أميركيون يشكون في إصابتهم بـ«كورونا» قبل أسابيع من تفشي الوباء

تقارير طبية أكدت وفاة مرضى جراء «كوفيد ـ 19» بداية فبراير

عاملة صحة تشرح لمصاب محتمل كيفية إجراء فحص {كورونا} في بروكلين (نيويورك تايمز)
عاملة صحة تشرح لمصاب محتمل كيفية إجراء فحص {كورونا} في بروكلين (نيويورك تايمز)
TT

أميركيون يشكون في إصابتهم بـ«كورونا» قبل أسابيع من تفشي الوباء

عاملة صحة تشرح لمصاب محتمل كيفية إجراء فحص {كورونا} في بروكلين (نيويورك تايمز)
عاملة صحة تشرح لمصاب محتمل كيفية إجراء فحص {كورونا} في بروكلين (نيويورك تايمز)

في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، اجتاح مرض غامض مركز اتصالات في ناطحة سحاب بشارع ميشيغان في شيكاغو. فقد ظهر لدى ما يقرب من 30 شخصًا في قسم واحد فقط، أعراضه شملت السعال الجاف والحمى، ولم يتمكنوا من التخلص منها. وعندما عادوا تدريجياً إلى العمل، بعد قضاء أيام العطلة المرضية، كان التعب بادياً عليهم. أفادت جولي باركس، الموظفة البالغة من العمر 63 عامًا التي كانت بين المرضى: «لقد بدأت أعتقد أنه فيروس كورونا. ربما أصبت به، لكني لست متأكدة».
تعززت الشكوك بعدما جاءت نتائج الأسبوع الحالي لتكشف أن سبب الوفيات التي شهدتها الولايات المتحدة في أوائل فبراير (شباط) الماضي كانت نتيجة لفيروس «كورونا»، لتغير بشكل كبير من الفهم العام بشأن مدى انتشار الفيروس في هذا البلد في وقت مبكر. ويعتقد الباحثون الآن أن التفشي الخفي كان عبر مدن مثل شيكاغو ونيويورك وسياتل وبوسطن في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، في وقت أبكر مما كان معروفًا من قبل.
وقد أعطى الخط الزمني الجديد مصداقية لسؤال يدور في أذهان كثير من الأميركيين: هل أصبت بالفعل بفيروس «كورونا»؟
عادة ما يجري البحث على عدة مراحل، حيث يتساءل الأشخاص الذين عانوا من نوبات مخيفة من أمراض تشبه الأنفلونزا ما إذا كانت تلك الأعراض لفيروس «كورونا». أعاد الأطباء التفكير مرة أخرى في الحالات غير المبررة، ويعمل الأطباء على مراجعة سجلاتهم بحثًا عن حالات من المحتمل أن يكون قد جرى تشخيصها بطريقة خاطئة. ويطالب الساسة المحليون بإجراء تحقيقات في هذا الشأن.
وقال الطبيب الشرعي بمقاطعة «روك آيلاند»، براين غوستافسون، إنه غير قادر على إجراء اختبارات فيروس كورونا بعد الوفاة، لكن لديه اعتقادًا راسخاً بأن الوفيات والأمراض الناجمة عن فيروس «كورونا» في مختلف أنحاء البلاد لم يجرِ الانتباه إليها لأسابيع كثيرة بداية العام الحالي، نظراً لاعتقاد السلطات أن الفيروس كان بعيداً، وأنه نشيط فقط خارج البلاد. ويتشكك غوستافسون في أن الأعداد المسجلة كانت أقل من الواقع، ويعتقد أنه نفسه قد أصيب بفيروس «كورونا» في يناير (كانون الثاني)، عندما كان متعبًا للغاية وأصيب بالحمى، وكان يستجمع قواه بالكاد ليمشي من سريره إلى الحمام.
واستطرد غوستافسون، الذي عمل لفترة ممرضاً، قائلاً: «أعتقد أن المرض وجد قبل فترة طويلة من معرفتنا للفيروس»، وإنه «أصيب بالفيروس من أحد الأشخاص المتوفين حديثًا الذين تم نقلهم إلى مكتب الطبيب الشرعي قبل فترة طويلة من بداية البحث في ولاية أيلينوي عن حالات إيجابية للفيروس؛ هذا هو الشيء المنطقي الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه».
وأمضى بعض الناس أياماً طويلة في المنزل يراجعون تفاصيل نوباتهم لمعرفة ما إذا كانوا قد أصيبوا بفيروس كورونا. ففي مدينة روتشيلد بولاية ويسكونسن، يواصل تومي سوينسون، وصديقته تامي سويكرت، التفكير في المرض الذي أصابهما خلال فصل الشتاء، والذي انتشر على نطاق واسع في قريتهما التي يبلغ عدد سكانها 5 آلاف شخص. وقال سوينسون، سائق شاحنة متقاعد، إن الأمر لم يكن مثل الإنفلونزا، فطعم الحليب والصودا كانا مختلفين في الفم بدرجة لم يعهدها في السابق. وكان بالكاد يستطيع النوم في الليل، كما كان يعاني من ذلك السعال الصاخب والشعور بثقل شديد على صدره.
