بعد بدء تعافي الاقتصاد... المصريون يخشون عودة الركود بسبب «كورونا»

مصريون يركبون دراجة نارية  في القاهرة (رويترز)
مصريون يركبون دراجة نارية في القاهرة (رويترز)
TT

بعد بدء تعافي الاقتصاد... المصريون يخشون عودة الركود بسبب «كورونا»

مصريون يركبون دراجة نارية  في القاهرة (رويترز)
مصريون يركبون دراجة نارية في القاهرة (رويترز)

يخشى المصريون أن يؤدي استمرار القيود والتدابير المفروضة في جميع أنحاء البلاد بسبب تفشي فيروس «كورونا المستجد» إلى ركود اقتصادها وتعطل الملايين عن العمل بعد أن كان بدأ ينتعش ويحقق معدلات نمو مرتفعة بعد سنوات من المعاناة.
لكنّ الحكومة لا تزال تراهن على قدرة اقتصاد البلاد على استيعاب تداعيات الأزمة. ولذلك، رأت ضرورة عدم إغلاق البلاد بشكل كامل واستمرار العمل في قطاعات عدة، بينها قطاعات البناء والزراعة والاقتصاد غير الرسمي. إلا أن بعض القطاعات الحيوية الأخرى تلقت ضربات قاصمة بسبب الإجراءات الاحترازية مثل السياحة والصحة والطيران والصناعة.
يقول محمود الضبع، وهو أحد وكلاء السفر والسياحة في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، عبر الهاتف لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أصدق أننا طلبنا من السياح الرحيل حفاظاً على الأرواح بسبب (كورونا)... إنها المرة الأولى التي أرى فيها شرم الشيخ خاوية تماماً هكذا».
وكان الضبع يتوقع أن يكون هذا الموسم هو الأفضل في المدينة السياحية منذ عام 2010، مشيراً إلى أنه يشعر بـ«الصدمة».
وبدأت السياحة بالتعافي في مصر بعد سنوات طويلة من التراجع بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي أعقبت ثورة عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل حسني مبارك.
وأفادت إحصاءات البنك المركزي المصري بارتفاع إيرادات السياحة لتسجّل خلال العام المالي 2018 - 2019 نحو 12,6 مليار دولار، متخطية إيرادات عام 2010.
وبدأ الاقتصاد يتعافى نتيجة برنامج إصلاحي اقتصادي تقوم به الحكومة منذ 2016 وحصلت بموجبه على قرض قيمته 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
لكن، ومع بدء وصول وباء «كوفيد - 19» إلى مصر، فرضت السلطات تدابير احترازية شملت تعليق الطيران وحظر تجوال ليلي وغلقاً جزئياً للمحال التجارية والمقاهي والمطاعم وتخفيض أعداد الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، ما أدى إلى تعطيل خدمات أساسية للمواطنين وأعمال كثيرة.
وكشف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي في مارس (آذار)، أن خسائر قطاع الطيران نتيجة التدابير الاحترازية قد «تتجاوز 2,25 مليار جنيه (142,5 مليون دولار)».
وتقول عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة بجامعة القاهرة علياء المهدي، إن تباطؤ النمو ونقص فرص العمل قد يكون له «تأثير مؤقت على معدلات الفقر في البلاد».
وحسب أحدث الإحصاءات الرسمية، تصل نسبة الفقر في مصر إلى 32,5% في عامي 2017 و2018، مقابل 27,8% في 2015، أي بزيادة قدرها 4,7%.
وخفضت وزيرة التخطيط هالة السعيد، توقعاتها لمعدل النمو الاقتصادي بنهاية العام المالي الجاري 2019 - 2020 ليصل إلى 4,2% بدلاً من 5,8%.
وعدّل صندوق النقد الدولي، من جهته، توقعاته لمعدل النمو الاقتصادي في مصر إلى 2% بنهاية العام الجاري مقابل 5,6% تم تحقيقه في 2019. لكن على الرغم من ذلك، رأى الصندوق أن مصر هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي ستحقق معدلاً إيجابياً.
ويقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة أنجوس بلير، تعليقاً على أسباب تقييم صندوق النقد، إن «25% من القوى العاملة (في مصر) تعمل في الزراعة التي لا تزال غير متأثرة (بالفيروس)... كما أن العديد من الشركات الأخرى لا تزال تعمل».
ويضيف: «بعض أعمال البناء مستمرة، كذلك يستمر القطاع غير الرسمي الكبير رغم تباطؤ الظروف».
ويصل عدد المنشآت العاملة في القطاع غير الرسمي (المؤسسات غير المسجلة) في مصر إلى مليوني منشأة تقريباً ويعمل به نحو أربعة ملايين عامل، وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء المصري.
وتقول المهدي: «في وقت الأزمات الذي تتعطل فيه المؤسسات الاقتصادية سواء في القطاع العام أو الخاص، يبرز دور الاقتصاد غير الرسمي كمحرك من محركات دفع النمو»، مشيرةً إلى أنه يسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بين 17 و20%.
على صعيد آخر، هناك رهان على قطاع التشييد والبناء الذي أسهم بنسبة 8,8% في إجمالي الناتج المحلي للبلاد في العام المنصرم. ومنذ أن تولى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئاسة البلاد في 2014 وهو يركز على تطوير البنية التحتية وبناء المدن الجديدة، فضلاً عن عاصمة إدارية في شرق القاهرة.
ويشير بلير أيضاً إلى أن الإنفاق الحكومي أسهم في دعم الاقتصاد.
وأعلن البنك المركزي المصري في الأسبوع الأول من أبريل (نيسان)، أن احتياطات مصر من النقد الأجنبي انخفضت من 45,510 مليار دولار إلى 40,108 مليار دولار في نهاية مارس، موضحاً أن الانخفاض نتج عن خروج رؤوس أموال أجنبية من الأسواق الناشئة وبينها مصر، لكن أيضاً عن تمويل واردات حكومية من السلع الأساسية.
وأعلن مدبولي نهاية الشهر الماضي، أن حكومته بدأت محادثات جديدة مع صندوق النقد حول برنامج لمدة عام يشمل دعماً فنياً ومالياً لمواجهة تداعيات فيروس «كورونا المستجد».
وتسجل مصر حتى الآن، حسب إحصاءات وزارة الصحة، أكثر من 7000 إصابة بـ«كوفيد - 19» بينها أكثر من 450 وفاة.
وتأمل الحكومة المصرية «أخذ إجراءات بعد عيد الفطر نحو عودة تدريجية للحياة الطبيعية».
وبين الخدمات التي أُعيدت بشكل جزئي إلى العمل، إصدار تراخيص مرور للمركبات الجديدة حتى تنفرج أزمة شركات السيارات ومبيعاتها. كما قررت الحكومة إعادة إطلاق السياحة الداخلية اعتباراً من منتصف الشهر الجاري مع طاقة استيعابية للفنادق بنسبة 25% فقط حتى أول يونيو (حزيران)، على أن ترتفع نسب الإشغال بعد ذلك إلى 50%.
ويقول بلير: «إذا خففت القيود في يونيو على سبيل المثال، يمكن للنشاط الاقتصادي في القطاعات الأخرى أن يعطي دفعاً للنمو الاقتصادي».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

