الوباء يزلزل قطاع العقارات الهندي

توقعات بخسارة 16 مليار دولار

تفادي المغامرة هو التوجه السائد من جانب المستثمرين في القطاع العقاري المؤسسي الهندي (الشرق الأوسط)
تفادي المغامرة هو التوجه السائد من جانب المستثمرين في القطاع العقاري المؤسسي الهندي (الشرق الأوسط)
TT

الوباء يزلزل قطاع العقارات الهندي

تفادي المغامرة هو التوجه السائد من جانب المستثمرين في القطاع العقاري المؤسسي الهندي (الشرق الأوسط)
تفادي المغامرة هو التوجه السائد من جانب المستثمرين في القطاع العقاري المؤسسي الهندي (الشرق الأوسط)

بات من الواضح ما لوباء «كوفيد - 19» من «تأثير كارثي» على قطاع العقارات المضطرب والمتعثر في الهند، حيث من المتوقع أن يشهد خسارة قدرها 16 مليار دولار، بسبب خفض الرواتب، وفقدان الوظائف؛ وهو ما سيدفع المطورين العقاريين، الذين يعانون من نقص في السيولة النقدية، إلى العمل على خفض التكلفة الثابتة في وقت توقفت فيه مبيعاتهم من العقارات وذلك بحسب أطراف فاعلة في المجال. ويعد وضع قطاع العقارات السكنية في الهند مؤشراً لمدى قوة القطاع؛ لأن له الحصة الأكبر من قيمة نشاط الإنشاء.
بحسب غرفة التجارة الهندية، يعاني قطاع العقارات، الذي يشهد بالفعل تراجعاً منذ العام الماضي، من تأخر في سداد الأقساط من جانب العملاء بنسبة 65 في المائة. وصرحت غرفة التجارة بأنه «قد تشهد عمليات تدشين عمليات بناء جديدة تراجعاً تتراوح نسبته بين 25 و30 في المائة، أي بين 166 ألفاً و178 ألف وحدة مقارنة بـ261 ألف وحدة عام 2019».
وبحسب شركة «أناروك ريسرش»، لا تزال أكثر من 1.6 مليون وحدة، تم بدء إنشائها خلال الفترة بين 2013 و2019 في سبع مدن كبرى، تحت الإنشاء، لكن مع قرار الإغلاق الذي اتخذته الحكومة الهندية، تعطلت عملية توريد مواد البناء إلى حين انتهاء عملية الإغلاق مما سيؤدي إلى تعطل نشاط البناء. كذلك ساهمت القيود المفروضة على التجارة الدولية في الوقت الحالي في توقف توريد المواد الخام الضرورية اللازمة لقطاع العقارات. ونظراً لكون الصين أكبر مورد للمواد الخام إلى الهند مثل الصلب، تسببت الأزمة الحالية في نقص تلك المواد وبالتالي في ارتفاع أسعارها.
يقول أميت مودي، مدير شركة «إيه بي إيه كوربوريشين»، وهي من كبرى شركات التطوير العقاري «نتوقع تأخر مواعيد الانتهاء من المشروعات لنحو سبعة أو ثمانية أشهر بسبب توقف توريد مواد البناء نتيجة انتشار الفيروس وقرار المجلس القومي الأخضر العام الماضي بمنع أعمال البناء في المنطقة المحيطة بالعاصمة». ولن تتوقف مدة التعطل على مدة الإغلاق فحسب، بل حتى بعد إنهاء حالة الإغلاق سوف يحتاج العاملون في مجال التطوير العقاري إلى وقت حتى يستكملوا أعمال البناء نظراً لعودة أكثر العمال إلى بلداتهم.
ويقول براشانت تاكور، مدير شركة «أناروك بروبيرتي كونسالتنتس» ورئيس قسم الأبحاث بها «في ظل الخوف من انتشار الوباء، ربما فضّل الكثيرون البقاء في المنازل في قراهم؛ وسوف يؤدي ذلك إلى نقص في العمالة وتعطل المشروعات لمدة أطول». ويزيد عدد العاملين في قطاع البناء في الهند عن 50 مليون شخص، وأكثرهم بلا مهارات. لذا؛ لا يعد للقطاع أهمية اقتصادية كبيرة فحسب، بل له أهمية اجتماعية أيضاً في ظل سعي الحكومة نحو إنعاش الاقتصاد واستعادة موارد الرزق.
يوضح مسح أجرته شركة «نايت فرانك» العاملة في مجال الاستشارات العقارية أن الشعور العام في قطاع العقارات قد شهد أكبر تراجع له في أبريل (نيسان)؛ فطبقاً لمسح خاص بمؤشر المشاعر «كيو 1» في قطاع العقارات، انخفض مؤشر المشاعر الحالية والمستقبلية إلى نقطة التشاؤم بحسب ما جاء في تقارير «بيزنس ستاندرد». ويرى أكثر من 60 في المائة من المطورين العقاريين، أن وباء «كوفيد - 19» سوف يؤثر على إقامة المشروعات السكنية الجديدة، والمبيعات، والأسعار خلال الستة أشهر المقبلة.
على الجانب الآخر، توقع الكثير من المحللين حدوث انكماش بنسبة تصل إلى 30 في المائة في الطلب على المنازل الجديدة خلال العام الحالي؛ وهذا بالتأكيد سيناريو محتمل سوف يثير قلق الساعين وراء الحصول على حصص من السوق. مع ذلك رأينا مراراً وتكراراً أن حالات الانكماش لا تتوزع بشكل متساوٍ على كل المشاركين في السوق؛ فالعلامات التجارية الكبرى والمنتجات الأفضل قد تتمكن من النهوض مرة أخرى.
يقول ديباك باريك، رئيس شركة «هاوسينغ ديفولبمنت فاينانس كوربوريشين» العاملة في مجال الرهن العقاري: «أسعار العقارات سوف تنخفض» وذلك خلال فعالية عقدت عبر الإنترنت نظمها المجلس القومي للتطوير العقاري (ناريدكو). وأضاف قائلاً «يجب أن نستعد لـ20 في المائة؛ حيث ستعد هذه فرصة شراء عظيمة بالنسبة للمشترين المحتملين للمنازل، الذين لديهم أمان وظيفي أو دخل مادي منتظم».
كذلك قال راميش ناير، الرئيس التنفيذي لشركة «جيه إل إل إنديا»، إن الشركة قد اتخذت الكثير من الإجراءات المتعلقة بإدارة التكلفة لحماية موظفيها والاستمرار في تقديم الخدمة لعملائها. وأوضح قائلاً «لدى شركة (جيه إل إل) موازنة جيدة، وسوف تستمر أعمالها في الهند وخارجها وتصمد أمام تحديات وباء (كوفيد – 19).
ومن أجل المساعدة في ضمان مواصلة شركتنا لحماية عامليها وخدمة عملائها ومالكي الأسهم حالياً وحين يتحسن الوضع الاقتصادي وبيئة الأعمال، وافقت قيادات الشركة على اتخاذ إجراءات فطنة حكيمة تتعلق بإدارة التكلفة».
كذلك قال نايان راهيجا، الرئيس التنفيذي لشركة «راهيجا ديفلوبرز»: «نحن ننتظر ونراقب الوضع الحالي وسنرى إلى متى ستستمر عملية الإغلاق لاتخاذ أي قرارات حاسمة في هذا الشأن. ومع ذلك يتم دعم العاملين كافة في الوقت الحالي»؛ وقد طالب الحكومة بإعادة هيكلة الديون المستحقة على المطورين العقاريين.

