المسلسلات العربية تحافظ على نمطيتها في اليوم الأول من دراما رمضان

حضور مميز لأولى حلقات «الساحر»

عادل إمام ودلال عبد العزيز في «فالنتينو»
عادل إمام ودلال عبد العزيز في «فالنتينو»
TT

المسلسلات العربية تحافظ على نمطيتها في اليوم الأول من دراما رمضان

عادل إمام ودلال عبد العزيز في «فالنتينو»
عادل إمام ودلال عبد العزيز في «فالنتينو»

ليس من الصعب التغلب على التقليد المتوارث والطبيعة تغلب التطبّع. هذا هو حال العدد الأوفر من المسلسلات التي شوهدت في اليوم الأول من رمضان والتي نختار منها ثلاثة هذا اليوم، كل منها ينتمي إلى فصيل مختلف من الدراما التلفزيونية.
كل شيء يُمارس عبر سنين طويلة ويلقى إقبالاً جماهيرياً مرشح لأن يستمر منواله القصصي ومنواله الفني والإنتاجي أيضاً. ليست هناك جرأة، في العديد من الحالات، لتجاوز المعهود.
على هذا الأساس، تبقى أغلب مسلسلاتنا - ولو أن الحكم في مجمله مبكر - حريصة على ما تعودت عليه خوفاً من التجديد غير المضمون.

- «فالنتينو»
يتجسد ذلك في «فالنتينو» (إم بي سي وقنوات أخرى) الذي يقود بطولته عادل إمام ويخرجه رامي إمام.
بدءاً من اللقطات الأولى (بعد المقدّمة التي تستمر لأكثر من 4 دقائق) تجد نفسك أمام التركيبة ذاتها: بيت وثير، شاسع المساحة، ثري المقتنيات والديكورات ومرتفع بمن فيه عن غالبية المحيط الاجتماعي. إنه منزل «فالنتينو» وأسرته. والمشهد الأول له وهو يستيقظ على صوت زوجته (دلال عبد العزيز) وهي تأمره وتنهره. صوتها يملأ المنزل الشاسع وصولاً للمشهد الذي يجمعها مع زوجها واثنين من أولادهما الثلاثة. قريباً بعد ذلك نعرف أن الزوجين شريكان في تأسيس سلسلة من المدارس باسم «فالنتينو» ولو أن الآمر الناهي هي الزوجة. والحلقة الأولى، برمّتها، هي تعريفية بالعائلة ومن يجاورها.
في الأساس، لا مبرر للعنوان إلا من باب التندّر. لا نعرف إذا كان اسم فالنتينو هو الأول أو الثاني من اسم صاحبه. ربما الحلقات المقبلة ستكشف سبباً للعنوان، لكن هذه الحلقة الأولى مبنية على بيت عائلي يتعرض للاهتزاز بسبب فقدان الحب، وهو على عكس ما تعنيه شخصية القديس والشاعر الرومانسي الروماني فالنتينو.
لكن المسألة التي تواجهنا بعد ذلك هي الآيلة للحضور والاستمرار. بعد حين سنتجاهل عدم وجود علاقة بين هذا «الفالنتينو» وذاك، لكن ما توحي به الحلقة الأولى هو ذلك الاعتماد على تغييب أي محاولة فنية لتمييز العمل عن أعمال سابقة للثنائي عادل ورامي إمام: البدايات ذاتها، الحوارات وطريقة إلقائها نفسها والكاميرا التي تجول في كل اتجاه لتظهر شكلاً إنتاجياً يفتخر البرنامج به، هو منوال موحد في كل مناسبة ولا منهج فني له، بل هو حركة دائمة عامة وبلا غاية أخرى. لا ألوان تلتقي والمناخات التي نشاهدها، ولا الإضاءة تتنوع لتكسر حدة المناظر المسطحة. وحين يأتي الأمر للتمثيل فإن المتوقع من كل ممثل هو ما نحصل عليه وتحت شخصيته أكثر من سطر (أو مشهد) ليؤكد ما سبق حوله.

