وزارة الثقافة العراقية تفتتح أهم قاعاتها الفنية

تضم أعمالا تشكيلية نادرة معظمها يعرض لأول مرة

سلام عطا صبري يستعرض لوحات القاعة
سلام عطا صبري يستعرض لوحات القاعة
TT

وزارة الثقافة العراقية تفتتح أهم قاعاتها الفنية

سلام عطا صبري يستعرض لوحات القاعة
سلام عطا صبري يستعرض لوحات القاعة

يحاول القائمون والمختصون في دائرة الفنون التشكيلية العراقية الحفاظ على ما تبقى من أعمال فنية نادرة لرواد الفن العراقي بعد أن ضاع الكثير منها نتيجة حوادث السرقة والتخريب التي رافقت التغيير عام 2003، ورغم استعادة بعض الأعمال بطرق شخصية وحكومية فإن الكثير منها ما زال حتى الآن رهينا لملاحقات شرطة الإنتربول لعصابات تتاجر به في السر والعلن، في حين يحاول البعض وعبر مبادرات شخصية إرجاع ما يقع بحوزتهم من لوحات ومقتنيات عائدة لموجودات المتحف الوطني للفن الحديث.
وزارة الثقافة العراقية، وضمن سعيها لتوثيق تلك الأعمال، تستعد لافتتاح أهم قاعة فنية لأعمال فنانين عراقيين يمثلون جيل ما بعد الرواد، معظمها تعرض لأول مرة أمام الجمهور، بينهم فنانون راحلون مثل الفنان الكبير رافع الناصري أو أحياء معاصرون عالميون مثل الفنانين ضياء العزاوي وعلي طالب وصالح الجميعي ومحمد مهر الدين وهناء مال الله وأعمال كرافيك للفنان ضياء العزاوي وآخرين ممن حققوا بصمة مميزة في المشهد التشكيلي العراقي، وأولهم الجماعات الفنية الحديثة مثل جماعة الأربعة والثمانية والمجددين.
يقول الفنان التشكيلي سلام عطا صبري مدير المتحف الوطني للفن الحديث في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «القاعة ستكون مفاجأة للجمهور والمهتمين بالفن التشكيلي بعد أن وجدنا أهمية لعرض تلك الأعمال، كونها لم تعرض أمام الجمهور منذ فترة طويلة، بعضها خضع لأعمال الترميم والصيانة عند استعادتها مره ثانية لموجودات المتحف الوطني للفن الحديث بعد أن تعرضت للسرقة بعد عام 2003».
وأضاف: «أهم تلك الأعمال هي عمل الفنان ضياء العزاوي (المدينة المفقودة) رسمت في بداية السبعينات من القرن الماضي، والتي تمت استعادتها أثناء محاولة السراق المتاجرة بها في أحد المتاحف العربية، وتعرف عليها الإنتربول هناك ليخبر صاحبها العزاوي الذي اتصل بدوره بنا وأخبرنا عنها وتم إرجاعها للمتحف».
وعن أهم الأعمال التي ستعرض، قال صبري: «كل الأعمال مهمة ونادرة، نذكر منها مثلا عملا للفنان الكبير الراحل رافع الناصري، وعمله عن (الزقورة) في عام 1982، والفنان راكان دبدوب، والفنان الكردستاني إسماعيل الخياط أعمال (تل الزعتر)، وأعمال الفنانين صالح الجميلي وناظم رمزي وسعدي الكعبي وهناك عمل غرافيك للفنان سامي حقي والدكتور فاخر محمد والفنان عامر العبيدي، وهناك أيضا لوحة نادرة لجبرا إبراهيم جبرا بريشة الفنان صلاح جياد رسمت بقلم الحبر، ولوحة مهمة للمرحوم داود سلمان عناد، والفنان الكبير الكردستاني الدكتور محمد عارف، وسالم الدباغ، وفاروق حسن. وكذلك هناك أعمال نحت مهمة جدا للفنانين عزام البزاز والراحل محمد الحسني وإسماعيل فتاح الترك ومكي حسين وجهاد كريم وعبد الرحيم الوكيل».