استثمار مؤسسي
انخفض الاستثمار المؤسسي في قطاع العقارات الهندي بنسبة 58 في المائة مقارنة بالعام الماضي، حيث وصل إلى 712 مليون دولار خلال الربع المالي الذي انتهى في مارس (آذار) الماضي. كذلك شهدت الاستثمارات إجمالاً خلال العام المالي 2019 - 2020 تراجعاً بنسبة 13 في المائة، حيث وصلت إلى 4.26 مليار دولار، وهو المستوى الأقل لها خلال أربعة أعوام بحسب ما جاء في تقرير «جيه إل إل إنديا». وكان هذا التراجع بسبب الكثير من الأحداث، من بينها انتشار فيروس «كوفيد - 19»، فضلاً عن مشكلات كثيرة أخرى في القطاعين المصرفي والمالي خلال نهاية 2019 وبداية 2020.
وقال راميش ناير «لم يكن التأثير الهائل لفيروس (كوفيد – 19) متوقعاً؛ ومن المتوقع أن يظل المستثمرون في حالة الانتظار والمراقبة، وكذا من المتوقع أن يكون التوجه الحريص والحذر، وتفادي المغامرة هو التوجه السائد من جانب المستثمرين في القطاع العقاري المؤسسي خلال الأرباع السنوية التالية».
وقد ألقى تأثير التغيير في مناخ الاستثمار بظلاله على توزيع الأصول، حيث وظّف المستثمرون المزيد من الأموال في المساحات الإدارية الأكثر أماناً واستقراراً. وازدادت الاستثمارات في القطاع الإداري من 1.8 مليار دولار خلال العام الماضي إلى 2.9 مليار دولار خلال العام الحالي.

تحديات
يتوقع المطورون العقاريون ارتفاع تكلفة المواد الخام، لكن ربما لا يستطيعون تحميل المشترين تلك التكلفة في ظل الوضع الحالي للسوق. ويوضح فيكاس جين، الرئيس التنفيذي لشركة «لا بدي لايفستايل» للتطوير العقاري ومقرّها في مومباي: «تعد الهند مستورداً كبيراً للصلب والحديد، ومعدات البناء التقنية، والبلاستيك والفايبر من الصين؛ ومع انخفاض الإنتاج في الصين، ربما ترتفع أسعار تلك المواد مما يزيد التكلفة، ويخفض هامش الربح بالنسبة للمطورين العقاريين في الهند». كذلك، ربما يشهد قطاع العقارات السكنية هزة قوية وشديدة قد يمتد تأثيرها ويطول؛ وسوف يحتاج المطورون إلى تجاوز أربعة تحديات بشكل متزامن هي تراجع الطلب، وتعطل عمليات الإنشاء، ونقص السيولة النقدية، وتحول تفضيلات العملاء.
وأضافت ميغا مان، كبيرة المديرين المساعدين في شركة «ريسرش» قائلة «انتشار فيروس (كوفيد – 19)، وتباطؤ النمو الاقتصادي من العوامل، التي أحدثت تحولاً في فرص الاستثمار المستقبلية خلال عام 2020؛ وهو ما أدى إلى تراجع توقع تدفق رأس المال الخاص إلى قطاع العقارات إلى 3.5 مليار دولار تقريباً خلال عام 2020 نتيجة تباطؤ المستثمرين في اتخاذ القرارات. مع ذلك يقدم وضع السوق الجديد فرصاً في قطاع الإسكان، والأصول الإدارية التجارية المدرّة للدخل، والأصول التي تتضمن مخاطرة كبيرة خاصة في مجال الضيافة».



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.