عودة كليوباترا إلى زمن «كورونا»

عودة كليوباترا إلى زمن «كورونا»
TT

عودة كليوباترا إلى زمن «كورونا»

عودة كليوباترا إلى زمن «كورونا»

إذا كانت القصص المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن الرجل استولى على المطبخ ليُنفس عن نفسه ويستعرض قدراته في تحضير ما طاب من أطباق ابتكرت من رحم الحجر المنزلي، فإن المرأة لم تقف مكتوفة الأيادي، حسب نفس الوسائل.
فقد حولت هي الأخرى المطبخ إلى صالون تجميل، ومُختبر تُعيد فيه وصفات قديمة توارثتها الأمهات عن الجدات وتتداولها حالياً الفتيات على الـ«تيك توك» أو «يوتيوب» أو «إنستغرام ستوريز» بعد أن فتحن أبواب التحدي للبحث عن حلول لمشاكل الجمال في ظل إغلاق صالونات الشعر والتجميل ونوادي الرياضة والتدليك وغيرها. وهكذا أصبحت وصفات طبيعية وسيطة تتوفر كل مكوناتها في المطبخ هي الحل المثالي. ما تشهد به فتيات التواصل الاجتماعي أيضاً أن العديد من هذه الوصفات التي لا تُكلف شيئاً، أعادت اسم الملكة كليوباترا وطقوسها إلى الواجهة في زمن «كورونا».
فوصفاتها لا تعد ولا تحصى. ورغم أنها أقرب إلى الأساطير، مثل ما ذكره المؤرخ الروماني بليني الأكبر، أنها كانت تستحم يومياً بالحليب للحفاظ على نضارة بشرتها وشبابها، فإن العلم والدراسات الحديثة أثبتت صحته وفاعليته. فالحليب إلى جانب الزبادي مثلاً من أهم المكونات الموجودة في المطبخ ويمكن استعمالهما على الوجه بشكل يومي للحفاظ على بشرة شابة أطول فترة ممكنة. كذلك استعمال العسل والسكر لإزالة الشعر غير المرغوب فيه، والذي كان المصريون القدامى أول من استعملهما ولا تزال هي نفس الطريقة المستعملة في كثير من الثقافات لحد الآن.
تروي الأساطير أيضاً أن كليوباترا كانت تستعمل ماء الورد لخصائصه المضادة للالتهابات والأكسدة، وهو ما يتم استخدامه الآن في كثير من المنتجات التي تستهدف تهدئة البشرة والحد من حب الشباب. فماء الورد يوازن درجة الحموضة الطبيعية للبشرة، ويساعد على تحييد الجذور الحرة المسببة لظهور التجاعيد المبكرة.
قبل العزل الصحي، كانت شركات التجميل تحصد المليارات من وراء منتجات العناية بالبشرة والتجميل. بل حتى المؤثرات، مثل أصغر الأخوات كارداشيان، وفنانات مثل ريهانا، تحولن إلى مليونيرات ومليارديرات من وراء مستحضرات الماكياج. تقول آشلي راندل، وهي خبيرة تجميل أميركية: «إن العزل المنزلي وفر لنا الوقت للعودة إلى الأصل وتجربة وصفات متنوعة وبسيطة، قد تكون مجرد قناع وجه مصنوع من الشوفان لترطيب البشرة وإغلاق مسامها، بعد مزجه مع العسل والحليب وتركه على الوجه لمدة 15 دقيقة قبل غسله. فالعسل مضاد للالتهابات بينما يهدئ الحليب من احمرار البشرة».
هناك أيضاً الشاي الأخضر الذي يؤكد أطباء الجلد أنه مهدئ ومضاد للأكسدة، ويمكن مزجه مع زيت الجوز للحصول على بشرة رطبة وناعمة أو فقط وضعه على الجفون للتخلص من الهالات السوداء ومظاهر التعب. «المهم أن نتعامل مع هذه الطقوس بمتعة وفضول وليست كواجب فرضته الظروف الحالية» حسب نصيحتها.
ومن جهتها، تقول شاهناز، وهي مؤسسة شركة تجميل طبيعية تحمل اسمها في الهند، إنها تعلّمت كيفية استخدام المنتجات الطبيعية من والدتها «كانت تنصحني باستخدام مسحوق الأرز بدلاً من الصابون لغسل وجهي. ومع الوقت، اكتشفت أنها كانت على حق. لهذا تعمقت في دراسة هذا الجانب، لأجد أنه إضافة إلى مسحوق الأرز، هناك مواد طبيعية أخرى لا تقل فاعلية مثل اللوز والكركم واللبن والزعفران لتغذية البشرة والحفاظ على نضارتها وألقها».
وتشير أيضاً إلى أهمية زيت الجوز وزيت أرغان في هذه الوصفات المنزلية. فالاثنان يُستعملان للترطيب الشعر وتغذيته، لكن لا أحد يُنكر مزاياهما في ترطيب البشرة وإضفاء النضارة عليها، مما جعلهما يدخلان في المستحضرات الغالية كمكونان أساسيان. في هذا الصدد أيضاً، نُشرت دراسة في المجلة الدولية للعلوم الجزيئية، تُفيد بأن زيت الجوز فعال في تحسين البشرة كونه مضاداً للالتهابات، إضافة إلى مساعدته على تأخير علامات الشيخوخة. وأكدت نفس الدراسة أنه بديل مهم لأي كريم مرطب مطروح في السوق بسعر غال. أما التجارب المنزلية، فتؤكد أنه له منافس قوي يتمثل في الأفوكادو، لغناه بالزيوت والكثير من المواد المضادة للأكسدة مثل البيتاكاروتين واللوتين. وهي مواد تدخل في مكونات العديد من منتجات العناية بالبشرة. وتضيف تول شاهناز أنه من الوصفات المتوارثة في الهند للبشرة الباهتة أيضاً استعمال السكر. فهو ليس مجرد مقشر فعال، بل له قدرة على إنعاش البشرة بسحبه الرطوبة من السطح إلى داخلها. أما إذا كانت الرغبة هي التخلص من الرؤوس السوداء فالليمون أفضل سلاح، حسب رأيها، لأنه يتغلغل في المسام ويتخلص من أي باكتيريا يعاني منها الجلد.
في هذا الصدد، تُعلق آشلي راندل أن أغلب المكونات المستعملة في مستحضرات التجميل العصرية تدخل فيها مكونات طبيعية بشكل وبآخر، الفرق أن هذه المكونات الطبيعية المنزلية لا تدوم طويلاً وعلينا استعمالها في غضون أيام فقط، وهو ما أصبح ممكناً، نظراً لتوفر الوقت.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».