هبة مصطفى... عالمة مصرية ساهمت في تطوير اختبار أميركي متقدم لـ«كورونا»

هبة مصطفى وكارين كارول طوّرتا اختباراً لتشخيص فيروس «كورونا» (موقع جونز هوبكينز)
هبة مصطفى وكارين كارول طوّرتا اختباراً لتشخيص فيروس «كورونا» (موقع جونز هوبكينز)
TT

هبة مصطفى... عالمة مصرية ساهمت في تطوير اختبار أميركي متقدم لـ«كورونا»

هبة مصطفى وكارين كارول طوّرتا اختباراً لتشخيص فيروس «كورونا» (موقع جونز هوبكينز)
هبة مصطفى وكارين كارول طوّرتا اختباراً لتشخيص فيروس «كورونا» (موقع جونز هوبكينز)

في الوقت الذي يسابق فيه العلماء الزمن لمكافحة وباء «كورونا»، برز اسم جامعة «جونز هوبكنز» كأحد أهم المراجع الصحية لفهم انتشار الوباء، ولمع نجم علمائها الذين حللوا «كوفيد - 19»، ودرسوا أعراضه، وطوّروا أحد أسرع الاختبارات وأدقّها لتشخيص الإصابة به.
من بين هؤلاء عالمة مصرية، التحقت بـ«جونز هوبكنز»، قبل أشهر، وساهمت في تطوير اختبار للكشف عن «كورونا» اعتبر الرئيس دونالد ترمب أنه «غيّر قواعد اللعبة» في مكافحة الوباء. ونجحت المصرية هبة مصطفى وكارين كارول، العالمتان في مجال علم الأوبئة بالجامعة، في تطوير اختبار سريع لفيروس «كورونا» يعطي نتيجة سريعة لتشخيص المرض خلال دقائق.
تحدثت مصطفى، الأستاذ المساعد في علم الأمراض الفيروسية بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن هذا النجاح، وقالت: «عندما بدأنا البحوث المتعلقة بالفيروس الجديد، كانت الاختبارات التشخيصية مقصورة على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وكانت تأخذ وقتاً طويلاً، حيث يتم إرسال الاختبارات إلى المعمل الرئيسي، أو معامل الولاية. ولذا عملنا على تطوير معملي لتحليل العينات والمادة الوراثية للفيروس (PCR)، وقمنا بشراء مكونات من إحدى الشركات الدوائية، وعملنا على تطوير هذا التحليل حتى نجحنا في توفير هذا الاختبار في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي».
واعتبرت مصطفى أن الفيروس اجتاح دول العالم بشكل كبير وبسرعة غير متوقعة، وكانت أعراضه شبيهة بفيروس «سارس» الذي انتشر في عامي 2002 و2003، لكن المراكز البحثية والجامعات كانت قادرة على التحكم في انتشار الأخير. في المقابل، اتّسم فيروس «كوفيد - 19»، بسرعة انتشار، وأصاب عدداً كبيراً من المرضى، خصوصاً بين الأشخاص الذين يعانون من ضعف مناعي أو أمراض أخرى تتعلق بالجهاز التنفسي، ما جعل بعض المرضى بحاجة إلى جهاز تنفس صناعي.
كان التعامل في البداية مع المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة وضيق تنفس يستدعي البقاء في وحدة العناية المركزة، واضطرت الجهات المختصة إلى تحديد المرضى الذين يشكلون أولوية للحصول على اختبار، نظراً لمحدودية مختبرات كل ولاية، بين أشخاص سافروا إلى دولة تفشى فيها الفيروس، وآخرين اتصلوا بشخص ثبتت إصابته، أو ممن يعيشون في دار رعاية مسنين أو عاملين في مجال الرعاية الصحية.
https://www.youtube.com/watch?v=9ZpNuhqB1Qo
وتشدد الدكتورة مصطفى على أن «سياسات التباعد الاجتماعي كانت ضرورية وفعالة في تخفيض الانتشار السريع للفيروس، ولم يكن بإمكان أي مستشفى في أي دولة في العالم توفير أجهزة تنفس صناعي لعدد ضخم من المصابين في وقت واحد». وتضيف: «لم نتوقع أن يصبح هذا المرض وباءً، ولذلك لم تتمكن مختبرات الصحة من تلبية الحاجة المتزايدة من الاختبارات. وقد عملنا لمدة ثلاثة أيام متواصلة لتطوير الاختبار (السريع)، وأجرينا تجارب للتحقق من دقته للاستخدام السريري. ويعتمد الاختبار على فحص تفاعل سلسة البلمرة لإنتاج مليارات النسخ بسرعة من عينة صغيرة جداً من الحمض النووي، الذي تم الحصول عليه من مسحات عن طريق الفم أو الانف، بعد ذلك يتمكن اختصاصي الأمراض الفيروسية من استخدام برنامج كومبيوتر معين لتحديد ما إذا كان المادة الوراثية للفيروس موجودة في العينة أم لا».
وتتابع العالمة المصرية: «هذا الاختبار متوفر فقط للمرضى في المستشفيات التابعة لكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز (الذي يشمل مستشفيات مدينة بالتيمور ومقاطعة هوارد ومقاطعة مونتغمري بولاية ميريلاند)، ولم يكن متاحاً لمستشفيات أخرى، لذا قمنا بمشاركة المختبرات الأخرى في أبحاثنا، وما توصلنا إليه، حتى تعمل كل المختبرات العامة والخاصة على توسيع قدرتها الاختبارية بسرعة».