سوق الأسهم السعودية تخسر 39 نقطة في أولى جلسات الأسبوع

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
TT

سوق الأسهم السعودية تخسر 39 نقطة في أولى جلسات الأسبوع

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالعاصمة الرياض (أ.ف.ب)

تراجع «مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية» (تاسي)، بمقدار 39.80 نقطة، وبنسبة 0.33 في المائة، في أولى جلسات الأسبوع، إلى مستويات 12059.53 نقطة، وبسيولة بلغت قيمتها 3.3 مليار ريال (878 مليون دولار)، فيما بلغت كمية الأسهم المتداولة 443 مليون سهم، سجلت فيها أسهم 91 شركة ارتفاعاً في قيمتها، فيما أغلقت أسهم 129 شركة على تراجع.

وتراجع سهما «الراجحي» و«الأهلي» بنسبة 0.32 و0.59 في المائة، إلى 92.80 و33.90 ريال على التوالي. كما انخفض سهم «المراعي» بمعدل 2.29 في المائة، عند 59.70 ريال. وشهد سهم «الحفر العربية» تراجعاً بقدار 2.2 في المائة، إلى 115.2 ريال.

في المقابل، تصدر سهم «الكابلات السعودية»، الشركات الأكثر ربحية، بنسبة 8.49 في المائة، عند 93.30 ريال، يليه سهم «سمو» بمقدار 6.61 في المائة، إلى 47.60 ريال.

وصعد سهم «سينومي ريتيل» بنسبة 1.48 في المائة، إلى 12.36 ريال، وسط تداولات بلغت قيمتها 12.9 مليون ريال. وأغلق مؤشر الأسهم السعودية الموازية (نمو) مرتفعاً 72.18 نقطة ليقفل عند مستوى 31173.07 نقطة، وبتداولات قيمتها 69 مليون ريال، وبلغت كمية الأسهم المتداولة 5 ملايين سهم.