فرنسا تعلن «استراتيجية وطنية» لتخفيف إجراءات {كورونا} اليوم

التخوف الرئيسي يكمن في وصول موجة جديدة من الوباء

أمام فندق خاوٍ من النزلاء في مدينة كان على الريفييرا الفرنسية أمس (أ.ف.ب)
أمام فندق خاوٍ من النزلاء في مدينة كان على الريفييرا الفرنسية أمس (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تعلن «استراتيجية وطنية» لتخفيف إجراءات {كورونا} اليوم

أمام فندق خاوٍ من النزلاء في مدينة كان على الريفييرا الفرنسية أمس (أ.ف.ب)
أمام فندق خاوٍ من النزلاء في مدينة كان على الريفييرا الفرنسية أمس (أ.ف.ب)

بعد 41 يوماً من الحجر الصحي المفروض على الفرنسيين لغرض إبطاء تفشي وباء «كورونا»، يمثل رئيس الحكومة إدوار فيليب أمام مجلس النواب بعد ظهر اليوم ليعرض «الاستراتيجية الوطنية لخطة رفع العزل» وسط مخاوف ورهانات وانعدام اليقين بالنسبة للعديد من المسائل.
ويتمثل التخوف الرئيسي في وصول موجة جديدة من الوباء في حال لم تنجح التدابير والإجراءات التي تربط الحكومة بها رفع العزل مثل المحافظة على مسافة محددة للتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة الواقية وإجراء مكثف لاختبارات الإصابة بـ«كوفيد 19» لا تقل عن 100 ألف اختبار في اليوم وتوفير السوائل المطهرة وعدم ظهور بيئات جديدة لانتشار العدوى. ومن المقرر أن يعرض فيليب خطته أمام 75 نائباً فقط في البرلمان سيتاح لهم الحضور «من أصل 577 نائباً»، وأن تطرح للتصويت مباشرة عقب النقاش، الأمر الذي يثير انتقادات عنيفة للحكومة سواء كان من صفوف المعارضة أو من داخل الأكثرية النيابية. وترى هذه الأصوات أن الحكومة تزيف قواعد الديمقراطية لأنها لا تعطي الوقت اللازم للنواب لدراسة خطتها وأن ما يهمها هو تكبيل أفواه نواب الأكثرية مخافة بروز انشقاقات داخلها بشأن الخطة المعروضة وأيضاً بصدد رغبة الحكومة بتشريع العمل بما يسمى تطبيق «ستوب كوفيد» للرقابة الإلكترونية للأشخاص المصابين بالوباء وبمن يتواصلون معهم. وثمة تخوف على الحريات الفردية ومن تحويل هذه الأداة لوسيلة مراقبة للمواطنين ولتصرفاتهم.
تقوم الخطة الحكومية على إعلان يوم 11 مايو (أيار) المقبل منطلقاً للتخفيف من إجراءات العزل. واستبق رئيس الحكومة موعد الغد بإجراء مروحة واسعة من المشاورات أمس مع الوزراء والإدارات المعنية رغبة في تجنب أي خطوة متسرعة أو في غير محلها. وعلى غرار الدول الأوروبية الأخرى، فإن الرغبة الحكومية مصدرها الأول الحاجة إلى إعادة إطلاق العجلة الاقتصادية المتوقفة منذ 17 مارس (آذار). وتفيد أرقام وزارة الاقتصاد بأن البطالة الجزئية تصيب ما يزيد على 9 ملايين موظف وعامل، وأن تكلفتها تتخطى الـ25 مليار يورو. وتتولى الدولة دفع رواتب هؤلاء الأشخاص الذين ينتمون إلى القطاع الخاص بنسبة تتراوح ما بين 70 و80 في المائة. وزادت أرقام البطالة التامة في شهر مارس وحده، دفعة واحدة بنسبة 7.1 في المائة، أي ما يساوي 246 ألف شخص. وتقدر الوزارة نفسها أن الناتج الإجمالي الخام سيتراجع بنسبة 8 في المائة وستصل الديون العامة بالنسبة إلى هذا الناتج إلى 115 في المائة. وبما أن الاتحاد الأوروبي أعفى أعضاءه من احترام القاعدة المعمول بها تقليدياً التي تفرض ألا يتجاوز عجز الموازنات الأوروبية نسبة 3 في المائة، فإن باريس استفادت من هذه الليونة ولذا فإن عجز ميزانيتها سيصل إلى 9 في المائة. ولعل أفضل برهان على الوضع الاقتصادي، فإن الحكومة أقرت تقديم 7 مليارات يورو لشركة «إير فرانس» «بين ضمان ديون وقروض» وخمسة مليارات لشركة «رينو» لصناعة السيارات، سعياً منها إلى المحافظة على الصناعات الرئيسية والحبل على الجرار.
