لبنان: الأزمة تضرب مساعدات المحتاجين

تعقيم مسجد في صيدون
تعقيم مسجد في صيدون
TT

لبنان: الأزمة تضرب مساعدات المحتاجين

تعقيم مسجد في صيدون
تعقيم مسجد في صيدون

يخيم شبحان على حلول شهر رمضان الكريم في لبنان هذا العام. الأول هو فيروس «كورونا» وما يفرضه من تباعد اجتماعي يحول دون اجتماع العائلات حول موائد الإفطار. والثاني هو الإجراءات المصرفية التي تحول دون حصول المودعين على أموال تزيد عن الحد المسموح به، ليؤدوا واجباتهم في دعم العائلات الفقيرة، كما جرت العادة كل عام.
لكن هذين الشبحين، لم يعطلا الاستعداد للشهر الفضيل بما تيسر من إمكانات، كما يقول القاضي الشرعي ومسؤول صندوق الزكاة في جبل لبنان الشيخ محمد هاني الجوزو لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً أن «المطابخ الخيرية في دار الإفتاء فتحت أبوابها لتحضير الوجبات الساخنة التي تتولى البلديات تسليمها إلى العائلات المحتاجة. كذلك إلى العائلات في بعض المناطق المحجورة بسبب انتشار فيروس «كورونا»، كبلدة برجا في جبل لبنان».
ويضيف أن «الجمعيات الخيرية التابعة للأوقاف أو الجمعيات الأهلية التي ننسق معها، بدأت بإحصاء كامل للعائلات المحتاجة على أن يصار إلى توزيع المواد التموينية عليها. إلا أن توفر الغذاء في رمضان لا يلغي صعوبة الحصول على المال اللازم لمساعدة عائلات كثيرة في دفع إيجارات منازلها، أو تأمين ثمن الدواء لمن يحتاجه مع تفاقم البطالة وارتفاع نسبة الفقر، لا سيما بعد توقف المساعدات من الدول إلى المؤسسات الخيرية، ومع امتناع المصارف عن تزويد هذه الجمعيات بأموالها المحجوزة بسبب الأزمة المالية الراهنة».
تقول فدا عطار من جمعية «أشغالنا» التابعة لـ«دار الأيتام الإسلامية» إن «الجمعية تواصل التزامها بالعائلات المسجلة لديها، كما جرت العادة مع حلول الشهر الكريم. إلا أن هناك صعوبة في المساعدة الفردية. فقد دأب عدد كبير من اللبنانيين على التبرع لعائلات محتاجة في شهر رمضان. والسبب هو إجراءات المصارف التي تمنع عن أصحاب الودائع الحصول على المبالغ اللازمة. ولا نجد إلا الاعتذار من هذه العائلات التي تعتمد على هذه المساعدات الفردية، وتحديداً في شهر رمضان».
ويقول مدير المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات في صيدا حسان قطب لـ«الشرق الأوسط» إن «الجمعيات رتبت طريقة عملها وفق ما تفرضه ظروف منع التجول بسبب «كورونا». لذا غابت موائد الرحمن التي كانت تجمع العائلات المحتاجة في مطاعمها، ليصار إلى توزيع الوجبات الساخنة على هذه العائلات في المنازل. وحرصت بعض الجمعيات ليس فقط على تأمين الطعام، ولكن بعض المستلزمات الضرورية لهذه العائلات، وتحديداً حليب الأطفال».
عن صلاة التراويح والدروس الدينية التي يحول دونها منع التجول السائد كل ليلة بسبب «كورونا»، يقول الشيخ الجوزو إن «صلاة التراويح هي سنة مباركة خلال شهر رمضان الكريم. لكن المساجد أغلقت أبوابها بوجه المصلين وتوقفت عن أداء الفرائض منعاً لانتشار الفيروس. لذا، لا يمكن إحياء السنة في حين يتعذّر إقامة الفريضة. إلا أنه لا مانع من إقامة صلاة التراويح في المنازل. ومن المفيد أن يتعود أفراد العائلة إحياء الصلوات جماعة».
ويشير الجوزو إلى أن «دار الإفتاء تقوم بدراسة جدية بغية فتح المساجد لإقامة الفرائض في هذا الشهر الكريم، بعد الالتزام بتعليمات التعقيم. وتجري اتصالات مع وزارة الداخلية اللبنانية بهذا الشأن». ويوضح أن «دوائر الأوقاف والجمعيات والدعاة شرعوا بتقديم المواعظ والدروس الدينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى تقديم النصائح والإرشادات وحث المؤمنين على صلاة التراويح».
من جانب آخر، ترى عطار أن «رمضان سيمر هذا العام من دون تواصل مع العائلة. ومائدة الإفطار لن تجمع الأبناء والأحفاد، كما جرت العادة. لكن علينا أن نرضى بهذا الواقع الذي يحرمنا من الحرارة العائلية حتى لا يصاب أي منا بالفيروس». ويرى حسان قطب أن «الضائقة المالية، بالإضافة إلى «كورونا» حالا دون الإفطارات العائلية التي كانت تضفي أجواءً مميزة تليق بالشهر الفضيل».


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.