إجراءات مكافحة «كورونا» في لبنان تقوِّض حركة التهريب مع سوريا

بائع جوَّال في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
بائع جوَّال في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
TT

إجراءات مكافحة «كورونا» في لبنان تقوِّض حركة التهريب مع سوريا

بائع جوَّال في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)
بائع جوَّال في مدينة صيدا بجنوب لبنان أمس (رويترز)

انخفضت نسبة التهريب على الحدود اللبنانية - السورية من بوابته الأكثر نشاطاً في البقاع الشمالي إلى ما يتخطى التسعين في المائة، عما كانت عليه قبل أن تقرر الحكومة اللبنانية التعبئة العامة لمنع انتشار فيروس «كورونا» التي ترافقت مع تشديد في الإجراءات الأمنية.
وساهمت تلك التدابير الأمنية إلى جانب إجراءات أخرى في الجانب اللبناني بانخفاض نسبة الإصابات التي توثق يومياً بـ«كورونا»؛ حيث أعلنت وزارة الصحة تسجيل 4 إصابات جديدة وحالة وفاة، ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 733 وإجمالي الوفيات إلى 25.
وإلى جانب الإجراءات الأمنية التي تشددت في الداخل طوال 40 يوماً وقضت بتقييد حركة التجول والاختلاط والحث على الحجر المنزلي، شددت السلطات إجراءاتها على طول الحدود اللبنانية مع سوريا؛ حيث تنشط عمليات التهريب غير الشرعي.
وأحكم فوج الحدود البري في الجيش اللبناني قبضته على هذه المعابر الحدودية؛ حيث باتت معظم المعابر الـ13 من الجهة اللبنانية مقفلة بالسواتر الترابية، إلى جانب إجراءات أخرى تمثلت في تكثيف الحواجز الثابتة والظرفية المؤدية إلى الأراضي السورية، وترافقت مع تشديد في دوريات المراقبة، وإزالة جسر المشاة الخشبي من على الساقية المائية التي تفصل بين حدود الدولتين.
التدابير على الضفة اللبنانية من الحدود، يقابلها تكثيف المراقبة وتشديد القبضة على الجهة السورية على هذه المعابر والطرقات الترابية داخل الأراضي السورية؛ حيث تقوم القوات السورية بإنشاء الحواجز والدوريات التي تنفذها عناصر من الفرقة الرابعة في الجيش السوري، وقوات حرس الحدود المسماة «الهجانة»، وبمؤازرة الأمن العسكري في الجيش السوري. وأقفلت الإجراءات على الجهتين معظم معابر التهريب الثلاثة عشر الممتدة على طول 22 كيلومتراً، تبدأ من ساقية جوسية شرقاً على الحدود اللبنانية - السورية حتى معبر حوش السيد علي غرباً، والمؤدية من وإلى القرى التي يسكنها لبنانيون في الداخل السوري، علماً بأن معظم عمليات التهريب من الداخل اللبناني وإليه كانت تنشط من خلال هذه المعابر تحت حجة عدم وجود معبر شرعي يربط هذه القرى بالجانب اللبناني، وبذريعة الأحقية في بيع إنتاجهم في لبنان.
وانعكس إقفال الحدود تراجعاً في النشاط الجرمي، وأسقط نفوذ المهربين، بحسب ما تقول مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»؛ حيث لم يُسجل أكثر من خمس حالات سرقة سيارات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ولم يتمكن سارقوها من إدخالها إلى الأراضي السورية من خلال هذه المعابر، بسبب إقفالها وتشديد المراقبة.
وانحصرت عمليات التهريب الباقية في صغار المهربين، ومن قبل أشخاص من الجانبين، وبنسب محدودة؛ حيث يعبر مهربون سوريون تسللاً، ويقومون بتهريب بعض المواد الغذائية والمنظفات ومساحيق الغسيل والحليب والزبدة من سوريا إلى الأراضي اللبنانية.
وما يسري على معابر شرق لبنان ينسحب أيضاً على معابر محافظة الشمال، ومعابر التهريب التقليدية في البقاع الأوسط. في موازاة ذلك، أصدرت غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث تقريرها اليومي حول وباء «كورونا» المستجد، وسجل التقرير 733 إصابة منذ بداية تفشي الفيروس في لبنان، و197 حالة شفاء، و25 حالة وفاة. وفي حصيلة «كورونا» الأخيرة تم تسجيل 4 إصابات جديدة.
وأضيف بعد الظهر إلى هذه الحالات، تسجيل إصابة إضافية في مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين في بعلبك في شرق لبنان.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».