وتقوم الاستراتيجية الحكومية المشكلة من ستة فصول على مبدأ الحرص على التوازن ما بين إعادة إطلاق الاقتصاد من غير إعادة إطلاق الوباء. وتتناول الخطة أبواب الصحة: «الكمامات، واختبارات كوفيد 19، والحجر... » المدرسة، العمل، المتاجر، النقل والتجمعات «الاحتفالات الدينية، والرياضية، والسياحية... ». واستبق المجلس العلمي الكشف عن الخطة الحكومية بالتعبير عن «تحفظاته» إزاء عودة التلاميذ إلى المدارس بدءاً من 11 مايو مفضلاً أن تتم في سبتمبر (أيلول)، واضعاً شروطاً قاسية لها في حال أصرت الحكومة عليها. ومشكلة الحكومة أن دعوتها إلى عودة الموظفين إلى مكاتبهم والعمال إلى مصانعهم لا يمكن أن تتم ما دام الأطفال والطلاب في المنازل. وأفاد وزير التربية بأن عودة التلاميذ ستكون على قاعدة «اختيارية»، بمعنى أنه لن يكون هناك إلزام بها. أما بالنسبة للعمل، فإن الحكومة تشجع الاستمرار بالعمل عن بعد في حال كان ذلك ممكناً، مع التأكيد على ضرورة توفير جميع تدابير الوقاية. كذلك ثمة مشكلة رئيسية في كيفية احترام مبدأ التباعد في وسائل النقل المشترك كالقطارات والمترو والحافلات. وثمة خطط تدرس لتلافي الازدحامات الصباحية أو بعد انتهاء دوام العمل. أما التجمعات الدينية والرياضية وخلافها فإنها ستبقى ممنوعة رغم ضغوط الكنيسة والهيئات الدينية الأخرى. ومن الناحية المبدئية سيتاح لجميع المحلات التجارية معاودة فتح أبوابها بدءاً من صباح 11 مايو. إلا أن هذا التدبير لا يشمل المطاعم والمقاهي والفنادق. كذلك ستبقى الرحلات الجوية متوقفة وطلب إلى الفرنسيين ألا يسارعوا للقيام بحوزات العطلة الصيفية خارج البلاد. وينتظر أن تنص الخطة على تكييف إجراءاته وفق الأوضاع المحلية.
واضح بالنسبة للمراقبين أن الرئيس إيمانويل ماكرون ومعه الحكومة يجدان نفسيهما أمام تحدي إنجاح تدابير التخلي التدريجي عن حالة العزل التي مكنت فرنسا من السيطرة جزئياً على تفشي الوباء. وتفيد أرقام وزارة الصحة بأن عدد الوفيات جاور الـ23 ألف حالة ما يجعل فرنسا تلحق بإسبانيا وإيطاليا. لكن ما يشجع الحكومة استمرار تراجع أعداد الوفيات اليومية وكذلك تراجع أعداد الأشخاص الموجودين في أقسام الرعاية الخاصة في المستشفيات. لكن ما يقلق السلطات السياسية والصحية أن الحجر الذي أتاح خفض أعداد الضحايا وتمكين المستشفيات من استقبال المصابين حال، في الوقت عينه، من سريان الوباء بين المواطنين، إذ إن نسبته لا تتجاوز الستة في المائة. وتعكس هذه النسبة المخاوف من «موجة» جديدة عندما يتم الانتهاء من العمل بالعزل. وتفيد آخر استطلاعات الرأي أن أقل من 40 في المائة من الفرنسيين تثق بسياسة الحكومة في مواجهة الوباء، وبالتالي فإن فشل «استراتيجيتها» سيكون بمثابة «كارثة» سياسية واقتصادية وصحية تأمل تجنبها.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.