مع المخاوف من غياب المصل... هل تنجح «مناعة القطيع» في مواجهة «كورونا»؟

أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
TT

مع المخاوف من غياب المصل... هل تنجح «مناعة القطيع» في مواجهة «كورونا»؟

أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)
أشخاص يرتدون كمامات خلال قيامهم بجولة بمتنزه «ديزني لاند» في شنغهاي بالصين (إ.ب.أ)

ارتبط انتشار فيروس «كورونا» المستجدّ بتسليط الضوء على بعض المصطلحات الصحية التي لم تكن ذائعة الصيت قبل ذلك، ومن هذه المصطلحات «مناعة القطيع».
ففي أواسط شهر مارس (آذار) الماضي ذاع مصطلح «مناعة القطيع» (أو المناعة الجَمْعية) بالتزامن مع دعوة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى اتباع هذه الاستراتيجية في مواجهة فيروس «كورونا».

فماذا تعني «مناعة القطيع»؟ وهل هي ناجحة في مواجهة مرض «كوفيد19» الذي يسببه الفيروس؟
تستند استراتيجية «مناعة القطيع» إلى ممارسة الحياة بشكل طبيعي بحيث يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وعندها تتعرف أجهزتهم المناعية على الفيروس وتحاربه إذا ما هاجمهم الفيروس مجدداً.
وتعتمد سياسة «مناعة القطيع» في التعامل مع تفشي «كورونا» على تكوين «مناعة جماعية» بين السكان في حال تفشّي الفيروس ببطء. كما تعتمد على مواجهة «غير مشددة» للفيروس. وترتكز فكرة «مناعة القطيع» على حماية الأفراد المعرضين للخطر من العدوى بشكل أساسي.
ويُنظر إلى «مناعة القطيع» عادة على أنها استراتيجية وقائية في برامج التلقيح، لكن إذا لم يكن هناك لقاح للمرض، كما في حالة «كورونا»، فإن تحقيق مناعة القطيع قد يدفع بنسبة كبيرة من السكان للإصابة والتعافي، حسب «المعهد الوطني البريطاني للحساسية والأمراض المُعدية».
وعلى عكس التطعيم، فإن «مناعة القطيع» لا تعطي مستوى عالياً من الحماية الفردية، وبالتالي فهي ليست بديلاً جيداً للتلقيح.

هل تعدّ «مناعة القطيع» استراتيجية جيدة في مواجهة «كوفيد19»؟
قال المدير التنفيذي لـ«برنامج الطوارئ الصحية» لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور مايك رايان، إن مفهوم مناعة القطيع «خطير». وأوضح خلال مؤتمر صحافي، الاثنين، أن «هذه الفكرة القائلة بأن البلدان التي كانت لديها إجراءات متساهلة ولم تفعل أي شيء، ستصل فجأة بشكل سحري إلى بعض مناعة القطيع... وماذا إذا فقدنا بعض كبار السن على طول الطريق؟ هذا تصور خطير وخطير حقاً».
وأضاف رايان أن مصطلح «مناعة القطيع» مأخوذ من علم الأوبئة البيطرية، حيث «يهتم الناس بالصحة العامة للقطيع، ولا يهم الحيوانات الفردية هذا المعنى... البشر ليسوا قطعاناً». وقال إن العالم بحاجة إلى توخي الحذر عند استخدام المصطلح، لأنه «يمكن أن يؤدي إلى عملية حسابية وحشية للغاية لا تضع الناس والحياة والمعاناة في مركز تلك المعادلة».
كما شكك جيريمي روسمان، أستاذ علم الفيروسات في جامعة «كينت» البريطانية، في نجاعة هذه الاستراتيجية، وأعرب عن اعتقاده بأن «مناعة القطيع» قد لا تكون فعالة في مواجهة فيروس «كورونا»، مرجحاً تطور الفيروس جينياً؛ الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
بدوره، قال البروفسور مارك وولهاوس، أستاذ علم الأوبئة والأمراض المُعدية في جامعة إدنبره في اسكوتلندا، إن مفهوم مناعة القطيع هو «أساس جميع برامج التطعيم». وأضاف أن «مناعة القطيع» يمكن أن تحدث بشكل طبيعي إذا ما تعرض عدد من الناس للعدوى، حيث يولّدون أجساماً مناعية مضادة تحد من قدرة الفيروس على الانتشار على نطاق واسع، رغم أنها لن تكبح تماماً تفشي الفيروس أو تمنع انتشاره بشكل كامل، خصوصاً في المجتمعات التي لم تكتسب المناعة بعد.

