تقرير: عدد وفيات كورونا بإسطنبول يؤكد إخفاء تركيا لحجم الكارثة الحقيقي

مواطنون أتراك يرتدون كمامات في أحد شوارع إسطنبول (إ.ب.أ)
مواطنون أتراك يرتدون كمامات في أحد شوارع إسطنبول (إ.ب.أ)
TT

تقرير: عدد وفيات كورونا بإسطنبول يؤكد إخفاء تركيا لحجم الكارثة الحقيقي

مواطنون أتراك يرتدون كمامات في أحد شوارع إسطنبول (إ.ب.أ)
مواطنون أتراك يرتدون كمامات في أحد شوارع إسطنبول (إ.ب.أ)

لأسابيع عديدة، زعم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن حكومته تعاملت مع فيروس كورونا المستجد بشكل أفضل من أي بلد آخر، وذلك في ظل قيامه في الوقت ذاته بفرض رقابة صارمة على المعلومات الخاصة بتفشي المرض.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد قام قصر الرئاسة التركي بإخفاء جميع التقارير الصادرة عن المستشفيات والمقابر وأقارب المتوفين، كما تم توبيخ الأطباء الذين تحدثوا عن أي شيء يخص هذه الأزمة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم اعتقال 410 أشخاص في مارس (آذار) الماضي، بتهمة مشاركة منشورات وصفتها الحكومة بأنها «استفزازية ومسيئة» على حساباتهم على هذه المواقع.
وتصر الحكومة على أنها تصرفت بسرعة لمواجهة الفيروس، مشيرة إلى أنها أوقفت الرحلات الجوية والمعابر الحدودية مع 5 من أكثر الدول تضرراً في فبراير (شباط) الماضي، كما أغلقت المدارس والمطاعم والحانات في منتصف مارس عندما تم تأكيد أول حالة إصابة.
إلا أن الإحصائيات التي جمعتها «نيويورك تايمز» تؤكد أن المرض كان قد تفشى بالفعل قبل إعلان تركيا الرسمي عن أول حالة، حيث كان عدد الوفيات بشكل عام في إسطنبول أعلى بكثير من المتوسط الأسبوعي في العامين الماضيين، وهو مؤشر على أن الفيروس كان قد وصل إلى البلاد قبل عدة أسابيع.
وسجلت إسطنبول نحو 2100 حالة وفاة إضافية أكثر مما كان متوقعاً في الفترة من 9 مارس إلى 12 أبريل (نيسان)، بناء على المتوسط الأسبوعي مقارنة بالعامين الماضيين، وهي تتجاوز بكثير عدد الوفيات الرسمية لتركيا بالكامل خلال تلك الفترة.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أن فيروس كورونا هو السبب في جميع هذه الوفيات، فإن الأرقام تشير إلى قفزة مذهلة في الوفيات بالتزامن مع بداية تفشي المرض، وهو مؤشر أولي يستخدمه الباحثون لتقييم حصيلة الضحايا الكاملة الحقيقية في أوقات الأوبئة.
وقال ستيفان هيليرينغر، عالم الديموغرافيا في جامعة جونز هوبكنز، إن الزيادات بهذا الحجم تبعث على القلق وتبدو مرتبطة بوضوح بالوباء.
وأيد أونور ألتنداغ، أستاذ الاقتصاد المساعد بجامعة بينتلي الأميركية، أيضاً الإحصائيات التي نشرتها «نيويورك تايمز»، وذلك بعد أن قام بمقارنة أرقام الوفيات الرسمية الخاصة بـ10 مدن في تركيا في شهري مارس وأبريل بأرقام الوفيات الخاصة بتلك المدن في نفس الشهرين خلال السنوات الأربع السابقة.
ووجد ألتنداغ أن العدد الإجمالي للوفيات المؤكدة لفيروس كورونا في جميع أنحاء تركيا حتى 12 أبريل كان 1006، وهو أقل من نصف الوفيات الزائدة في إسطنبول وحدها.
وأصدرت وزارة الصحة التركية بيانات محدودة عن انتشار الفيروس وأعلنت عن عدد الإصابات الموجود في كل مدينة مرة واحدة فقط في 1 أبريل، حيث قال الدكتور فخر الدين قوجة، وزير الصحة، في ذلك اليوم، إن إسطنبول تملك 60 في المائة من عدد حالات الإصابة المؤكدة.
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن الإحصائيات التي جمعتها تؤكد أن تركيا تتصارع مع كارثة أكبر من تلك المعلنة في البيانات الرسمية.
وحتى من خلال الإحصاء الرسمي، ارتفعت حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في تركيا إلى أكثر من 90 ألف حالة أمس (الاثنين)، فيما بلغ عدد حالات الوفاة 2140 حالة، ما يجعل تركيا تتخطى الصين، وتصبح سابع أكثر الدول تضرراً في العالم.
وقالت الحكومة إن العدد المرتفع للحالات يرجع إلى إجرائها عدداً كبيراً من اختبارات الكشف عن الفيروس، مشيرة إلى أن معدل الإصابة ينخفض.
وتقول «نيويورك تايمز» إن إردوغان حاول منذ أوائل فبراير طمأنة السكان، ناصحاً إياهم بتناول ملعقة من دبس التوت كل صباح للوقاية من الفيروس، كما أنه تجنب إصدار أوامر بالإغلاق الكامل للبلاد، خوفاً من حدوث انهيار اقتصادي، إذ إن هذا الانهيار يمكن أن يسبب كارثة لرئاسته، حيث تراجعت شعبيته بقوة وسط تعثر الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة حتى قبل تفشي الوباء.
وبدلاً من ذلك، اتخذ إردوغان تدابير تدريجية لتشجيع التباعد الاجتماعي، وتقييد السفر الداخلي، وأمر بحظر التجول لمن تزيد أعمارهم على 65 عاماً ومن تقل أعمارهم عن 20 عاماً، إلى أن اضطر في 10 أبريل، إلى فرض عمليات إغلاق في عطلة نهاية الأسبوع في 31 منطقة حضرية، من بينها إسطنبول، كما أعلن أمس (الاثنين)، أنه سيتم فرض إجراءات عزل عام لمدة 4 أيام في هذه المناطق، اعتباراً من يوم الخميس المقبل.
وحذر عدد من خبراء الصحة من أن تركيا قد لا تتمكن من السيطرة على انتشار الفيروس.
وقال دكتور سنان أديامان، رئيس الجمعية الطبية التركية، وهي جمعية مهنية مستقلة تضم نحو 120 ألف عضو: «في فبراير لم يفعل المسؤولون شيئاً على الرغم من علمهم بأن المرض موجود». وأضاف أن معدات الحماية الشخصية غير موجودة في بعض الأماكن، ولم تصل الاختبارات إلى مستويات مرضية سوى في شهر أبريل الجاري.
وأشار أديامان إلى أن تركيا كانت تقوم فقط بحساب حالات الإصابة التي جاءت نتيجة اختباراتها إيجابية، وأنها لم تحسب الحالات التي تم تشخيصها سريرياً، وأضاف: «ولهذا، فإن البيانات التي لدينا ليست كافية لتحديد ما إذا كانت الحكومة تسيطر على الوباء، أم لا».
وقال أديامان إن الجمعية الطبية التركية تدعو إلى مزيد من الشفافية، ما سيساعد الأطباء في فهم المرض بشكل أفضل.
وقدمت الجمعية 22 سؤالاً لوزير الصحة الأسبوع الماضي، تطلب بيانات حول الحالات، والتركيبة السكانية للمصابين وتفاصيل عن عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين أصيبوا بالمرض، إلا أنها لم تتلقَ أي إجابات بعد.
وأعلن وزير الصحة أن 601 من العاملين الصحيين أصيبوا بالفيروس بحلول الأول من أبريل، لكن أديامان قال إن عددهم تخطى 1500 حالة، من بينهم 1000 في إسطنبول.
وكشف فيروس كورونا عن قوة خصوم إردوغان، بمن فيهم عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وعمدة أنقرة منصور يافاش، اللذان قاما بمراقبة كل خطوات إردوغان، وكانا دائماً يسبقانه في تقديم المساعدة إلى ناخبيهما.
وأجبر رؤساء البلديات المعارضون الرئيس التركي على توفير أقنعة الوجه المجانية لكل السكان، بالإضافة إلى تقديم رعاية صحية مجانية للجميع، بما في ذلك أولئك الذين لم يسهموا في الضمان الاجتماعي.