- «طريق محمد علي»
إذا كان «فالنتينو» مسلسلاً كوميدياً فإن القليل من الضحكات متوفرة في هذه الحلقة الأولى. هذا على عكس «طريق محمد علي» (تلفزيونا «الكويت» و«أبوظبي») الذي يعكس مباشرة جو التراجيديا المتوقع. هنا مطلع إلمام بما سيلي: حكاية تقع أحداثها بين الكويت والهند في سابق زمان مع شخصيات عديدة من الصعب (ربما لواحد من خارج الثقافة المحلية) التعرّف على ارتباط كل منها بالآخر. الحال أن «محمد علي رود» (كما هو معلن في العنوان) يسارع بتقديم شخصيات من دون خلفيات واضحة ولا رسم لعلاقة العائلات بعضها ببعض، فإذا بالمرء يتابع عدة حكايات تنتهي الحلقة وخيوطها ما زالت فالتة.
كان يمكن رسم دوائر أفضل حول كل شخصية، طالما أن هناك الكثير منها ولا تنتمي لبيت واحد. بداية نتعرف على القبطان (محمد المنصور) مباشرة بعد المقدّمة التي تصدح بمحاولة شعرية. ثم نتابع التاجر عبد الوهاب (سعد الفرج) وهو يطلب ديناً، ثم على نساء الحي وأبنائهن وبناتهن وكل منهن ذات هم مختلف.
الإخراج (لمناف عبدال) لا يختلف مطلقاً عن المعهود أيضاً. الموسيقى الحزينة (بالناي والكمان) ذاتها تريد تأليف الجو عوضاً عن المساهمة فيه والمواقف متكررة الحدوث مع حوارات متوالية حتى من بعد أن أوفت بالمطلوب منها. ثم هناك الكاميرا التي تبقى على وجه البعض حين يشعر ذلك البعض بالأسى. ولولا أن بعض الممثلين (مثل سعد الفرج ومحمد المنصور وهيفاء عادل وفاطمة الحوسني) يعكسون إدراكهم الكامل بالنص وموهبتهم الفعلية لما وجد هذا الناقد ما يمكن مدحه في هذا العمل.

- «الساحر»
نعم هي حلقات أولى تلك التي نتحدث عنها والحكم عليها فقط، لكن بعض المسلسلات لا تحتاج إلى حلقة ثانية أو ثالثة لكي تعلن حضوراً مميّزاً بفهم وممارسة أعلى شأناً من سواها. أحد هذه المسلسلات «الساحر» (محطات لبنانية وسورية ودمشق وإماراتية من بينها إل بي سي وأبوظبي) إخراج محمد لطفي وبطولة عابد الفهد.
لا إضاعة وقت هنا. يضع «الساحر» مشاهديه أمام شخصياته الرئيسية ويفتح الباب مباشرة على الحبكة التي تؤسس لما سيلي. وعوض كاميرا تبحث عن وظيفة يأتي التصوير (لجلبير جعجع) داعماً للعمل على نحو فاعل. هي دائماً في المكان الصحيح ومن الزاوية المناسبة لتؤازر الموقف والممثل.
هذا إنتاج إماراتي (لشركة يملكها الأردني إياد الخزوز) لحكاية تقع في لبنان مع ممثلين لبنانيين وسوريين باللهجتين معاً. يتمحور بنجاح حول شخصية واحدة، مما يسهل التعاطي مع الشخصيات العديدة التي تحيط بها الآن ولاحقاً. الساحر هو اللقب الذي يوصم به رجل في منتصف العمر (عابد فهد) لديه محل فيديو ويعمل DJ في مرقص ليلي. لديه شقيق مدمن قمار يحاول مساعدته من الحفرة التي وقع فيها، وحتى عندما تنبري الحلقة لاستعراض شخصيات أخرى (امرأة شابة تدرك أن زوجها رجل الأعمال يخونها، وبصّارة يلاحقها رجل يعتقد أنها تحبه لكنها تتدلل عليه) تبقى هذه الشخصيات في المدار نفسه ولا تشتط بعيداً عن الحبكة الرئيسية.
مقدّمة الحلقة تضعنا أمام اقتراح بأن المسلسل سيتحدث عن وقائع اجتماعية - سياسية. تبدأ بظهور الساحر على شاشة التلفزيون لكن عوض الضحك على عقول الناس بتنبؤات تدغدغ أحلامهم يستغل الفرصة هذه المرّة ليؤكد لمشاهديه أنه كان يكذب عليهم وأن الأوضاع ليست على ما يرام ولن تكون على ما يرام في المستقبل بل يرى أنها ستكون أكثر دكانة.
لا يحدد البلد المشكو من سُلطته، لكنه يوحي به مشاهد وحوارات بعدما ينتقل، من ذلك الإعلان التلفزيوني لشخص يعترف بذنبه على الملأ ويحذرهم من الاستمرار في الحلم، إلى ما قبل سنوات من تلك المكاشفة. هذا يعني أن الحلقات التالية ستطلعنا على الخطوات التي أدت إلى هذه المكاشفة وما تبعها عندما تلتقط الساحر سيارتان غامضتان وتمضيان به بعيداً.


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».