واستطرد: «خصصنا مساحة كبيرة في القاعة لأعمال الفنانات الكبيرات كونهن شاركن في وضع أولى لبنات المشهد التشكيلي العراقي، أمثال بهيجة الحكيم وأسماء الأغا والشهيدة الفنانة ليلى العطار والفنانة سعاد العطار، والفنانة رؤيا رءوف وهناك عمل مهم جدا للدكتورة هناء مال الله (1991) يمثل معبد الوركاء نفذته خلال أشهر في المتحف العراقي!».
وتمنى سلام عطا صبري أن يعهد بإنشاء متحف جديد للأعمال الفنية لشركات متخصصة ليكون متحفا للأجيال القادمة وخزانة لحفظ أعمال مهمة من كل الظروف التي تلحق بها الضرر.
وحول أهمية افتتاح تلك القاعة، قال الدكتور شفيق المهدي، مدير عام دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة العراقية لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلنا نشكو من قلة القاعات المخصصة للعرض، إذ لدينا نحو (2070) عملا فنيا معظمها من النفائس والكنوز، ونطمح أن تكون متاحة للجمهور والوفود والعراقيين جميعا للاطلاع عليها، والتعرف على حضارة ومكانة الفن التشكيلي العراقي، كذلك نحتاج إلى تخصيص ميزانية لاقتناء الأعمال الفنية المهمة من المواطنين والفنانين والفنانين الشباب».
وأكد: «القاعة الجديدة ستضيف الكثير للمشهد الفني العراقي، وقد تابعتها بشكل مناسب من حيث جاهزيتها وملاءمتها للظروف المناخية أو حوادث الحرائق وهطول المياه، وأمنت من قبل مديرة السلامة المهنية في الدائرة».
وبشأن استعادة الأعمال الفنية المسروقة أو الضائعة، قال المهدي: «وجهنا دعواتنا للمواطنين والفنانين وكل من يقدر على تزويدنا بالأعمال الفنية النادرة والمهمة التي تعود للمتحف لأجل تسليمها للوزارة وبالفعل نحن نتلقى استجابة ممتازة، من قبل فنانين ومهتمين، آخرهم التبرع بعمل نحتي متحفي للفنان هشام زيدان، قدمها مشكورا الفنان حيدر سالم، وقريبا سيزورنا السياسي العراقي المعروف رفعت الجادرجي لتقديم (300) عمل فني مهم من مجموعته الخاصة لرفد المتحف الوطني بها، وقريبا سيكون هناك افتتاح رسمي لقاعة (كولبنكيان الشهيرة) أكبر القاعات الفنية في منطقة الباب الشرقي جهة الرصافة وسط العاصمة بغداد لاحتضان المعارض الفنية».
بدوره طالب الفنان كفاح الأمين، المعنيين في وزارة الثقافة بأهمية الاهتمام بمثل هكذا كنوز وتوفير الحماية الكافية لها من أي أخطار محتملة مثل الحرائق والرطوبة وسقوط المياه عليها، وأهمية أن تكون متاحة للجمهور العراقي والعربي للاطلاع على الإرث الحضاري والفني للبلاد.
وتمنى على المختصين والمعنيين في وزارة الثقافة، أن تمنح دائرة الفنون مساحات أكبر لعرض موجوداتها كون أن المتاحف لا تخزن، وإنما تعرض 90 في المائة من موجوداتها أمام الجمهور.
وافتتح المتحف الوطني للفن الحديث رسميا عام 1962 بمشاركة لوحات لمجموعة بسيطة للفنانين الرواد مثل (جواد سليم، وحافظ ألدروبي، وإسماعيل الشيخلي.. وغيرهم) وهذه المجموعة تحولت إلى مجموعة وطنية وكانت نواة المتحف، لكن بعض الأعمال تضررت كثيرا جراء العامل الزمني والظروف المناخية وهي بحاجة للترميم والصيانة على الدوام.
ولا تزال جهود كل من وزارات الثقافة والداخلية، والخارجية، والعدل، والسياحة، والآثار لاسترداد الأعمال الفنية المفقودة في الداخل والمهربة إلى خارج البلد.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».