وأضاف سوينسون: «نحن نتحدث عن ذلك طوال الوقت. ماذا لو كان لدينا فيروس كورونا؟ هل نحن محصنون ضده الآن، أم أنه سيصيبنا مجدداً؟»
ويقول خبراء الأمراض المعدية إن الجواب معقد، إذ يعتقد كثيرون أن عدد الأشخاص الذين تعرضوا لفيروس كورونا أكثر من 5 إلى 20 مرة من الذين ثبتت إصابتهم، وهو الاعتقاد الذي تدعمه بيانات كثيرة. لكن احتمالية أن تكون واحدًا منهم تختلف حسب المكان الذي تعيش فيه. فقد تكون اختبارات الدم التي يمكنها الكشف عن الأجسام المضادة لفيروس «كورونا» ذات معدلات إيجابية خاطئة، عندما يكون التعرض للفيروس في مجتمع ما منخفضاً نسبيًا. وكان العام الحالي أيضًا عامًا سيئًا للإنفلونزا الموسمية، لذلك إذا شعرت بتعب ما في يناير (كانون الثاني) أو فبراير (شباط)، فهناك احتمال أن تكون قد أصبت بالإنفلونزا. وحتى مع توفر اختبارات أكثر مصداقية للأجسام المضادة، فمن غير المعروف إلى متى يظل الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة محصنين ضد الفيروس.
وفي هذا الصدد، أفاد أندرو نويمر، أستاذ الصحة العامة المساعد في جامعة كاليفورنيا، بأن «الكل يريد بشدة أن يكون محصناً ضد هذا الشيء». بعد تطلع كل منا إلى معرفة حالته الشخصية، من المهم معرفة عدد الأشخاص المصابين ضمن السكان للتيقّن من مناعة القطيع. وبما أنه يعتقد أن الشخص المصاب ينقل الفيروس إلى شخصين أو 3 أشخاص آخرين، فسوف يتوقف الفيروس عن الانتشار بعد أن يكون قد أصاب 50 في المائة من السكان على الأقل.
وقالت ناتالي دين، الأستاذة المساعدة في الإحصاء الحيوي بجامعة فلوريدا، إنه «فيما يخص القرارات المتعلقة بالسياسة، نحن لسنا قريبين من مناعة القطيع، لذا هذه هي الإجابة».
ومن جهته، أفاد حاكم الولاية، أندرو كومو، الخميس، بأن نحو 21 في المائة من عملاء سوبر ماركت في مدينة نيويورك المتضررة بشدة، الذين تم اختبارهم بحثًا عن أجسام مضادة لفيروسات كورونا، جاءت نتائجهم إيجابية. وإذا ثبت أن هذا المعدل ثابت في جميع أنحاء المدينة، فهذا يعني أن نحو 1.7 مليون شخص -أو 12 ضعف عدد الحالات المؤكدة الآن- قد أصيبوا به.
لكن في كاليفورنيا، بحسب الخبراء، من المرجح أن يكون عدد المصابين أقل من 5 في المائة. لكن في أماكن أخرى، حيث الحالات والوفيات أقل عدداً، فإن عدد السكان المصابين يصعب قياسه باستخدام اختبارات الأجسام المضادة السريعة المتاحة حاليًا. وأفاد الخبراء بأن الأمر يستغرق وقتًا لتطوير اختبارات موثوقة للأجسام المضادة، والتحقق من صحتها ونشرها، وفهم أهميتها بالنسبة للحصانة الفردية. وقالت إيفا هاريس، أستاذة الأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا التي تدرس التعرض للفيروس مع مرور الوقت في منطقة باي: «نعم، سيتمكن الناس في هذا البلد من معرفة ذلك، لكن ليس اليوم».
وخضعت حالات الوفاة في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) لفحص جديد بعد إعلان الأسبوع الحالي في مقاطعة «سانتا كلارا» بكاليفورنيا أن امرأة توفيت في 6 فبراير (شباط) مصابة بفيروس «كورونا». وحدثت الوفاة قبل أسابيع مما كان يعتقد في السابق أنها الحالة الأولى في الولايات المتحدة بسبب الفيروس.
وقالت الدكتورة ميشيل جوردن، مختصة التحاليل الطبيبة بمقاطعة سانتا كلارا، إن مكتبها يحقق في حالات وفاة أخرى أيضاً، وإن مكتبها قد أرسل عينات من الحالات المشتبهة إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ولا يزال بعضها معلقاً.
وقال حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، إن المحققين يدرسون تقارير الطب الشرعي، وتشريح الجثة التي تعود إلى ديسمبر (كانون الأول)، وكذلك تقارير أخرى وردت من بعض مقاطعات الولاية، لتحديد ما إذا كانت هناك حالات وفاة أخرى سابقة ناجمة عن الفيروس ذاته. لكن الخبراء أفادوا بأنه سيكون من الصعب التمييز بعد فوات الأوان بين الإنفلونزا الموسمية وفيروس «كورونا».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».