هل حقاً الأجسام المضادة لفيروس «كورونا» تكونت لدى كثير من البشر وستحميهم من عودة الإصابة؟
نشرت وكالة «رويترز» للأنباء في 10 أبريل (نيسان) الماضي مقالاً لجيونغ أون كيونغ، مديرة «مركز مكافحة الأوبئة» في كوريا الجنوبية، يفيد بأن التقارير الطبية الواردة من هناك توضح إصابة أعداد من المرضى الذين شفوا من وباء «كورونا» في السابق.
ويشير التقرير إلى تشخيص 91 حالة لمواطنين أصيبوا بالفيروس للمرة الثانية بعدما تعافوا منه في السابق (ازدادت أعدادهم لاحقاً)، وهو ما يطرح كثيراً من علامات الاستفهام حول فهم العلماء لطبيعة الفيروس الجديد وطريقة تفاعله مع الخلايا البشرية، حيث يظن أكثر الدول أن شعوبها ستتمكن من تكوين مناعة ذاتية للفيروس بعد فترة قليلة من انتشاره بما يمنع عودة تفشيه مجدداً؛ وهو الأمر الذي يتضح الآن أنه غير حقيقي.
ورجح التقرير فرضية أن الفيروس يعاود نشاطه مرة أخرى لدى بعض المصابين بعدما تنتهي أعراض الإصابة.


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
TT

رحيل الإعلامية ليلى رستم يذكّر ببدايات التلفزيون المصري

الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)
الإعلامية المصرية ليلى رستم من جيل الرواد بالتلفزيون المصري (منصة إكس)

رحلت الإعلامية المصرية ليلى رستم، الخميس، عن عمر يناهز 88 عاماً، بعد تاريخ حافل في المجال الإعلامي، يذكّر ببدايات التلفزيون المصري في ستينات القرن العشرين، وكانت من أوائل المذيعات به، وقدمت برامج استضافت خلالها رموز المجتمع ومشاهيره، خصوصاً في برنامجها «نجمك المفضل».

ونعت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة الكاتب أحمد المسلماني، الإعلامية القديرة ليلى رستم، وذكرت في بيان أن الراحلة «من الرعيل الأول للإعلاميين الذين قدموا إعلاماً مهنياً صادقاً متميزاً وأسهموا في تشكيل ثقافة ووعي المشاهد المصري والعربي، حيث قدمت عدداً من البرامج التي حظيت بمشاهدة عالية وشهرة واسعة».

والتحقت ليلى بالتلفزيون المصري في بداياته عام 1960، وهي ابنة المهندس عبد الحميد بك رستم، شقيق الفنان زكي رستم، وعملت مذيعةَ ربط، كما قدمت النشرة الفرنسية وعدداً من البرامج المهمة على مدى مشوارها الإعلامي، وفق بيان الهيئة.

ليلى رستم اشتهرت بمحاورة نجوم الفن والثقافة عبر برامجها (ماسبيرو زمان)

وتصدر خبر رحيل الإعلامية المصرية «التريند» على منصتي «غوغل» و«إكس» بمصر، الخميس، ونعاها عدد من الشخصيات العامة، والعاملين بمجال الإعلام والسينما والفن، من بينهم الإعلامي اللبناني نيشان الذي وصفها على صفحته بمنصة «إكس» بأنها «كسرت طوق الكلاسيكية في الحوار ورفعت سقف الاحترام والمهنية».

