عبرت جائحة فيروس «كورونا المستجد»، الحدود والمحيطات في بضعة أشهر فقط، لتقتل الآلاف، وتصيب الملايين، ومع ارتفاع عدد الإصابات في العالم، أطلقت الأزمة سباقاً عالمياً لإنتاج اللقاحات والعلاجات والاختبارات التشخيصية، لكن كان هناك سباق من نوع آخر، وهو توظيف الروبوتات في مجال الحد من العدوى وحماية الأرواح.
أحد أهم الإنجازات في هذا المضمار كان الروبوت الآيرلندي «ستيفي»، المخصص لمساعدة الأفراد الأكبر سناً في دور الرعاية، وجاءت أزمة الفيروس لتضيف له وظائف إضافية.
وقاد الدكتور كونور ماكجين، وهو أستاذ في كلية ترينيتي بدبلن في آيرلندا فريق إنتاج الروبوت، عبر شركة «أكارا»، وقال في تقرير نشره موقع مجلة «تايم» الأميركية في 24 أبريل (نيسان) الماضي، إنه من نوعية «الروبوتات الاجتماعية»، ويبلغ ارتفاعه 4 أقدام و7 بوصات، ووظيفته الأساسية هي التخفيف من الشعور بالوحدة.
وفي التجارب التي أجريت على الروبوت في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وأماكن أخرى، تمت برمجته لسرد القصص وتسلية كبار السن، ومع التقارير الأولى عن تفشي الفيروس التاجي في مدينة ووهان بالصين، بدأ الفريق البحثي في استكشاف ما إذا كان «ستيفي» قد يكون قادراً على درء العدوى أيضاً.
والعدوى المكتسبة واحدة من أكبر التهديدات للصحة داخل دور الرعاية، ويقول ماكجين: «تعاونت مع مايكل بيكيت، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في قسم علم الأحياء الدقيقة في كلية ترينيتي بدبلن، لتجهيز الروبوت بميزة الضوء فوق البنفسجي التي ستكون قوية بما يكفي لقتل مسببات الأمراض الضارة، دون أن يكون لها تأثيرات سلبية على نزلاء دور الرعاية والموظفين».
والأشعة فوق البنفسجية المبيدة للجراثيم مطهر راسخ منذ أمد بعيد في أماكن الرعاية الصحية، وعلى مدى السنوات العشر الماضية، اعتمدت المستشفيات في جميع أنحاء العالم آلات التعقيم التي تصدر الضوء، ونظراً لأن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تتسبب أيضاً في حروق الشمس والطفرات الخلوية التي تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، فإن معظم هذه الآلات يمكن أن يعمل بأمان وفاعلية فقط في الغرف الخالية من الأشخاص، مما يجعلها غير عملية للاستخدام في المناطق ذات حركة المرور العالية مثل غرف الانتظار وغيرها من المساحات المشتركة.
وزود الباحثون الروبوت «ستيفي» بأجهزة استشعار تسمح له بالتنقل بشكل مستقل والتوقف عندما يكتشف وجود شخص.
و«أكارا» ليست الشركة الوحيدة التي تعمل على الروبوت المستخدمة في التعقيم، وقامت شركة دنماركية تدعى «يو في دي» بشحن مئات الروبوتات المستخدمة في التعقيم إلى الصين وأماكن أخرى حول العالم منذ بدء تفشي المرض، وتعمل شركات الروبوتات الأخرى في الصين والولايات المتحدة على إعادة تصميم الروبوتات الحالية للمساعدة في التفشي الحالي.
ولجأت إيطاليا هي الأخرى لاستخدام روبوت يسمى «تومي» في مجال آخر وهو مساعدة الأطباء في علاج المرضى لحماية الطواقم الطبية من عدوى الفيروس، عن طريق الحد من الاتصال المباشر بين الأطباء والممرضات والمرضى، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بالعدوى.
ويقوم «تومي» بوظيفة الممرضة، حيث يتضمن وجوهاً عبارة عن شاشات تعمل باللمس تسمح للمرضى بتسجيل الرسائل وإرسالها إلى الأطباء.
هذا الدور الذي تقوم به الروبوتات لخصه مجموعة من 13 باحثاً في افتتاحية مجلة Science Robotics: بشهر مارس (آذار) الماضي، إذ أشاروا إلى أنه «مع تصاعد الأوبئة، أصبحت الأدوار المحتملة للروبوتات واضحة بشكل متزايد».
وحدد الباحثون العديد من المجالات الرئيسية حيث يمكن للروبوتات أن تحدث فرقاً كبيراً في العديد من المهام، من بينها، التطهير باستخدام الأشعة فوق البنفسجية، ومراقبة العلامات الحيوية للمرضى.
وكتب الباحثون «بدلاً من التطهير اليدوي ومراقبة العلامات الحيوية للمرضى بالطرق التقليدية، التي تتطلب تعبئة المزيد من القوى العاملة، يمكن أن تقوم الروبوتات بهذه الوظائف بقليل من التكلفة والسرعة والفاعلية».
ولم تشر هذه الدراسة إلى المجالات الأخرى لاستخدام الروبوت خارج القطاع الطبي، غير أن الدكتور محمد الشاذلي الخبير في مجال هندسة الميكاترونيات يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن الرغبة في تجنب الاحتكاك بين البشر وتقليل عدد الموظفين، قد يعطي دفعة قوية لاستخدام الروبوتات في العديد من المجالات.
ويضيف أن استخدام الروبوت سيتسبب في فقدان بعض العاملين لوظائفهم، ولكنه قد يكون السبيل الوحيد لاستمرار آمن لبعض الأنشطة الاقتصادية.
وأخيراً، بدأت مطاعم الوجبات السريعة مثل «ماكدونالدز» باختبار استخدام الآلات في الطبخ والخدمة، كما تم استخدام الإنسان الآلي في مخازن تابعة لشركات مثل «أمازون»، من أجل تحسين كفاءة الخدمة.
الأوبئة تدعم إحلال الروبوتات محل البشر
«كوفيد ـ 19» عزز التوجه
الأوبئة تدعم إحلال الروبوتات محل البشر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة