آدم في لبنان وآخر في سوريا ... ولا يلتقيان

غسان مسعود بطل حلقات «مقابلة مع السيد آدم»
غسان مسعود بطل حلقات «مقابلة مع السيد آدم»
TT

آدم في لبنان وآخر في سوريا ... ولا يلتقيان

غسان مسعود بطل حلقات «مقابلة مع السيد آدم»
غسان مسعود بطل حلقات «مقابلة مع السيد آدم»

مشاهدة مسلسلات رمضان من أقسى التجارب بالنسبة لمن لم يعتَد الوقوع في هواها.
الجمهور يتسلى طوال الوقت ولديه حربة الإعجاب وعدم الإعجاب. يستطيع أن يكمل حلقة من مسلسل أو ينصرف عنه صوب مسلسل آخر. يستطيع أن يكمل مسلسلاً من حلقته الأولى حتى الأخيرة أو أن يتوقف حالما يتأكد من أن المسلسل الذي يتابع ليس من النوع الذي يعجبه.
كذلك هناك حرية تكوين الرأي: المشاهد الذي يقبل على المسلسلات مندفعاً برغبته لترفيه رمضاني لا يكلّف - مادياً - أي شيء، قد يُعجب بما يشاهده أيما إعجاب. أعرض ذلك المسلسل على مثقف أو على ناقد أو حتى على فرد آخر من أفراد العائلة تحصد رأياً مختلفاً.
أمّا من يكتب ليستعرض وينتقد ويُقيّم فهو في وضع صعب طوال 30 يوماً. عليه أن يختار ما لن يضيع فيه وقته، وهذه أحجية بحد ذاتها. البعض يشهد بقيمة الممثل الذي يتولى القيادة فيقول: «شاهد هذا المسلسل من بطولة (فلان) هو لن يقبل التمثيل في مسلسل هابط». طبعاً المسألة التي لا بد من العودة إليها هي أن الممثل المذكور (لنقل عادل إمام أو غسان مسعود أو نبيلة عبيد أو أي سواهم) لا بد قرأ السيناريو وهناك احتمال كبير في أنّه أُعجب به وحين علم بمن سيخرجه ربما ازداد قبوله بالعمل، لكن كل ذلك لا يضمن مستوى المسلسل مطلقاً. ليس ذنبه لكنّه أمر برسم الحدوث دوماً وبل حدث كثيراً.
ما قد يُصيب الممثل من حالات ليس مرتبطاً - بالضرورة - بما يُصيب المسلسل نتيجة كتابته أو إخراجه أو كليهما معاً. السائد حالياً هو أن المخرج والممثل يلتقيان للبحث في الشخصية التي سيؤديها. يتناقشان واحد يقنع الآخر بشيء والآخر يقنعه بشيء آخر ثم «أكشن» حال تكتمل العدّة. حينها يترك المخرج الممثل على هواه وللحقيقة العديد من الممثلين الذين شاهدنا لهم أداءاتهم هذا العام، قبضوا على شخصياتهم بإحكام وترجموها إلى أداءات جيدة أو لا بأس بها.
لكن لكي يلم الناقد بكل ذلك وليواصل تقييمه واهتمامه بهذا الكم من المسلسلات (نحو مائة؟) عليه أن يعرف كيف يختار. وهذا صعب في البداية لأنّ الكثير من المسلسلات يهبط بالتدرّج المريح. يبدأ واعداً وما هي إلّا بضعة أيام وتكتشف أن أحداً لن يعوّض لك الوقت الذي صرفته.
أمّا على صعيد المسلسلات التي تُعجب الناقد فحالها أصعب. عليه لكي يكتب عن الحلقة التاسعة مثلاً أن يكون قد تابع كل الحلقات السابقة أو معظمها. وعندما يكون لدى الناقد عشر مسلسلات يعتبرها تستحق الإعجاب فإن ذلك سيشغله نهار - مساء.
الطامة الكبرى هي التالية: بما أنّ الناقد لا يكتب هنا لنفسه، بل للجمهور الشّاسع فعليه مشاهدة المسلسلات من دون تمييز.

