قطاعات هامشية تتلألأ في ظل الوباء

وسط «سجن العولمة» المفاجئ

أنعشت العزلة العالمية قطاعات انزوت خلال الأعوام الماضية على غرار مبيعات الكتب (رويترز)
أنعشت العزلة العالمية قطاعات انزوت خلال الأعوام الماضية على غرار مبيعات الكتب (رويترز)
TT

قطاعات هامشية تتلألأ في ظل الوباء

أنعشت العزلة العالمية قطاعات انزوت خلال الأعوام الماضية على غرار مبيعات الكتب (رويترز)
أنعشت العزلة العالمية قطاعات انزوت خلال الأعوام الماضية على غرار مبيعات الكتب (رويترز)

تحوّلت العولمة فجأة إلى سجن كبير قُسّم إلى عدّة غرف؛ كل واحدة منها تحوي شعب دولة بأكملها. علاوة على ذلك، تمرّ حلقات سلاسل الاقتصاد العالمي بأزمة حادّة لا مثيل لها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. من جانبهم، يؤمن الخبراء الألمان بأنه -وعلى الرغم من هذه الأزمة- فإنّ بعض القطاعات الصناعية والإنتاجية ستنجو منها. فكل أزمة، مهما كانت هويتها، لديها رابحون وخاسرون. وعلى صعيد البورصات، أقبل عدد كبير من المستثمرين الألمان على شراء الأسهم في بورصة «وول ستريت»، لا سيما تلك التي شهدت انهياراً مدوياً في أسعارها في الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي منذ بداية تفشي فيروس «كورونا» حول العالم.
في هذا الصدد، يقول الخبير غودو بريرا، من مؤسسة إدارة الأصول «كايروس بارتنرز»، إن «موجات الوباء التي ضربت العالم سابقاً واكبتها تغييرات اقتصادية جذرية تفوق قوتها تلك التي خلّفتها وراءها الحروب العالمية. فالقطاعات والشركات التي واجهت أزمة مالية قبل إطلالة فيروس (كورونا) على العالم ستخرج من هذه الأزمة الوبائية بصورة أضعف، على عكس القطاعات والشركات القوية التي ستخرج من هذه الأزمة بصورة ترفع الرأس وتجعلها تمضي قدماً في أعمالها وأنشطتها بصورة أقوى».
ويضيف أن القطاعات التي تستقطب المستثمرين الدوليين في زمن فيروس «كورونا» تنحصر في قطاعات برمجيات الكومبيوتر والاتصالات وشبكات توزيع الغاز والكهرباء والترفيه والتجارة الإلكترونية وشركات التأمين، وتلك المصارف المُتمتّعة بدرجة رقمنة كبيرة في بنيتها التحتية الخدماتية. ويختم بقوله: «تساعد السيولة المالية الضخمة التي تضخّها المصارف المركزية في الأسواق المالية العالمية في احتواء كارثة أزمة فيروس (كورونا) المالية. مع ذلك، يواجه قطاع الأسهم الخاصة صعوبات جمّة جراء انهيار الأسعار في البورصات. وهذا ما يدفع المستثمرين إلى الانسحاب منه؛ ما عدا المغامرين منهم».
في سياق متصل، يشير الخبير الاقتصادي الألماني أوليفر ماير من مدينة فرانكفورت، إلى أن القطاع الإنتاجي الصديق للبيئة سيستقطب المزيد من المستثمرين الألمان. فموضوع الحفاظ على بيئة أقل تلوّثاً حول العالم بات أولوية لدى العديد من الدول الصناعية. وفي حال عثر علماء الصحة على علاقة مباشرة بين درجة التلوّث من الغبار الدقيق في الهواء ومعدل الوفيات من فيروس «كورونا» حول العالم، فلا شك أن الاستثمارات المباشرة داخل القطاع البيئي ستتضاعف مقارنةً مع عام 2019 لتتخطى عتبة 250 مليار دولار.
ويضيف أن المرحلة الأولى من العولمة انتهت مع اقتحام فيروس «كورونا» الدول من أبوابها العريضة. أما المرحلة الثانية من العولمة فستتمتّع بقواعد اقتصادية ومالية أكثر صرامة بمساعدة شركات إدارة الأصول الكبرى. أما الحكومات فستُركّز أكثر فأكثر على عولمة أنظمة الرعاية الصحية العالمية كي لا تتفاجأ بمواجهة فيروسات مستقبلية لا تقلّ خطراً عن فيروس «كورونا المستجد» الذي تسبب بخسائر مادية بتريليونات الدولارات.
ويؤكد ماير أنه «في موازاة القطاع الصيدلاني الذي أثبت على صعيد ألمانيا قدرته على مواجهة أزمة فيروس (كورونا)، شهد الإقبال على قطاعات شراء الكُتُب وألعاب الكومبيوتر والأدوات الكهربائية المنزلية والمنتجات الإلكترونية والأغذية زيادة لافتة لم تشهدها البلاد منذ عام 2000، فحجم شراء الأدوية قفز أكثر من 30% منذ مطلع عام 2020، أي عندما بدأ الفيروس مرحلة التفشي خارج الصين. في حين زاد حجم شراء ألعاب الكومبيوتر 11%، والمنتجات الإلكترونية 10%، والكتب نحو 6%، والأدوات الكهربائية نحو 3%، كما زاد حجم شراء المنتجات الغذائية 37%. ولطالما كانت هذه القطاعات تلعب دوراً ثانوياً في الناتج القومي الألماني، إلا أنها اليوم برزت على السطح بوجه آخر سيحض المستثمرين الألمان على إعادة هيكلة خططهم وقراراتهم في الشهور القادمة».



أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.