تركيا تنزعج من موقف «الخماسي الدولي»... ودعوات لتوسيع الحشد ضدها

«الوطني الليبي» اعتبره اعترافاً بـ«شرعيته»... وحكومة «الوفاق» تستغربه

TT

تركيا تنزعج من موقف «الخماسي الدولي»... ودعوات لتوسيع الحشد ضدها

خلّف بيان الدول الخمس المناوئ للسياسات التركية في نطاق البحر المتوسط وليبيا، ردود أفعال كبيرة في أنقرة، التي بدت «منزعجة» وردت بتعبيرات «قاسية» على الموقف، فضلاً عن انعكاسه على داخل ليبيا، التي اعتبر «جيشها الوطني» أن الموقف يعد «اعترافاً بشرعيته»، في حين استغربته «حكومة الوفاق الوطني» الحليفة مع تركيا.
وأعلنت كل من مصر، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، واليونان، وقبرص»، أمس، موقفاً مشتركاً، اعتبره مراقبون «قوياً»، حيث نددت فيه بـ«أنشطة التنقيب عن النفط والغاز، التي تقوم بها تركيا في شرق البحر المتوسط ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، واعتباره انتهاكاً للقانون الدولي، إلى جانب مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا وحكومة (الوفاق الوطني)، برئاسة فائز السراج».
كما ندد وزراء خارجية الدول الخمس بـ«التدخل العسكري التركي في ليبيا، وطالبوا أنقرة بالاحترام الكامل لحظر السلاح الأممي» إلى ليبيا.
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، على البيان المشترك بعبارات لاذعة، أمس، منتقداً ما سماه بـ«استنجاد اليونان وقبرص بجهات فاعلة غير إقليمية، وليست لها صلة بالموضوع، عوضاً عن التحاور مع تركيا».
كما دافع أكصوي عن سياسات بلاده، بالقول إنها «لحماية مصالحها المشروعة على أساس القانون الدولي»، وكال في الوقت نفسه اتهامات لأطراف مشاركة في الموقف الخماسي المناوئ لتركيا.
بدوره، رأى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش، أن الاجتماع الخماسي الذي دعت له مصر، وشاركت فيه فرنسا واليونان وقبرص والإمارات، والبيان الصادر عنه «رسالة دبلوماسية متزنة».
وفي حين أشار قرقاش في تغريدة عبر حسابه الرسمي، أمس، إلى أن «ثقل الدول المشاركة، وسعيها إلى تعزيز الاستقرار وتغليب القانون الدولي لا يمكن تجاهله»، لفت أيضاً إلى أن الموقف «صدر عن منصة مهمة، تأسست من خلال تغليب لغة القانون الدولي على قوانين الغاب»، حسب تعبيره.
من جانبه، رأى وزير خارجية مصر الأسبق، محمد العرابي، أنه «يجب على أطراف التحالف الخماسي توسيع نطاق حشدهم لدول أخرى، قصد مواجهة ولجم السياسيات الإقليمية التركية، التي تنتهك الأمن القومي للدول ذات الصلة بتحركاتها، خصوصاً مع سعيها لتحقيق نقاط تواجد في ليبيا، وقطر، وشمال العراق، وجنوب اليمن».
وقال العرابي لـ«الشرق الأوسط»، إن تزامن الموقف الخماسي المزعج لتركيا، مع عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة تدفق السلاح باتجاه ليبيا، «يجب أن يكون على جدول أعمال التحالف الخماسي، بهدف العمل على إعطاء قوات المراقبة صلاحيات، وقدرات أكبر لوقف نقل السلاح التركي إلى الميليشيات، والعصابات الإرهابية الأخرى في شمال أفريقيا، ودول الساحل والصحراء».
وتباينت ردود الأفعال في ليبيا حيال «الموقف الخماسي»؛ إذ اعتبر «الجيش الوطني»، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن هذا البيان الخماسي يعد بمثابة «اعتراف دولي بشرعيته»، وتأكيد على «محورية دوره في محاربة الإرهاب»، في حين أعربت وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق» عن استغرابها الشديد لما احتواه من «مغالطات»، حسب وصفها.
وانقسمت النخبة السياسية في البلاد حول نظرتها للبيان الخماسي؛ إذ قال محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن ما صدر عن الدول الخمس «يوضح حجم الاعتداءات التي يمارسها النظام التركي على حقوق الدول، والتشريعات التي تنظم العلاقات فيما بينها، بهدف الاستغلال الاقتصادي للثروات، فضلاً عن تدخله العسكري المباشر في قتل الليبيين وتدمير أرزاقهم».
وجاءت هذه التصريحات بعد أن تعهد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، في مؤتمر صحافي عقده في بنغازي مساء أول من أمس، بأن تنتهي «أحلام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، التوسعية في ليبيا»، مجدداً قوله بأن «أنقرة نقلت مؤخراً 17 ألف إرهابي من سوريا إلى ليبيا».
في السياق ذاته، رحبت وزارة الخارجية بالحكومة الموازية، غير المعترف بها دولياً، والتي تدير شرق ليبيا، بالبيان الخماسي، مجددة رفضها الكامل مذكرتي التفاهم الموقعتين بين تركيا والسراج بشأن تعيين الحدود البحرية في البحر المتوسط، والتعاون الأمني والعسكري.
وفي المقابل، أبدت وزارة الخارجية بحكومة السراج عن استغرابها الشديد لما احتواه البيان الخماسي بشأن مذكرتي التفاهم، الموقعتين مع تركيا، استغرابها ما وصفته بـ«مغالطات وتجاوزات بحق الدولة الليبية وسيادتها الوطنية». ودعت «الدول المتوسطية إلى مراجعة سياساتها تجاه القضية الليبية، واتخاذ موقف واضح بخصوص إدانة العدوان على العاصمة طرابلس، والانتهاكات بحق المدنيين».
ورأى العباني، النائب عن مدينة ترهونة (غرب)، أنه «آن الأوان لوضع حد لهذا السلوك التركي الإجرامي وممارسته للإرهاب، وما يقوم به من قرصنة وتطاول وتهديد للسلم الدولي وأمن الشعوب»، مشدداً على أنه «يجب على مجلس الأمن الدولي اتخاذ العقوبات الرادعة، والكفيلة بوقف تحركات أنقرة وسعيها الدائم لإرسال مرتزقة إلى بلادنا»، منتهياً إلى أن البيان الخماسي «خطوة تعري وتدين هذا النظام».
وقال المحلل السياسي الليبي، عبد العظيم البشتي، إن موقف اليونان «نابع من خلافها مع تركيا في مسألة الحدود البحرية، واحتجاجها على الاتفاقية التركية - الليبية، وهي ليست معنية بالحرب في بلادنا، ولا حتى بتدخل تركيا فيها، أما باقي الدول الأربع فعليها إذا أرادت حلاً سلمياً للأزمة الليبية، وسحب البساط من تحت أرجل تركيا وتدخلها في ليبيا أن يأمروا بوقف الحرب والجلوس للتفاوض».
وأضاف البشتي، أن حديث المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية عن «السلام في المنطقة لا يتحقق عبر تحالفات الشر، وإنما عن طريق تعاون وحوار حقيقي وصادق»، قد «يعكس بادرة حسن نوايا على كل الأطراف البناء عليها...رغم عدم ثقتي مطلقاً في إردوغان».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».