«أولاد آدم»
حاولت معرفة اتجاه مسلسل «أولاد آدم» (تأليف رامي كوسا وإخراج الليث حجو على محطات مختلفة) وفهم الكيفية التي يوزّع بها شخصياته وما تقوم به لكن الكتابة هنا معمّقة بحيث لا تدع مجالاً للتنبؤ بما سيؤول عليه الحال في الحلقة التالية، وبل أحياناً في الحلقة ذاتها.
على سبيل المثال، تداهمنا في الحلقة الأولى من هذا المسلسل اللبناني - السوري ملاحظة أن الشخصية الشريرة الوحيدة في المسلسل هي لشخص سوري (قيس شيخ نجيب) يحترف السرقة ولا تستطيع أن تثق به ويعيش في لبنان بصورة غير شرعية. في المقابل لدينا محامية اسمها ديما (ماغي بوغصن) وشخصيات لبنانية ثانوية إيجابية المستوى. السوري الآخر في المسلسل هو مقدّم برامج اسمه غسّان (مكسيم خليل) يبدو شخصاً جيداً وناجحاً وأهل ثقة. وحتى عندما نكتشف في نهاية الحلقة الأولى وفي الحلقات التالية أنه شخص غير أخلاقي لا يُقيم للخصوصيات أي اعتبار يمكن ضمّه إلى ما يشبه الوضع العنصري ضد السوريين.
لكن «أولاد آدم» لا يقدم على هذه اللعبة. هناك شخصيات لبنانية سيئة بينها مجنّد يعمل في حراسة سجن النساء نهاراً ويبيع ما يسرقه السوري من هواتف ليلاً (الجيد طلال الجردي)، وهو لا يفعل ذلك مضطراً لأنه متزوّج مثلاً ولديه أسرة لا يكفي مدخوله الرسمي لإعالتها، بل لأنّه شرير النوايا في الأصل.
كل هذه الشّخصيات وسواها تستمر معنا بوتيرة حثيثة وبإخراج جيد للمشهد ومحتواه. بعض الحلقات ذات تصوير باهت لكن معظمها جيد. التمثيل من الجميع يتراوح من المتوسط وما فوق، وما فوق هو الغالب.
لكنّ المعضلات تكمن في الحكاية التي تثير الإعجاب. في هذا الخليط ما بين مشاكل وتبعات مشاكل كل شخصية من القاضية التي لا تنجب والتي ترزح تحت وطأة عملها (كما نعلم عنها أكثر في الحلقتين السادسة والسابعة) إلى مقدّم البرامج الذي يطلع على خصوصيات الناس لاستغلالهم في برنامجه الناجح، في هذا الخليط هناك ما لا يمكن الموافقة عليه وبينها ما هو صادم.
إمّا أنّ الأحداث تدور في مدينة كبيرة كبيروت (كما نفهم من البداية وما بعد) أو إنّها تدور في قرية صغيرة. لذلك هي صدفة شبه مستحيلة أن تدهس القاضية صبياً صغيراً فيهرع إليه أحد ساكني الحي (مقدّم البرامج) الذي حدث أنّه مرتبط بعلاقة مع القاضية كما نكتشف فيما بعد.
مشكلة أخرى تنتاب المسلسل (حتى الآن) وهي أن القاضية تبكي أكثر من أي فعل عاطفي آخر. لديها مسببات بالطبع. تسقط حملها وتدهس صبياً وتتحمّل تبعات علاقتها بغسان وتبعات عملها تحت ضغوطات المصالح، لكن بما أنّ المسلسل ليس عنها فقط، فإن المشاهد يبدأ بتوقع أن يراها حزينة ومكتئبة في كل مرّة يراها.
على كل ذلك، المسلسل أفضل في حبكته وتنفيذه من عشرات المسلسلات الأخرى ورصانته في عرض واقع الحياة في لبنان حالياً بصورة مقتصدة ودالّة في الوقت ذاته.

آدم آخر
في الحلقة الثامنة من «مقابلة مع السيد آدم» (سوريا، أبوظبي، سما إلخ…) لا تزال الحكاية تنتقل ببطء وتكرار موفرة جديداً قليلاً في كل مرّة.
في الحلقات الأولى نتابع تحقيقاً بوليسياً حول ظروف جريمة قتل. لقد اكتُشفت جثة فتاة استُؤصل رحمها، مما يتطلب طبيباً اختصاصياً للكشف على الجثة ومعرفة ما حدث لها. الضابط الشاب ورد (محمد الأحمد) يقرر الاتصال بطبيب ذي شهرة ومكانة عاليتين اسمه دكتور آدم (غسان مسعود) ليفحص الجثة ويكتب تقريره عنها.
الطبيب آدم كان قد اعتزل الجراحة والعمل، وتحوّل إلى أستاذ في إحدى الجامعات السورية (حيث تقع الأحداث)، لكنّه يقبل المهمّة ويكتشف أنّ الفتاة كانت حاملاً في الشهر الثالث، ومن ارتكب الجريمة أراد التخلص من بعض أسبابها.
لكن عندما يكتب الطبيب تقريره ينفي وجود حمل، والسبب هو أن القاتل خطف ابنته وهدّده بقتلها وقتل كل عائلته إذا ضمّن التقرير الحقيقة. طبعاً يُثير ذلك استغراب المحقق، وهو - حتى الحلقة الثامنة التي شاهدناها - ما يزال يحاول معرفة السبب الذي من أجله غير الطبيب إفادته.
هناك قدر من التكرار حتى في الحلقة الأخيرة التي شاهدناها، مما يدل على أنّ الحكاية من النوع الذي كان يمكن اختصاره إلى بضع حلقات، لكي ننجو من تبعية الحكم المسبق، ارتفعت وتيرتها وازدادت مفارقاتها في الحلقات المقبلة.
لم أجد في كتابة فادي سليم وإخراجه أي بوادر تنبئ بأنّ الحلقات المقبلة ستتبنّى نشاطاً وتشويقاً. خذ مثلاً المشهد الذي يواجه فيه ورد الطبيب آدم. فترات صمت من ثمّ يعاود الحوار، لعبة شد حبل مشدود سلفاً يُذكر فيه ما نعرفه. لاحقاً يُذكر فيه ما نعرفه بين المحقق ورد ورئيسه.
ككثير من المسلسلات الأخرى لا يطلب «مقابلة مع السيد آدم» من مشاهديه أكثر من حسن المتابعة. ليس هناك من حرص على أسلوب أو تميّـز. نعم، غسان مسعود ممثل جيد ودائماً مقنع، ولكن ليس لديه هنا النص الكافي مما يمكن من خلاله الكشف عن موهبته الفعلية، بل حضور ملائم يجذب المشاهدين إليه في كل الأحوال.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».