عودة خجولة للمتاحف في أوروبا... وبشروط

إيطاليا وبلجيكا وألمانيا تعود في منتصف مايو وتلتزم تحديد عدد الزوار وارتداء الكمامات

متحف اللوفر في باريس سيظل مغلقاً حتى يونيو (رويترز)
متحف اللوفر في باريس سيظل مغلقاً حتى يونيو (رويترز)
TT

عودة خجولة للمتاحف في أوروبا... وبشروط

متحف اللوفر في باريس سيظل مغلقاً حتى يونيو (رويترز)
متحف اللوفر في باريس سيظل مغلقاً حتى يونيو (رويترز)

«لدينا أخبار عظيمة!» غرد حساب متحف الفنون الجميلة في بروكسل أول من أمس، وقال «في يوم 19 من شهر مايو (أيار) الحالي سيفتح المتحف الملكي للفنون الجميلة في بلجيكا أبوابه بشكل جزئي وباتباع الاحتياطات اللازمة، ويدعوكم للقيام بجولة في أروقة التاريخ الفني لأوروبا».
وكان الإعلان مرفقا بلائحة طويلة من الاحتياطات التي سيتخذها المتحف وسيلتزم بها الزوار خلال زيارتهم. ومثلها مثل كل المنشآت التجارية في العالم عانت المتاحف ماديا بشكل كبير بسبب قرارات الإغلاق ولكنها تستعد الآن، بحذر وبخطوات محسوبة للعودة للحياة «الطبيعية» مرة أخرى.
وعلى موقع المتحف الإلكتروني وضعت قائمة طويلة من الإجراءات والتعليمات للزوار منها: وضع مسار باتجاه واحد يمكن الزوار من مشاهدة الأعمال الفنية بدون العودة للوراء، كما سيتم تحديد عدد الزوار الذين يمكنهم الدخول للقاعات كل ساعة وتوزيعهم على مدار اليوم وستوضع علامة على كل قاعة بعدد الزوار المتواجدين داخلها، وسيمنع المتحف استخدام أجهزة الدليل الصوتي «لتقليل خطر التلوث ونشر العدوى».
ورغم تخوف البعض من الخطوة ضمن حالة التوجس من انتشار الفيروس وشكوى البعض الآخر من أن العوائد المادية ستظل منخفضة، إلا أن قرار المتحف يسجل سابقة لغيره من المنشآت الفنية في بلجيكا وفي أوروبا.
ومع تخفيف إجراءات الحجر في كثير من بلدان أوروبا بدا أن القاعدة الأولى للجميع هي إجراءات السلامة أولا والتدرج البطيء. من جانبها حددت «اللجنة العالمية للمتاحف ومجموعات الفن المعاصر» لائحة من الإرشادات معتمدة على نتائج إعادة فتح المتاحف في هونغ كونغ وسنغافورة. من تلك الإرشادات هناك ما هو متوقع مثل تسجيل درجة حرارة الزوار والملاحظة الدقيقة لعلامات المرض لدى أي منهم، وإلزام الزوار بارتداء الكمامات، والتوقف عن الجولات الجماعية ووضع ملصقات على الأرض لتذكير الزوار بترك مساحة آمنة بينهم وبين الآخرين. ومن ناحية العاملين في المتاحف التأكد من قياس درجة حرارة العمال مرتين في اليوم وتزويدهم بالمطهرات وغيرها من الإجراءات.
في ألمانيا فتحت بعض المنشآت الفنية أبوابها مع الالتزام بتعليمات التباعد الاجتماعي وإجراءات السلامة مثل تركيب ساتر زجاجي لمنافذ بيع التذاكر لحماية الموظفين، قبول الدفع بالبطاقات الائتمانية فقط، توفير المطهرات للعاملين وأيضا توفير الكمامات لمن يطلبها وتوفير فترات محددة للزوار من كبار السن.
وفي النمسا ستبدأ المتاحف والمؤسسات الثقافية في العودة للعمل بدءا من منتصف الشهر الحالي وإن كانت متاحف كبرى مثل متحف «البلفدير» الذي أجل موعد فتح أبوابه للأول من يوليو (تموز).
أما إيطاليا والتي شهدت أكبر عدد من حالات الوفاة في أوروبا فيبدو أن البلاد سوف تعود بشكل تدريجي لفتح منشآتها الثقافية حيث حدد رئيس الوزراء جوسيبي كونتي تاريخ 19 مايو لفتح المتاحف والمكتبات العامة مع التأكيد على الاحتياطات اللازمة.
في الولايات المتحدة الوضع يبدو حذرا فحدد متحف متروبولتات للفن في نيويورك موعد الأول من يوليو لعودة الزوار بينما أعلن متحف بيريز للفنون موعد الأول من سبتمبر (أيلول) غير أن معظم المتاحف في البلاد لم تحدد موعدا حتى إلى الآن.
وحسب خارطة تفاعلية للمتاحف في أوروبا نشرتها شبكة المتاحف الأوروبية (نيمو) يبدو أن بعض البلدان اتخذت اتجاه للعودة التدريجية مع الحرص على الحذر وتوخى السلامة ولكن بلادا أخرى مثل بريطانيا واليونان قررت الانتظار. أما فرنسا فقد أعلن رئيس الوزراء إدوار فيليب منذ أيام أن بعض «المتاحف الصغيرة» سيمكنها فتح أبوابها مرة أخرى بدءا من 11 مايو الحالي بشرط ألا يتجاوز عدد أي مجموعة عشرة أشخاص. ولكن بقية المتاحف الكبرى لن تعود للعمل حتى يونيو (حزيران) القادم.
ولكن تبقى هناك مؤشرات للقلق من عودة ثانية للفيروس قد ترغم كل تلك المنشئات على إغلاق أبوابها للمرة الثانية وهو ما حدث في هونغ كونغ التي فتحت أبواب متاحفها للزوار في مارس (آذار) الماضي لتعود وتغلقها بعد أن ضربت موجة جديدة من الفيروس المنطقة كلها.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».