نجوم «مسرح مصر» يسيطرون على كوميديا موسم رمضان

بوستر مسلسل «عمر ودياب»
بوستر مسلسل «عمر ودياب»
TT

نجوم «مسرح مصر» يسيطرون على كوميديا موسم رمضان

بوستر مسلسل «عمر ودياب»
بوستر مسلسل «عمر ودياب»

بعد تألقهم على خشبة المسرح منذ عدة سنوات، عمل نجوم «مسرح مصر» على تثبيت أقدامهم تلفزيونياً وسينمائياً حتى أصبحوا حالياً من بين أبرز الفنانين الكوميديين في مصر، لا سيما بعد سيطرتهم على أعمال كوميدية مهمة في موسم رمضان الجاري عبر ثنائيات مشتركة تجمع أعضاء الفريق مع بعضهم، مرة أخرى بعد إسدال الستار على عروض «مسرح مصر» الذي شهد تفجر موهبتهم الحقيقية نهاية العام الماضي.
وعبر مسلسلات «عمر ودياب» و«اتنين في الصندوق» و«رجالة البيت» و«تيمون وبومبا» و«فالنتينو» يسجل أعضاء فريق «مسرح مصر» حضورهم البارز في موسم رمضان الجاري، بعد تركهم بصمة تلفزيونية مميزة خلال المواسم السابقة، دفعت المنتجين للتعاقد معهم مجدداً.
ويقدم الثنائي علي ربيع ومصطفى خاطر مسلسل «عمر ودياب»، بعدما قدم كل منهما البطولة المطلقة في مواسم سابقة، المسلسل من تأليف فاروق هاشم ومصطفى عمر، وإخراج معتز التوني. ويستضيف الثنائي بعض زملائهم من فريق «مسرح مصر» في بعض الحلقات كضيوف شرف على غرار الفنانة ويزو، وأوس أوس.
فيما يقدم حمدي الميرغني ومحمد أوس أوس، بطولة مسلسل «اتنين في الصندوق»، وهو من تأليف لؤي السيد، وإخراج محمد مصطفى، وبطولة صلاح عبد الله وبيومي فؤاد ونهى عابدين وانتصار ورحاب الجمل. وتدور أحداثه حول شقيقين يعملان في جمع القمامة.
وبجانب المشاركة في المسلسلات الكوميدية، يطل مصطفى خاطر على المشاهدين أيضاً عبر إعلان تلفزيوني لإحدى شركات الاتصالات المصرية، ويؤدي خلاله استعراضات غنائية كوميدية بالمنزل.
وقبل نهاية العام الماضي، احتفل نجوم «مسرح مصر» بتقديم العرض الأخير من العمل الذي منحهم الشهرة، بعد نحو ست سنوات متتالية قدموا خلالها قرابة 130 مسرحية تحت قيادة الفنان الكوميدي أشرف عبد الباقي الذي يدين له معظم أعضاء الفريق بالفضل لما حققوه من نجومية وانتشار لافت في كل الأوساط الفنية حسب تصريحات تلفزيونية لهم.
حضور نجوم مسرح مصر الطاغي في موسم رمضان الجاري، يراه الناقد الفني محمود عبد الشكور «مستحقاً» لأنّهم يمتلكون موهبة حقيقية في عالم الكوميديا، ولديهم إمكانيات فنية جيدة تمكنهم من هذا الانتشار، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هم حالياً في ذروة نجاحهم وعليهم طلب كبير للمشاركة في أعمال عدة، بعد نجاحهم جماهيرياً من خلال عروض (مسرح مصر)، لكن يبقى السؤال الأهم... كيف سيحافظ هؤلاء على وجودهم ونجاحهم».
ويؤكد عبد الشكور أنّ «الكوميديا من أسهل أنواع الفنون انتشاراً وأسرعها انطفاءً، فإذا لم تكن هناك نصوص كوميدية جيدة ومتنوعة، وفيها أفكار طازجة ستنطفئ شمعة أي فنان كوميدي، على غرار ما حدث مع فنانين كوميديين موهوبين خلال القرن الماضي، من بينهم الفنان أمين هويدي، الذي كان لا يقلّ موهبة عن الراحل فؤاد المهندس»، وفق عبد الشكور.
مقولة «الفنان الكوميدي الجيد لا بد أن يكون وراءه كاتب جيد» يدلل بها عبد الشكور على نجاح بعض الفنانين الكوميديين في مصر خلال العقود الماضية أو فشلهم، حيث اختفى الكثير منهم بسبب غياب النصوص الجيدة، وسقوطهم في فخ التكرار وعدم الخروج من الحلقة المفرغة».
الفنان محمد عبد الرحمن أحد أعضاء فريق «مسرح مصر» كان من المقرر مشاركته أيضاً في الموسم الجاري، بمسلسله «الشركة الألمانية لمكافحة الخوارق»، لكن لم يحالفه الحظ للحاق بالموسم بسبب تداعيات جائحة «كورونا» التي تسببت في إيقاف تصوير عدد من المسلسلات في مصر، وشارك عبد الرحمن العام الماضي بالمسلسل الكوميدي «الواد سيد الشحات».
وتتنافس في الموسم الجاري، أعمال كوميدية أخرى من بطولة فنانين لديهم خبرة جيدة في عالم الكوميديا، على غرار مسلسل «اللعبة» بطولة شيكو وهشام ماجد، الذي سبق عرضه على منصة «شاهد»، ومسلسل «ونسني»، و«رجالة البيت» بطولة أحمد فهمي وأكرم حسني، بجانب الممثلة ويزو، وهي عضو في فريق «مسرح مصر» أيضاً، بالإضافة إلى مسلسل «بـ100 وش» الذي تغير فيه الفنانة نيللي كريم جلدها إلى الكوميديا بعد عدد من السنوات حصرت نفسها في تقديم مسلسلات درامية وصفت بأنّها «حزينة»، وفق نقاد. كما يشارك الفنان الكبير عادل إمام في الماراثون بمسلسه الكوميدي «فالنتينو» الذي يظهر فيه كذلك الفنان الشاب حمدي الميرغني أحد نجوم «مسرح مصر»، ومسلسل «سكر زيادة» الذي تلتقي فيه الفنانتان نبيلة عبيد ونادية الجندي لأول مرة في مشوارهما الفني.
وتتعرض الأعمال الكوميدية التي يجري عرضها حالياً إلى انتقادات حادة من مشاهدين ونقاد، لاعتمادها على «نصوص ضعيفة» وإفيهات متكررة شبيهة بالتي تُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي. ويؤكد عبد الشكور أنّ «الكوميديا من أصعب أنواع الفنون لأنّها تلتزم بخط واضح ومحدد، لكن ما يُعرض في كثير من الأعمال الحالية هو عبارة عن (مزاح) واسكتشات ارتجالية سريعة بين الفنانين وليس دراما حقيقية، لكنّ تقييم مستوى نجوم (مسرح مصر) وتوقع مدى استمرارهم على القمة سابق لأوانه خلال الفترة الجارية»، مشيراً إلى أنّ «بعض الفنانين في الدول الغربية يعتمدون على وكلاء أعمال أو مستشارين لتوجيههم فنياً لقبول الأعمال أو رفضها، لكن في مصر لا يحدث ذلك، وبالتالي فإنّ الكثير من النجوم الشباب يقبلون الظهور في معظم الأعمال التي تعرض عليهم من دون استراتيجية واضحة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».