غانتس واثق من تشكيل الحكومة بعد «كفالة» الأحزاب الدينية

باشر محادثات في كتلته لتوزيع الحقائب الوزارية

محتجون على الائتلاف بين نتنياهو وغانتس أمام المحكمة العليا هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
محتجون على الائتلاف بين نتنياهو وغانتس أمام المحكمة العليا هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
TT

غانتس واثق من تشكيل الحكومة بعد «كفالة» الأحزاب الدينية

محتجون على الائتلاف بين نتنياهو وغانتس أمام المحكمة العليا هذا الأسبوع (أ.ف.ب)
محتجون على الائتلاف بين نتنياهو وغانتس أمام المحكمة العليا هذا الأسبوع (أ.ف.ب)

بعد أن تلقى وعداً من الأحزاب الدينية اليهودية تكفل ألا يخدعه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، باشر رئيس حزب الجنرالات «كحول لفان»، بيني غانتس، لقاءات مع نواب كتلته البرلمانية، أمس الأربعاء، حول المناصب الوزارية التي يرغب كل منهم في توليها.
وقالت مصادر مقربة منه، إنه بات واثقاً من أن الحكومة مع نتنياهو ستقوم في غضون الأيام القريبة القادمة، وإن المداولات في المحكمة العليا ستسفر عن رد الدعوى المقدمة لها ضد الاتفاق الحكومي، والكنيست (البرلمان) سيقر اليوم، الخميس، القوانين اللازمة لتسيير الأمور.
وأكدت أن غانتس تلقى وعداً من قادة كتلتي الأحزاب الدينية: «شاس» لليهود الشرقيين، و«يهدوت هتوراة» لليهود الأشكناز، بضمانة أن ينفذ نتنياهو اتفاق التناوب معه، ويسلمه رئاسة الحكومة بعد سنة ونصف السنة.
والضمان الذي طلبه غانتس ووافق عليه وزير الداخلية زعيم «شاس»، أريه درعي، وزعيما «يهدوت هتوراة»، وزير الصحة يعقوب ليسمان، والنائب موشيه جفتي، تمثل في إضافة بند إلى اتفاقي التحالف مع «الليكود»، ينص على أنه إذا انتهك نتنياهو اتفاق التناوب، فإن كلتا الكتلتين («شاس» و«يهدوت هتوراة») ستبقيان مع غانتس، والعمل تحت قيادته رئيساً للحكومة.
والمفترض، حالياً، أن يتقدم نواب كتل اليمين سوياً مع «كحول لفان» برسالة إلى رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، موقعة من أكثر من 61 نائباً، يبلغونه فيها بأنهم اتفقوا على دعم نتنياهو في تشكيل الحكومة وفقاً للاتفاق الائتلافي. ويتوقع أن يتلقى ريفلين الرسالة اليوم، قبيل منتصف الليلة (الخميس – الجمعة)، وهو الموعد الذي تنتهي فيه مهلة تشكيل الحكومة المعطاة للكنيست منذ 21 يوماً. فإذا تم ذلك، فسيحصل نتنياهو على مهلة من 14 يوماً لإنجاز تشكيل الحكومة.
وجنباً إلى جنب، مع ذلك، تواصلت أمس المفاوضات بين الطرفين لإزالة العقبات الأخيرة في طريق الائتلاف. وبدا أن الخلافات المتبقية تدور حول توزيع المناصب الوزارية. كما بدا أن اتفاق غانتس مع الأحزاب الدينية، لا يريح حزب «الليكود» ولكنه لم يعترض عليه. وقال وزير السياحة زئيف إيلكين، المقرب من نتنياهو، إن مطلب غانتس يؤكد مدى حساسية الاتفاق الائتلافي المبرم بين «الليكود» و«كحول لفان»، طالباً الانتظار حتى يصدر حكم المحكمة العليا، (اليوم الخميس)، فإذا شُطب أي بند من اتفاق الائتلاف فيمكن أن يؤدي ذلك إلى تحطم الاتفاق بأكمله والذهاب إلى انتخابات رابعة.
المعروف أن المحكمة العليا أجرت مداولات طيلة يومين في ثماني دعاوى مقدمة إليها، تطالبها بمنع نتنياهو من تولي رئاسة الحكومة، كونه يواجه لائحة اتهام في ثلاث قضايا فساد خطيرة، وبشطب الاتفاق الائتلافي بين نتنياهو وغانتس، كونه ينطوي على تغييرات دستورية هدفها مساعدة نتنياهو على التملص من واجباته في المحكمة. وبدا من ملاحظات القضاة أنهم لن يستجيبوا للدعاوى؛ خصوصاً أن محاميّ نتنياهو وافقوا على إجراء تعديلات عدة على الاتفاق بروح ملاحظات المحكمة، وسلموا المحكمة فعلاً قائمة بهذه التعديلات.
ويتوقع الخبراء في القانون أن يتضمن قرار المحكمة انتقادات شديدة للاتفاق الحكومي، وكذلك للجانب الأخلاقي في تولي نتنياهو رئاسة الحكومة رغم الاتهامات الخطيرة هذه؛ لكنها لن تتدخل في الإجراءات، ولن تمنع تشكيل الحكومة.



«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموزاية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».