط الناجم عن الوباء، إلى جانب ارتفاع مبيعات الأسلحة النارية، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم النزعة الانتحارية في البلاد.
من ناحية أخرى، فإن بعض المدافعين عن الصحة النفسية متفائلون بأن «كوفيد - 19» ربما يمهد الطريق لمستقبل أكثر ارتباطاً اجتماعياً.
وقد يكون من الصعب أيضاً التأكد ممّا إذا كان الشعور بالوحدة هو أحد العوارض أو سبباً رئيسياً لمشكلة صحية أكبر: هل يبتعد شخص ما عن الحياة الاجتماعية لأنه يعاني من الاكتئاب، أو يصبح مكتئباً لأنه وحيد؟ على أي حال، تُظهر الدراسات أن الوحدة المزمنة لها روابط واضحة بمجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك الخرف والاكتئاب والقلق وإيذاء الذات وأمراض القلب وتعاطي المخدرات.
وتُظهر الدراسات أن الأشخاص الذين ليس لديهم دعم اجتماعي يتمتعون أيضاً بفرص أقل للشفاء التام بعد الإصابة بمرض خطير مقارنةً بالأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية قوية. وغالباً ما تشبّه العواقب الصحية للوحدة بتدخين 15 سيجارة يومياً.
ومنذ أن أُجبر السكان على البقاء في المنزل، أفاد نحو ثلث الأميركيين البالغين بأنهم يشعرون بالوحدة أكثر من المعتاد، وفقاً لمسح أجرته شركة المشورة الاجتماعية «سوشيال برو» في أبريل (نيسان). وقدر استطلاع آخر، أُجري في أبريل أيضاً أن الرقم أعلى ويصل إلى نسبة 47%.
وإذا كانت الصورة النمطية لشخص وحيد هي شخص بالغ مسنّ واهن يعيش بمفرده، فقد كشفت جائحة الفيروس التاجي عن الحقيقة التي كانت موجودة طوال الوقت: يمكن لأي شخص في أي مكان ومن أي عمر أن يشعر بالوحدة.
ووجد استطلاع «سوشيال برو» الذي أُجري على 1228 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 18 و75 عاماً ويعيشون في الغالب في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، أن 20% على الأقل من المستجيبين من كل فئة عمرية يشعرون بوحدة أكبر حدة من المعتاد نتيجة «كورونا». وكان جيل الألفية من بين الفئات العمرية الأكثر احتمالاً للشعور بالوحدة قبل «كورونا»، وهذا لا يختلف الآن، حيث قال 34% من جيل الألفية في الاستطلاع إنهم كانوا «دائماً أو غالباً» أكثر عزلة بسبب الوباء.
أيضاً، قال نحو 25% من النساء و30% من الرجال إنهم شعروا بالوحدة المتعلقة بالفيروس التاجي. ولا يرتبط الشعور بالوحدة بالضرورة، بالعيش وحيداً أو مع عائلة.
وأمضت كايترين غلادو، البالغة من العمر 41 سنة، الشهرين الماضيين في المنزل في نيو أورلينز مع زوجها وأطفالها الثلاثة الصغار، لكنها تقول إنها لم تشعر بهذا القدر من الوحدة من قبل.
وتقول إنها لا تملك طاقة على الإطلاق للعناية الذاتية، حيث إنها تحاول جاهدة التنسيق بين تدريس الأطفال ورعايتهم والاهتمام بمنزلها، حيث إنها تتعامل مع الإجهاد والقلق بسبب الفيروس التاجي.


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
TT

الذكاء الاصطناعي يكشف عن أولى علامات سرطان الثدي

تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)
تكشف التقنية الجديدة عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من الورم (جامعة إدنبرة)

أظهرت طريقة فحص جديدة تجمع بين التحليل بالليزر والذكاء الاصطناعي إمكانية التعرف على أولى علامات الإصابة بسرطان الثدي؛ ما قد يُسهم في تحديد الإصابة في مرحلة مبكرة جداً من المرض.

