منازل «داتشا» الريفية ملجأ الروس للهروب من فيروس كورونا

نصف السكان يملكونها منذ أيام الحقبة السوفياتية

ناتاليا سابيجا وهي مدرسة تتحدث في الهاتف في حديقة منزلها الريفي على بعد 40 كيلومترا من موسكو (أ.ف.ب)
ناتاليا سابيجا وهي مدرسة تتحدث في الهاتف في حديقة منزلها الريفي على بعد 40 كيلومترا من موسكو (أ.ف.ب)
TT

منازل «داتشا» الريفية ملجأ الروس للهروب من فيروس كورونا

ناتاليا سابيجا وهي مدرسة تتحدث في الهاتف في حديقة منزلها الريفي على بعد 40 كيلومترا من موسكو (أ.ف.ب)
ناتاليا سابيجا وهي مدرسة تتحدث في الهاتف في حديقة منزلها الريفي على بعد 40 كيلومترا من موسكو (أ.ف.ب)

مع إجراءات الحجر بسبب انتشار مرض كوفيد - 19 عادت المنازل الريفية المعروفة باسم «داتشا» في روسيا لتفرض نفسها ملجأ مثاليا للروس في ظل الأزمات.
بعد سنوات أمضاها في غواصات مع الأسطول الشمالي لروسيا، لا يواجه إيفان تشيرنيشيوف أي مشكلة في التكيف مع الحياة في ظل إجراءات الإغلاق المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا، خصوصا أن العديد من الروس، مثل البحارة المتقاعدين، يمكنهم الهروب إلى الأرياف.
وقال هذا الرجل البالغ من العمر 78 عاما فيما تعتني زوجته ليودميلا بشجيرات الأزهار في الحديقة في منزلهما الريفي خارج موسكو «إن الأمور جيدة هنا. سنزرع الجزر والفراولة وربما بعض البطاطا».
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أنه مع وجود نصف سكان العالم في منازلهم بفعل تدابير الحجر لتطويق تفشي فيروس كورونا، ما زال الملايين من سكان المدن عالقين فيها مع خروجهم للضرورية فقط لما يساهم ولو قليلا في تخفيف عزلتهم.
لكن الروس مثل تشيرنيشيوف لديهم خيار آخر وهو الهروب إلى منازلهم الريفية الصغيرة التي تم توزيعها على عمال المدينة في العصر السوفياتي.
وقد أمضت أجيال من سكان موسكو العطلات في نهاية الأسبوع والصيف في هذه المنازل التي تبعد ساعة أو ساعتين عن المدينة والمبنية من صفوف من حجر الطوب والخشب مع مساحات خضراء صغيرة.
ومع ارتفاع عدد الإصابات، سجلت روسيا حوالى 58 ألف إصابة حتى الأربعاء، أصبحت هذه المنازل ملجأ مناسبا.
وقالت أرينا بانيكوفا وهي مهندسة معمارية تبلغ 26 عاما وتعيش حاليا في منزلها الصغير في سوكولنيكي وهي مستوطنة صغيرة تقع على مسافة ساعة بالسيارة في شمال غربي موسكو، مع والدتها وشقيقتها وعائلة أخرى مؤلفة من أربعة أفراد وكلب وهرين «يمكننا المشي في الطبيعة دون وضع أقنعة».
ولذلك عندما بدأت السلطات فرض إجراءات الإغلاق في موسكو الشهر الماضي، أسرع الآلاف إلى خارج المدينة.
كما ارتفعت أيضا عمليات البحث عبر الإنترنت عن هذه المنازل المتواضعة، مع زيادة الطلبات المعتادة في الأسبوعين الأولين من أبريل (نيسان) خمس مرات، وفقا لأرقام موقع «سيان.رو» للعقارات.
وقال ميخائيل أليكسيفسكي، عالم الأنثروبولوجيا الروسي الذي أجرى دراسة مرتبطة بالمنازل الريفية «إنه أمر مثير للاهتمام لأنه خلال السنوات العشر الأخيرة، كانت هناك أزمة خطرة تحيط بالداتشا».
وأضاف «تذكر الكثير من الأشخاص فجأة أن لديهم منزل داتشا وبدأوا أعمال ترميم عاجلة، مع إعطاء الأولوية للحصول على إنترنت جيد».
وكانت منازل داتشا تحظى بشعبية كبيرة خلال الحقبة السوفياتية وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991 عندما استخدم الكثيرون مساحاتهم الخضراء لتعويض نقص الغذاء.
لكن مع نمو الاقتصاد الروسي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وأوائل العام 2010. تخلى الكثيرون عن عطلاتهم الريفية لتمضية عطلة نهاية الأسبوع في المطاعم ودور السينما الجديدة في المدينة، أو السفر إلى الخارج.
ونسبة الروس الذين يملكون داتشا آخذة في الانخفاض، إذ أظهر استطلاع لـ«فيتيسيوم» المتخصص أنها انخفضت من 46 في المائة العام 2014 إلى 42 في المائة العام الماضي.
وأوضح أليكسيفسكي «خلال حقبة الاتحاد السوفياتي، كانت الداتشا طريقة للهروب من ذلك الواقع. لكن في عصر العولمة، هناك أشياء أكثر إثارة للاهتمام من العمل في مساحة خضراء».
ومع تفشي فيروس كورونا، لم تعد خيارات الترفيه الأخرى متاحة، ويقول سكان منازل الداتشا إن وجودهم في الريف يجعل الامتثال لقواعد العزل أسهل.
وقالت ناتاليا سابيغا وهي مدرّسة تبلغ من العمر 53 عاما وتعيش في أحد بيوت داتشا في سوكولنيكي «لا يمكنني القول إننا محميون تماما (من الفيروس). لكنني أشعر بالأمان هنا بنسبة 90 في المائة.
وأوضحت «يوجد عدد أقل من الناس هنا، لذلك يمكننا اتباع كل قواعد السلامة الموصى بها».
وأشار أليكسيفسكي إلى أن الروس لديهم صلة عميقة بالمنازل الريفية وأن امتلاك قطعة أرض وحديقة «تعتبر أمرا مهما جدا» في البلاد.
وتوقع أنه «مع هذا الوباء، فإن فكرة امتلاك منزل داتشا في حال جيدة سيكسبك قوة. كما نقول هنا، من الأفضل دائما أن يكون لدينا مدرج للهبوط الاضطراري».


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.