تحذير أميركي من «ورطة» الإسراع في فتح الاقتصاد

البيت الأبيض يقترب من صفقة مع الديمقراطيين لتوفير مساعدات بقيمة 450 مليار دولار

جسر بروكلين العريض في نيويورك كما بدا بعد تفشي الوباء في المدينة (غيتي)
جسر بروكلين العريض في نيويورك كما بدا بعد تفشي الوباء في المدينة (غيتي)
TT

تحذير أميركي من «ورطة» الإسراع في فتح الاقتصاد

جسر بروكلين العريض في نيويورك كما بدا بعد تفشي الوباء في المدينة (غيتي)
جسر بروكلين العريض في نيويورك كما بدا بعد تفشي الوباء في المدينة (غيتي)

في وقت اقترب البيت الأبيض من صفقة مع الديمقراطيين في الكونغرس لتوفير مساعدات اقتصادية بقيمة 450 مليار دولار للتعاطي مع تداعيات وباء «كورونا» المستجد، حذّر أنتوني فاوتشي، كبير مسؤولي الصحة العامة المكلف بملف تفشي مرض «كوفيد - 19» في الولايات المتحدة، من أن اختبار الأجسام المضادة للفيروس لم يكتمل بعد.
وفي حديث إلى محطة «إيه بي سي» التلفزيونية، قلّل فاوتشي من التوقعات بالعودة السريعة للوضع الاقتصادي إلى حالته الطبيعية، مؤكداً ضرورة احتواء الفيروس المميت أولاً، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
وقال فاوتشي: «إذا تسرعت وسبقت الأحداث فستجد نفسك في وضع أشبه بالورطة، وستعود من حيث بدأت... ما لم نتمكن من السيطرة على الفيروس، فإن الانتعاش الحقيقي، اقتصادياً، لن يحدث».
جاءت تصريحات فاوتشي، في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات لتخفيف حالات إغلاق معينة وأوامر البقاء في المنزل المفروضة للحد من العدوى، فيما قال القائم بعمل وزير الأمن الداخلي الأميركي، تشاد وولف، على «تويتر»، إن الولايات المتحدة والمكسيك وكندا قررت تمديد القيود على السفر غير الضروري عبر حدودها المشتركة لمدة 30 يوماً إضافية. ونقلت «رويترز» عن وولف قوله على «تويتر»: «مثلما صرح الرئيس ترمب الأسبوع الماضي فإن إجراءات الرقابة على الحدود والقيود على حركة السفر وغيرها من القيود الأخرى تظل في غاية الأهمية للحد من انتشار فيروس كورونا، مع السماح بفتح البلاد تدريجياً».
في غضون ذلك، يقترب البيت الأبيض من التوصل إلى اتفاق مع الديمقراطيين في الكونغرس لتوفير حزمة إغاثة اقتصادية بقيمة 450 مليار دولار، وصفها الرئيس ترمب بأنها فرصة جيدة للتوصل إلى اتفاق بين الحزبين. وتوقعت مصادر البيت الأبيض والكونغرس تمرير هذه الصفقة في المجلسين خلال الأسبوع الحالي.
وكانت النقاشات بين إدارة ترمب والديمقراطيين قد شهدت تقارباً لإبرام الصفقة لمساعدة الشركات الصغيرة بحزم مساعدات تبلغ 349 مليار دولار كانت جزءاً من حزمة التحفيز الاقتصادي التي تم إقرارها نهاية مارس (آذار) الماضي، إضافة إلى توفير 75 مليار دولار لمساعدة المستشفيات و25 مليار دولار للتوسع في توفير اختبار «كوفيد 19» وتأثيره على الجهاز التنفسي. ويدرس المشرعون تخصيص 310 مليارات دولار إضافية للشراكة بين القطاعين العام والخاص، و60 مليار دولار إضافية لبرنامج قروض طارئ لتعويض الخسائر الاقتصادية للشركات الصغيرة، وهو برنامج يقدم منحة تصل إلى 10 آلاف دولار للشركات المتضررة.
وأوضح مصدر بالبيت الأبيض أن ترمب ناقش هذه الحزمة الاقتصادية في مؤتمر هاتفي مع زعيم الجمهوريين، السيناتور ميتش ماكونيل، أول من أمس، وشارك فيه وزير الخزانة ستيفن منوتشن، وأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون، ورئيس طاقم موظفي البيت الأبيض الجديد مارك ميدوز. وأوضح أن نقاط الخلاف تركزت حول الأموال المخصصة لمساعدة حكام الولايات والمستشفيات في تلك الولايات. وأشار إلى أنه بمجرد انتهاء المفاوضات سيتعين على رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والسيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تحديد جدول التصويت على هذا القانون خلال الأسبوع الحالي، وأحد الاحتمالات هو إجراء التصويت عن بُعد (بالإنابة) لتجنب ضرورة عودة المشرعين لمبنى الكونغرس.
وتتزايد التوترات مع ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 760 ألف إصابة، وارتفاع حالات الوفيات إلى ما يزيد على 40 ألف حالة، نصفها تقريباً في ولاية نيويورك وحدها. وتشهد منطقة العاصمة واشنطن، وولايتا ميريلاند وفرجينيا، حالات متزايدة، بينما أعلنت ولاية نيوجيرسي ارتفاع أعداد الإصابة في يوم واحد بنحو 3900 حالة، وهو أكبر عدد خلال أسبوعين. كما تظهر إحصاءات الإصابات في كل من بوسطن وشيكاغو ارتفاعات كبيرة في الإصابات والوفيات.
ويتزامن ذلك مع توجهات إدارة ترمب لإعادة فتح بعض القطاعات الاقتصادية، ومظاهرات في عدد من الولايات تطالب برفع الحظر وإنهاء قيود البقاء في المنازل وإعادة فتح الاقتصاد. وكرر الرئيس ترمب في مؤتمره الصحافي، مساء الأحد، أن أعداد الوفيات قد تصل إلى 60 ألف حالة فقط، انخفاضاً عن التوقعات السابقة بوصولها إلى ما بين 100 ألف حالة و240 ألف حالة، مشجعاً تخفيف بعض القيود التي تسبب فيها وباء «كورونا»، وتضامناً مع المظاهرات الداعمة لإعادة فتح الاقتصاد، داعياً ولايات تكساس وفيرمونت ومونتانا لتكون الأولى في هذا المضمار.
وأوضح ترمب أنه ليست لديه مشكلة مع المتظاهرين الذين انتهكوا مبادئ التباعد الاجتماعي، وتجمهروا للتعبير عن عدم الرضا على القيود المفروضة التي أغلقت كثيراً من الشركات ورفعت معدلات البطالة. وقال: «لقد ذهب حكام الولايات إلى حد بعيد، وربما تكون بعض الأشياء التي حدثت غير مناسبة، لكني أعتقد في النهاية أنه من المهم أن نبدأ في فتح الولايات، وأعتقد أن فتح الاقتصاد سيكون جيداً للغاية، وبالنسبة للمتظاهرين فأنا معهم، ومع الجميع».
وكانت المظاهرات قد اندلعت في ولايات منيسوتا وميتشغان وفيرجينيا، «وهي 3 ولايات يحكمها حكام ديمقراطيون»، ولوّح المتظاهرون بلافتات تطالب بفتح الاقتصاد، وتساند ترمب. وأشار حكام أوهايو وتكساس وفلوريدا إلى أنهم يدرسون إعادة فتح بعض القطاعات الاقتصادية بحلول الأول من مايو (أيار).


