موجة ثانية من «كورونا» تضرب جزيرة يابانية رفعت الإغلاق مبكراً

شخص يرتدي كمامة في محطة قطار بجزيرة هوكايدو اليابانية (أرشيفية - رويترز)
شخص يرتدي كمامة في محطة قطار بجزيرة هوكايدو اليابانية (أرشيفية - رويترز)
TT

موجة ثانية من «كورونا» تضرب جزيرة يابانية رفعت الإغلاق مبكراً

شخص يرتدي كمامة في محطة قطار بجزيرة هوكايدو اليابانية (أرشيفية - رويترز)
شخص يرتدي كمامة في محطة قطار بجزيرة هوكايدو اليابانية (أرشيفية - رويترز)

تعرضت جزيرة هوكايدو اليابانية إلى موجة ثانية من الإصابات والوفيات الناتجة عن فيروس «كورونا» المستجد ‏بعدما اتخذت السلطات قراراً بإيقاف إجراءات الإغلاق ورفعت الطوارئ التي طبقتها إثر اكتشاف حالات ‏إصابة بالفيروس، في 29 فبراير (شباط) الماضي.‏
ووفقاً لصحيفة «تليغراف» البريطانية تشهد المنطقة التي توجد بها الجزيرة في شمال اليابان تلك الموجة الثانية ‏التي يقول الخبراء إنه كان يمكن تجنُّبها، لو لم يتم رفع حالة الطوارئ مبكراً جداً.‏
وأضافت الصحيفة أن جزيرة هوكايدو كانت نموذج لكيفية التحكم في انتشار الفيروس، لكنها أصبحت حالة ‏تدرس للتأثير الذي يمكن أن يحدثه «كورونا»، إذا تم تخفيف إجراءات الإغلاق مبكراً، وتابعت أن الخبراء ‏يقولون إنهم يأملون أن تتعلم المدن والدول الأخرى التي تحاول رفع القيود المفروضة على السفر والعمل ‏والمدارس من تجربة هوكايدو.‏
وأوضحت «تليغراف» أن حاكم المقاطعة، ناوميتشي سوزوكي، أعلن في 29 فبراير (شباط) حالة الطوارئ ‏استجابة للزيادة الحادة في الإصابات، التي كانت تعود إلى مهرجان مدينة سابورو للثلج السنوي الذي أقيم في ‏بداية الشهر، واجتذب أكثر من مليوني شخص إلى مدينة سابورو عاصمة الجزيرة، حيث عالجت السلطات ‏الصحية سائحاً صينياً من مدينة ووهان الصينية مركز تففّي الفيروس، وكان السائح أصيب بالمرض قبل وصوله ‏إلى هوكايدو.‏
وتابعت أنه رغم حالة الطوارئ، فقد تم علاج 118 شخصاً بحلول 12 مارس (آذار)، وهو ما جعل ‏هوكايدو المحافظة الأكثر تضرراً من الفيروس من جميع الـ47 المحافظات الأخري في اليابان.‏
ولفتت الصحيفة إلى أنه بالتزامن مع حالة الطوارئ التي تم بموجبها إغلاق المدارس، وإلغاء التجمعات وتم ‏تشجيع السكان على البقاء في منازلهم، طبقت السلطات المحلية تدابير صارمة لتعقب وعزل أي شخص كان ‏على اتصال بضحايا الفيروس، وبدا أن هذا النهج كان فعالاً، وبعد أسبوع واحد فقط، انخفض عدد ‏الإصابات الجديدة الانخفاض إلى حالة أو اثنتين في اليوم.‏
وتابعت «تليغراف» أنه على افتراض أن الأزمة انتهت، وحرصاً على إعادة تشغيل الاقتصاد مجدداً، رفعت ‏السلطات المحلية حالة الطوارئ في 19 مارس (آذار) وأعادت فتح المدارس والشركات، وذكرت الصحيفة ‏البريطانية أن السلطات أعادت مجدداً فرض إجراءات الحظر بعد 26 يوماً فقط، وبعد الإبلاغ عن 135 ‏إصابة جديدة في غضون أسبوع، واتفق الخبراء على أنه كان من السابق لأوانه رفع الإجراءات السابقة.‏
وقالت أستاذة مكافحة العدوى في جامعة العلوم الصحية في هوكايدو، يوكو تسوكاموتو: «في ذلك الوقت، لم ‏يكن لدينا معلومات كافية ولم يكن لدينا فهم كافٍ لهذا المرض»، وتابعت: «بالنظر إلى المعلومات المتاحة، ‏فإن انخفاض الإصابات إلى حالة واحدة أو اثنتين في اليوم، فيمكن القول إن الحاكم اتخذ القرار الصحيح في ‏رفع حالة الطوارئ».‏
وأضافت: «نحن نعلم أن هذه كانت خطوة خاطئة الآن»، وذكرت أن «الدروس التي سيتعين على السلطات ‏الأخرى تعلمها إذا كانت تريد حماية سكانها ستكون واضحة وهي الانتظار لأطول فترة ممكنة، للحصول ‏على بيانات دقيقة حول أعداد الإصابات والحذر الشديد للغاية عند تخفيف الإجراءات»، وقالت: «يجب ‏أن تكون السلطات مستعدة للتحرك بسرعة وإعادة القيود في أول إشارة على حدوث زيادة أخرى في ‏الإصابات».‏
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الحكومة اليابانية تعتزم تمديد حالة الطوارئ بسبب «كورونا» لنحو شهر ‏واحد في جميع أنحاء البلاد، وأن صحيفة نيكي اليابانية الاقتصادية قالت إن الحكومة ستتخذ قراراً نهائياً بعد ‏الاستماع إلى خبراء خلال اجتماع يعقد الجمعة، ومن المقرر انتهاء حالة الطوارئ الراهنة في السادس من ‏مايو (أيار).‏


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