تعلم اللغات في صفوف افتراضية ظاهرة تروج أثناء الحجر المنزل

تندرج على لائحتها الإنجليزية والإسبانية والألمانية وغيرها

تعلم اللغات في صفوف افتراضية ظاهرة تروج أثناء الحجر المنزل
TT

تعلم اللغات في صفوف افتراضية ظاهرة تروج أثناء الحجر المنزل

تعلم اللغات في صفوف افتراضية ظاهرة تروج أثناء الحجر المنزل

يحتار اللبنانيون الذين يضطرون للحجر المنزلي، في ظل انتشار وباء «كوفيد 19»، في كيفية إيجاد وسائل مسلية تخفف عنهم وطأة البقاء في البيت، لأيام عديدة. ففيما اختار بعضهم اللجوء إلى الطبخ والرياضة ومشاهدة المسلسلات، فإن شريحة أخرى وجدت في دروس تعلم اللغات الأجنبية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي خير وسيلة لتمضية وقتها بعمل مفيد.
وإذا ما تصفحت المواقع الإلكترونية، لا بد أن تلفت نظرك هذه الظاهرة التي تعمها إعلانات ترويجية عن إمكانية تعلّم لغات مختلفة، مجاناً، أو مقابل مبلغ مالي محدد. فكما الأميركية والإسبانية، كذلك الألمانية، صار بوسع أي لبناني أن يجيدها ويتحدث بها من خلال دروس تحدد عمر التلامذة الذين يمكنهم متابعتها. فهناك دروس تمهيدية وأخرى تكميلية وثالثة أصعب يتدرج من خلالها التلميذ في تلقف لغة ما على مراحل معينة.
وبعدما كان السؤال الأشهر بين ربّات المنازل هو «شو طابخة اليوم»، تحولّ ليحمل طبيعة تثقيفية من نوع آخر يتمثل بـ«أي لغة اخترت لتعلمها؟». وهكذا صار الأولاد، كما أهاليهم، يتنافسون على تعلم هذه اللغة أو تلك، وتطبيقها عملياً فيما بينهم. فيتحدثون بها ويرددون بعض عباراتها، وهم يتناولون الطعام ويشاهدون التلفزيون أو يتعاونون في المطبخ.
وتحاول الإعلانات الترويجية الخاصة بهذه الدروس، جذب أكبر عدد ممكن من متابعيها من خلال عنونتها بطريقة تستقطبهم وتحفزهم على تعلمها.
ومن بين هذه العناوين «تعلم اللكنة الأميركية» و«دورة في الألمانية» و«محادثة بالإسبانية» وغيرها. ويقول طوني الريس المسؤول عن مدرسة تعلم الإيطالية والإسبانية، ومركزها في منطقة جل الديب في بيروت، «لقد اعتدنا إعطاء دروس تعلم لغات ضمن صفوفنا في المدرسة. ولكن اليوم وفي ظل جائحة (كورونا) ارتأينا إكمال مسيرتنا عبر الصفوف الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي». ويضيف طوني في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «غالبية تلامذتنا هم من المنتسبين إلى المدرسة منذ فترات سابقة، ولم يرغبوا في قطع دروسهم التعليمية في ظل الحجر المنزلي. وهم يواظبون لمرة أو أكثر في الأسبوع على تعلّم الإيطالية أو الإسبانية، التي يهتم أساتذة مختصون بتقديمها لهم».
وتستغرق الجلسة الواحدة من هذه الصفوف نحو 90 دقيقة يتعلم خلالها التلامذة كتابة وقراءة اللغات، واستيعابها، من خلال السمع وجلسات محادثة مباشرة. أما كلفة هذه الدروس، التي تستغرق دورتها الكاملة نحو 22 جلسة، فتتراوح ما بين 450 و550 ألف ليرة.
ويعلق طوني الريس متابعاً: «هناك دروس للمبتدئين وأخرى للقدامى، وتجري ضمن صفوف افتراضية تستوعب أكثر من 5 تلامذة. وتبقى الإشارة إلى أن الحجر المنزلي دفع بعدد من الناس للانتساب إلى مدرستنا للاستفادة من قعداتهم الطويلة في المنزل. فهم يتثقفون ويجيدون لغات جديدة ويلونون يومياتهم بوقت أسرع».
وتحت عنوان «حديث على فنجان قهوة»، يقدم «المعهد التكنولوجي الدولي» في بلدة النبطية دروساً في اللهجة الأميركية، كي يجيد متحدثها ممارستها على أساس اللهجة الشعبية الرائجة في أميركا، التي يستخدمها أهل البلد في يومياتهم بعيداً عن تلك التي يمكن أن يتعلمها الشخص في المدارس. فهنا يختلف الأمر بالنسبة لتعلم اللغات، لأنه بالممارسة والتطبيق يتعلم التلامذة اللكنة، وكذلك عبارات مشهورة ورائجة في الإنجليزية، تنبع من الحديث الشعبي، وليس المعتمد على قواعد لغوية فقط.
ويرى مروان حيدر، أحد المتطوعين لإعطاء دروس في البرتغالية، أن «كورونا» كشفت عن وجوه إيجابية، بينها تمضية وقت الحجر المنزلي بأمور مفيدة لصاحبها. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تلامذتي هم أولاد أصدقاء لي، وأحياناً يشاركهم أهاليهم هذه الصفوف كي يطبقوا ما يتعلمونه في أحاديث تجري فيما بينهم. فصباح كل يوم نمضي نحو 20 دقيقة في صف افتراضي يجمعنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ألون هذه الدروس بصفوف نتحدث فيها عن مكونات طعام ومسلسلات تلفزيونية وعمليات بيع وشراء وغيرها من الموضوعات التي تفيدهم في استخدام هذه اللغة في مجالات مختلفة فيما لو شعروا بالحاجة لذلك».
وترى أماندا، وهي ربة منزل، وتتعلّم الإنجليزية، ضمن صفوف افتراضية، أن تعلم اللغات هو أمر شيق جداً يخولها فهم أحاديث أولادها التي يتناولونها بهذه اللغة. وتعلّق في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لطالموا وجه لي أولادي انتقادات كثيرة حول طريقة لفظي عبارات بالإنجليزية بطريقة غير صحيحة. هذا الأمر دفعني إلى دخول عملية تحد جديدة أبرهن فيها عن قدراتي التعليمية. فصحيح أني في العقد السادس من عمري، ولكني لا أزال أتمتع بطاقة كبيرة تخولني اكتساب قواعد التحدث بالإنجليزية على الأصول. وبذلك سأتفادى أخطاء لفظية بالإنجليزية كانت تتسبب لي بالحرج أمام أولادي الذين يتقنونها».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».