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أجهزة الاستشعار الورقية الجديدة سريعة وسهلة الاستخدام (جامعة كرانفيلد)

تقنية جديدة تكشف أمراضاً معدية بالصرف الصحي

توصّل باحثون في بريطانيا إلى طريقة لتحديد العلامات البيولوجية للأمراض المعدية في مياه الصرف الصحي باستخدام أجهزة استشعار ورقية بتقنية الأوريغامي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تدعم فرضية تفشي «كوفيد 19» من سوق ووهان

كشفت دراسة حول مصدر فيروس كورونا، نشرت الخميس، عناصر جديدة تعزز فرضية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق حيوانات مصابة كانت في سوق في ووهان (الصين) نهاية عام 2019.

«الشرق الأوسط» (باريس)

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
TT

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)

أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان حيث يهدّد النزاع الدائر بين إسرائيل وحزب الله بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو كشف خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة.

وقال بارو خلال الجلسة التي عُقدت بطلب من بلاده إنّه "في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات". وأضاف أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به".

وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه". وإذ ذكّر الوزير الفرنسي بأنّ لبنان يعاني منذ ما قبل التصعيد الراهن من حالة "ضعف كبيرة" بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها، حذّر من أنّه في حال اندلعت فيه "حرب فهو لن يتعافى منها".

ويبدو الوضع الحالي بين حزب الله وإسرائيل وكأنه وصل إلى طريق مسدود، إذ يشترط الحزب المسلح المدعوم من إيران وقف الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لكي يوقف هجماته على الدولة العبرية التي تشترط من جهتها انسحابه بعيدا عن حدودها لكي توقف هجماتها ضدّه.وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، قال الوزير الفرنسي "فلنستفد من وجود العديد من القادة في نيويورك لفرض حلّ دبلوماسي وكسر دائرة العنف". وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأميركية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن البيت الأبيض أنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا". وأتى هذا اللقاء بعدما حذّر بايدن من أنّ اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط هي "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

وقال الرئيس الفرنسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ حزب الله على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف"، معتبرا في الوقت نفسه أنّه لا يمكن للدولة العبرية "أن توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب". وشدّد ماكرون في كلمته على أنّه "لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان".

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنّه يستعد لشنّ هجوم برّي محتمل على لبنان لضرب حزب الله الذي يزيد يوما تلو الآخر وتيرة قصفه للأراضي الإسرائيلية. والأربعاء اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا بالستيا أطلقه حزب الله باتجاه تل أبيب، في سابقة من نوعها منذ بدء النزاع بين الطرفين قبل حوالى عام، إذ لم يسبق للحزب المدعوم من إيران أن قصف الدولة العبرية بصاروخ بالستي كما أنها المرة الأولى التي يوجّه فيها نيرانه إلى تل أبيب.

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل". بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.