وتروي العالمة المصرية الأصل: «في أول يوم، قمنا باختبار 50 عينة، وفي الأيام التالية بلغت القدرة على إجراء الاختبارات 180 اختباراً يومياً، ثم ألف مريض يومياً، واليوم وصلت قدرتنا إلى 1500 تحليل يومياً».
وعن عملها بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، تقول العالمة المصرية: «أعمل في قسم التشخيص، ونحن فريق مكون من خمسة عشر باحثاً وعالماً في قسم الأحياء الدقيقة (Pathology)، من بين فريق مكون من 95 شخصاً في القسم، إضافة إلى الفنيين ومديري المعامل. وأقوم أنا وزملائي في معمل التشخيص بدراسة الطفرات في الفيروس، والأعراض المرتبطة بالفيروس، وتوفير أعلى مستويات الجودة لرعاية المرضي في مستشفيات جامعة جونز هوبكنز بمدينة بالتيمور بولاية ميريلاند، فيما تعمل أقسام أخرى في الجامعة على أبحاث التوصل إلى لقاح».
هبة مصطفى التي عملت في صمت مع زملائها لتحقيق خطوة في طريق مكافحة الوباء والتوصل إلى هذا الاختبار المتقدم، هي ابنة أسرة مصرية عاشت في مدينة الإسكندرية، تخرجت في كلية الطب بجامعة الإسكندرية عام 2004 وصاحبت زوجها إلى الولايات المتحدة بعد حصوله على منحة لنيل درجة الدكتوراه. وقامت بالتقدم للحصول على درجة الدكتوراه بعد خمس سنوات، ثم أمضت ثلاث سنوات في العمل على أبحاث الانفلونزا و«البارا إنفلونزا» في مستشفى سان جود بولاية تنيسي.
بعدها، قدمت هبة مصطفى على منحة لمدة عامين في جامعة روشستر بنيويورك في دراسة علم كيمياء الأحياء الدقيقة، وكانت من بين 12 عالماً فقط يتم اختيارهم كل عام على مستوى الولايات الأميركية، وهو ما أهلها للحصول على شهادة في «Clinical Microbiology»، وحينما أعلنت جامعة «جون هوبكنز» عن حاجتها لشعل وظيفة بقسم الأحياء الدقيقة تقدمت للوظيفة، وتم قبولها في عام 2019.
وتنصح العالمة المصرية بالالتزام بالتباعد الاجتماعي وغسل اليدين بشكل متكرر والتعامل مع كل الاسطح وكل الأوراق على أنها تحمل الفيروس والالتزام بوضع الكمامة وقناع الوجه والقفازات. وتحفظت على وصفات الأطعمة التي يتم الترويج لها باعتبارها تقوى جهاز المناعة، قائلة إنه لا توجد أبحاث علمية تشير إلى أن هذه الأطعمة تفيد أو تضر.
واستبعدت دكتورة مصطفى أن يقوم الفيروس بتطوير نفسه بحيث يكون أشد خطورة في الإصابة والانتشار حينما يتم خفض معدلات الإصابة الوفيات، لكنها أشارت إلى أن القضاء على انتشار الفيروس لن يتحقق إلا بالتوصل إلى لقاح فعال، فيما يتوقع أن يستغرق ذلك عاماً على الأقل. وتقول الدكتورة مصطفى: «الأبحاث الحالية تنظر في تأثير الفيروس على جهاز المناعة، وشكل المصل المطلوب، وأي جزء في المناعة تتم تقويته لمواجهة الفيروس. وأملنا أن تستمر سياسات التباعد الاجتماعي إلى أن تنخفض معدلات الإصابة، وحتى التوصل إلى علاجات فعالة حتى يتم التوصل إلى اللقاح».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
TT

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)
الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

عيّن البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، اليوم (الاثنين)، أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مسؤولية المكتب الذي يشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

وستتولّى الأخت سيمونا برامبيلا (59 عاماً) رئاسة مجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية في الفاتيكان. وستحل محل الكاردينال جواو براز دي أفيز، وهو برازيلي تولّى المنصب منذ عام 2011، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

البابا فرنسيس يترأس صلاة التبشير الملائكي في يوم عيد الغطاس من نافذة مكتبه المطل على كاتدرائية القديس بطرس في دولة الفاتيكان 6 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ورفع البابا فرنسيس النساء إلى أدوار قيادية بالفاتيكان خلال بابويته المستمرة منذ 11 عاماً؛ إذ عيّن مجموعة من النساء في المناصب الثانية في تسلسل القيادة بدوائر مختلفة.

وتم تعيين برامبيلا «عميدة» لمجمع معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، وهو الكيان السيادي المعترف به دولياً الذي يُشرف على الكنيسة الكاثوليكية العالمية.