تصاعد الخلافات بين نيابة «الوفاق» العسكرية والسراج حول المرتبات

TT

تصاعد الخلافات بين نيابة «الوفاق» العسكرية والسراج حول المرتبات

تصاعدت حدة الخلافات والضغوط التي تُفرض بمنطق «السلطة والقوة» على فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي بالعاصمة الليبية طرابلس، بعد رفض النيابة بمكتب المدعي العام العسكري تطبيق قراره بتخفيض المرتبات عليها، ومطالبتها بمساواتها بأعضاء الهيئات القضائية؛ حيث اعتقلت حسن الدعيسي، رئيس اللجنة الدائمة لترشيد مرتبات الجهات العامة بوزارة المالية بحكومة «الوفاق»، مما أثار استهجان مختلف الأطراف في البلاد.
وقالت وزارة المالية إن الدعيسي «يتعرض لممارسات خارج إطار القانون، بالتحقيق معه من جهة غير مختصة ولائياً، ممثلة في أعضاء النيابة بمكتب المدعي العام العسكري». وأشارت في بيان أمس، على خلفية عملية الاعتقال، إلى أنه «سبق لبعض أعضاء النيابة بمكتب المدعي العام العسكري التقدم بطلبات إلى وزارة المالية، بهدف معاملتهم مادياً بنفس معاملة أعضاء الهيئات القضائية»، مبرزة أنها «عرضت الموضوع على اللجنة المالية الدائمة بالوزارة، والتي انتهت إلى الاستجابة لمطالبهم، وفقاً للرأي القانوني الذي تضمنته فتوى إدارة القانون بالمجلس الأعلى للقضاء، على أن يتم إدراج مرتباتهم بالترتيبات المالية للعام المالي الحالي 2020».
وقال الدكتور عطية الفيتوري، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «الأمور في العاصمة طرابلس تسير بالقوة والخوف؛ حيث يعد من الأمور الطبيعية تهديد أعضاء الميليشيات لأي مسؤول لإصدار شيكات وإلا يتعرض للاعتقال، في ظل قانون معطل».
وذهب الفيتوري إلى «احتمال أن يكون الذين اعتقلوا مسؤول وزارة المالية ليسوا أعضاء نيابة حقيقيين»، وأرجع ذلك إلى «ارتفاع مرتبات النيابات في ليبيا بشكل ملحوظ»، مبرزاً أن «المصرف المركزي في طرابلس لم تعد لديه إرادات مالية كافية، نظراً لأنه يعتمد على أموال النفط».
وأضافت وزارة المالية أن المجلس الرئاسي أقر وفقاً لصلاحياته تخفيضات على أبواب الميزانية المقترحة كافة، وعلى رأسها الباب الأول المتعلق بالمرتبات وما يدخل في حكمها، وذلك ضمن دراسة الإصلاحات الاقتصادية، مما حال دون تنفيذ الزيادة المقترحة لمرتبات أعضاء النيابة بمكتب المدعي العام العسكري.
وسبق أن أصدر السراج قراراً في الثاني عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يقضي بخفض مرتبات رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي وحكومة «الوفاق» بنسبة 40 في المائة، ابتداء من مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، و30 في المائة لمستشاري المجلس. كما ألزم القرار وزارة المالية تقديم مقترح بخفض مرتبات العاملين بالجهاز الإداري للدولة، وتوحيد جدول المرتبات، بحيث يشمل جميع شرائح مرتبات القطاع العام. ومع بداية العام تم تفعيل القرار بتخفيض المرتبات بنسبة 20 في المائة على جميع الموظفين بالوحدات الإدارية الممولة من خزانة الدولة.
غير أن هذا القرار أزعج بعض الجهات بالدولة التي رفضت المساس بمرتباتها وعمولاتها، وهو ما عبرت عنه وزارة المالية بقولها: «بعض أعضاء مكتب المدعي العام العسكري لم يقبلوا بهذه النتيجة التي كانت خارجة عن إرادة وزارة المالية، فلجأوا إلى استخدام سلطتهم الوظيفية، واستدعوا الدعيسي أكثر من مرة ليمارسوا عليه ضغوطاً لا تتناسب مع عمر الرجل، ولا مع وظيفته، كونه موظفاً عاماً مهمته تطبيق القانون».
وتابعت وزارة المالية موضحة: «يوم الثلاثاء الماضي أصدروا أمراً بحبسه احتياطياً، دون مراعاة لقواعد الاختصاص التي تعدُّ من بديهيات عمل النيابة».
ولفتت إلى أن الدعيسي «موظف عام تحكم تصرفاته القوانين، والنظم المنظمة لعمل الهيئات والمؤسسات المدنية، وإذ ما افترضنا جدلاً أنه تجاوز، أو ارتكب فعلاً يعاقَب عليه قانوناً، فإن النيابة العامة هي المختصة بالتحقيق معه، وبالتالي لا يوجد – إجرائياً - أي نص قانوني يجيز لمكتب المدعي العام العسكري التحقيق في الوقائع المسندة إليه».
وصعَّدت الوزارة حدة لهجتها في مواجهة النيابة العسكرية، وقالت إن «الأسلوب الذي اتبعه بعض أعضاء مكتب المدعي العام العسكري يسيء إلى المؤسسة ذات الاختصاص القضائي، بجانب فقدهم الشرعية الإجرائية، وتجاهلها بشكل واضح مسَّ الحقوق والحريات».
ووجهت الوزارة نداءً إلى رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والقائم بأعمال النائب العام، باعتباره صاحب الحق الأصيل في «تحريك الدعوى الجنائية لحماية الموظفين العامين بالمؤسسات المدنية، وغلّ يد مكتب المدعي العسكري العام تجاه المؤسسات المدنية التي لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بالمؤسسات العسكرية».
وكان السراج والصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي بالعاصمة، قد دخلا في صدام مبكر، دفع رئيس المجلس الرئاسي إلى القول إن «الأمور وصلت معه إلى طريق مسدود». وكانت تلك هي المرة الأولى التي يخرج فيها السراج بأزمته مع الكبير إلى العلن في كلمة متلفزة، ليقول إن الأمور بلغت «حد القطيعة» بين المصرف المركزي ووزارة المالية.
في شأن آخر، دانت وزارة الصحة بحكومة «الوفاق»: «الاعتداء والخطف الذي تعرض له أطباء وعناصر طبية مساعدة بمستشفى (ابن سينا) بمدينة سرت»، مشيرة إلى «الإخفاء قسراً والتغييب لـطبيبين وممرض وأحد الكوادر العاملة بالمستشفى من قبل مجموعة أمنية»، دون تحديد هويتها.
وأوضحت الوزارة في بيان، مساء أول من أمس، أن «مصير المخطوفين غير معروف إلى الآن»، معبرة عن رفضها واستيائها من «الأفعال التي تجرمها القوانين المحلية والدولية»، وقالت إن هذه «الانتهاكات التي تمارسها مجموعات خارجة عن القانون بالمدينة، من خطف وتغييب قسري واعتداء بحق الأبرياء والعناصر الطبية، تعرقل عمل المستشفيات والقطاع الصحي الذي يقدِّم الخدمة الطبية الإنسانية للمواطنين».
وانتهت الوزارة إلى مطالبة أعيان ومشايخ وعقلاء مدينة سرت بالعمل على الإفراج الفوري عن العناصر الطبية المحتجزة قسرياً، و«الذين لم يتوانوا في تقديم الخدمة الإنسانية والطبية لأهالي المدينة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.