مقالات ذات صلة

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

صحتك طبيب يفحص أشعة على المخ لأحد المرضى (أرشيف - رويترز)

عدوى «كورونا» الشديدة قد تؤدي لالتهاب في «مركز التحكم» بالدماغ

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى «كورونا» الشديدة يمكن أن تتسبب في التهاب في «مركز التحكم» في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الشرطة القبرصية تلقي القبض على 8 للاشتباه في صلتهم بتمويل الإرهاب

استنفار أمني قبرصي (متداولة)
استنفار أمني قبرصي (متداولة)
TT

الشرطة القبرصية تلقي القبض على 8 للاشتباه في صلتهم بتمويل الإرهاب

استنفار أمني قبرصي (متداولة)
استنفار أمني قبرصي (متداولة)

قالت السلطات إن الشرطة في قبرص ألقت الخميس القبض على ثمانية أفراد لاستجوابهم على صلة باتهامات بضلوعهم في جمع أموال لصالح جماعة مصنفة إرهابية في دولة أخرى.

وأُلقي القبض على المشتبه بهم، وهم سبعة رجال وامرأة، وجميعهم من سوريا، في مداهمات نفذتها الشرطة صباحاً في مدينتي ليماسول وبافوس. ولا تتوافر دلائل على أن المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات بأنفسهم، ورفضت الشرطة الكشف عن اسم الجماعة أو الدولة التي توجد بها.

استنفار أمني في العاصمة نيقوسيا (متداولة)

وقال المتحدث باسم الشرطة كريستوس أندريو لقناة «أيه إن تي 1» التلفزيونية القبرصية: «لا معلومات بالمرة عن تدبير هؤلاء الأفراد لتنفيذ هجوم إرهابي في قبرص. يتعلق الأمر فحسب بقضايا تمويل جماعة مصنفة إرهابية مقرها في دولة ثالثة». وأضاف أن إحدى القضايا قيد التحقيق تتعلق باحتمال جمع الأموال من الاتجار في المخدرات غير المشروعة والمواد المؤثرة على العقل.

وتقول الشرطة إن الرجال السبعة والمرأة يواجهون اتهامات تتعلق بقوانين مكافحة الإرهاب، فضلاً عن الانتماء إلى منظمة إجرامية والتآمر. وقد أُلقي القبض عليهم بعد مداهمة بلدتين على الساحل الجنوبي للدولة الجزيرة.