وتكشف التقنية غير الجراحية التي طوّرها فريقٌ من الباحثين من جامعة إدنبرة بالتعاون مع عددٍ من باحثي الجامعات الآيرلندية، عن تغيرات دقيقة تحدث في مجرى الدم أثناء المراحل الأولية من المرض، التي لا يمكن اكتشافها بالاختبارات الحالية، وفق الفريق البحثي.

وقال الدكتور آندي داونز، من كلية الهندسة في جامعة إدنبرة، الذي قاد الدراسة: «تحدث معظم الوفيات الناجمة عن السرطان بعد تشخيصٍ متأخرٍ بعد ظهور الأعراض، لذلك يمكن لاختبارٍ جديدٍ لأنواع متعدّدة من السرطان أن يكتشف هذه الحالات في مرحلة يُمكن علاجها بسهولة أكبر».

وأضاف في بيان، الجمعة، أن «التشخيص المبكّر هو مفتاح البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، وأخيراً لدينا التكنولوجيا المطلوبة. نحتاج فقط إلى تطبيقها على أنواع أخرى من السرطان وبناءِ قاعدة بيانات، قبل أن يمكن استخدامها بوصفها اختباراً لكثيرٍ من الأورام».

ويقول الباحثون إن طريقتهم الجديدة تُعدّ الأولى من نوعها، ويمكن أن تحسّن الكشف المبكر عن المرض ومراقبته وتمهد الطريق لاختبار فحص لأشكال أخرى من السرطان.

نتائجُ الدراسة التي نشرتها مجلة «بيوفوتونيكس» اعتمدت على توفير عيّنات الدم المستخدمة في الدراسة من قِبَل «بنك آيرلندا الشمالية للأنسجة» و«بنك برِيست كانسر ناو للأنسجة».

ويُمكن أن تشمل الاختبارات القياسية لسرطان الثدي الفحص البدني أو الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو تحليل عينة من أنسجة الثدي، المعروفة باسم الخزعة.

وتعتمد استراتيجيات الكشف المبكّر الحالية على فحص الأشخاص بناءً على أعمارهم أو ما إذا كانوا في مجموعات معرّضة للخطر.

باستخدام الطريقة الجديدة، تمكّن الباحثون من اكتشاف سرطان الثدي في أقرب مرحلة ممكنة من خلال تحسين تقنية التحليل بالليزر، المعروفة باسم مطيافية «رامان»، ودمجها مع تقنيات التعلّم الآلي، وهو شكلٌ من أشكال الذكاء الاصطناعي.

وقد جُرّبت طرق مماثلة لفحص أنواع أخرى من السرطان، ولكن أقرب وقت يمكن أن يُكتشف فيه المرض كان في المرحلة الثانية، كما يقول الباحثون.

وتعمل التقنية الجديدة عن طريق تسليط شعاع الليزر أولاً على بلازما الدم المأخوذة من المرضى. ومن ثَمّ تُحلّل خصائص الضوء بعد تفاعله مع الدم باستخدام جهازٍ يُسمّى مطياف «رامان» للكشف عن تغييرات طفيفة في التركيب الكيميائي للخلايا والأنسجة، التي تُعدّ مؤشرات مبكّرة للمرض. وتُستخدم بعد ذلك خوارزمية التعلم الآلي لتفسير النتائج، وتحديد السمات المتشابهة والمساعدة في تصنيف العينات.

في الدراسة التجريبية التي شملت 12 عينة من مرضى سرطان الثدي و12 فرداً آخرين ضمن المجموعة الضابطة، كانت التقنية فعّالة بنسبة 98 في المائة في تحديد سرطان الثدي في مرحلة مبكرة جداً من مراحل الإصابة به.

ويقول الباحثون إن الاختبار يمكن أن يميّز أيضاً بين كلّ من الأنواع الفرعية الأربعة الرئيسة لسرطان الثدي بدقة تزيد على 90 في المائة، مما قد يُمكّن المرضى من تلقي علاج أكثر فاعلية وأكثر شخصية، بما يُناسب ظروف كل مريض على حدة.