كما نعاها المخرج المصري مجدي أحمد علي، وكتب على صفحته بموقع «فيسبوك» أن المذيعة الراحلة «أهم مذيعة رأتها مصر في زمن الرواد... ثقافة ورقة وحضوراً يفوق أحياناً حضور ضيوفها».

واشتهرت ليلى رستم بلقب «صائدة المشاهير»؛ نظراً لإجرائها مقابلات مع كبار الشخصيات المؤثرة في مصر والعالم؛ مما جعلها واحدة من أعلام الإعلام العربي في تلك الحقبة، وقدّمت 3 من أبرز برامج التلفزيون المصري، وهي «الغرفة المضيئة»، «عشرين سؤال»، و«نجمك المفضل»، بالإضافة إلى نشرات إخبارية ضمن برنامج «نافذة على العالم»، وفق نعي لها نشره الناقد الفني المصري محمد رفعت على «فيسبوك».

الإعلامية المصرية الراحلة ليلى رستم (إكس)

ونعاها الناقد الفني المصري طارق الشناوي وكتب عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «ودّعتنا الإعلامية القديرة ليلى رستم، كانت أستاذة لا مثيل لها في حضورها وثقافتها وشياكتها، جمعت بين جمال العقل وجمال الملامح»، معرباً عن تمنيه أن تقدم المهرجانات التلفزيونية جائزة تحمل اسمها.

ويُعدّ برنامج «نجمك المفضل» من أشهر أعمال الإعلامية الراحلة، حيث استضافت خلاله أكثر من 150 شخصية من كبار الأدباء والكتاب والصحفيين والفنانين، من بينهم طه حسين، وعبد الحليم حافظ، وأحمد رمزي، وفاتن حمامة وتوفيق الحكيم، كما أجرت مقابلة شهيرة مع الملاكم الأميركي محمد علي كلاي.

وأبرزت بعض التعليقات على «السوشيال ميديا» حوار الإعلامية الراحلة مع كلاي.

وعدّ رئيس تحرير موقع «إعلام دوت كوم» محمد عبد الرحمن، رحيل ليلى رستم «خسارة كبيرة» وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإعلامية الراحلة كانت تنتمي إلى جيل المؤسسين للتلفزيون المصري، وهو الجيل الذي لم يكن يحتاج إلى إعداد أو دعم، لكن دائماً ما كان قادراً على محاورة العلماء والمفكرين والفنانين بجدارة واقتدار»، موضحاً أن «القيمة الكبيرة التي يمثلها هذا الجيل هي ما جعلت برامجهم تعيش حتى الآن ويعاد بثها على قنوات مثل (ماسبيرو زمان) ومنصة (يوتيوب) وغيرهما، فقد كانت الإعلامية الراحلة تدير حواراً راقياً يحصل خلاله الضيف على فرصته كاملة، ويبرز الحوار حجم الثقافة والرقي للمذيعين في هذه الفترة».

بدأ أول بث للتلفزيون المصري في 21 يوليو (تموز) عام 1960، وهو الأول في أفريقيا والشرق الأوسط، واحتفل بعدها بيومين بعيد «ثورة 23 يوليو»، وبدأ بقناة واحدة، ثم قناتين، ثم قنوات متعددة تلبي احتياجات شرائح مختلفة من المجتمع، ومع الوقت تطور التلفزيون المصري ليصبح قوة للترفيه والمعلومات، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وشهدت بدايات التلفزيون ظهور إعلاميين مثَّلوا علامة بارزة فيما بعد في العمل التلفزيوني مثل أماني ناشد، وسلوى حجازي، وصلاح زكي وأحمد سمير، وكانت ليلى رستم آخر من تبقى من جيل الروَّاد المؤسسين.