«كوفيد ـ 19» يغزو «شارل ديغول» ويصيب ألفاً من بحارتها

«كوفيد ـ 19» يغزو «شارل ديغول» ويصيب ألفاً من بحارتها
TT

«كوفيد ـ 19» يغزو «شارل ديغول» ويصيب ألفاً من بحارتها

«كوفيد ـ 19» يغزو «شارل ديغول» ويصيب ألفاً من بحارتها

تشكِّل حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول»، ذات الدفع النووي، العمود الفقري للبحرية الفرنسية، ورمزاً للصناعات الدفاعية والمهارات التكنولوجية. وهي الوحيدة من بين كافة الأسلحة البحرية الأوروبية العاملة بالدفع النووي.
وفي السنوات الأخيرة، أبحرت «شارل ديغول» كثيراً في مياه المتوسط والخليج، بسبب الحرب على «داعش»، وانطلقت منها طائرات «رافال» لضرب أهداف في سوريا والعراق. وبفضل قدرتها على توفير 100 طلعة جوية في اليوم، وتمكنها من حمل أربعين طائرة قتالية، إضافة إلى طائرات استطلاع وطوافات، فإن هذه الحاملة مع السفن المرافقة «تموين وتزويد الطائرات بالوقود، وطرادات...»، تعكس القدرات الفرنسية على الانتشار في البحار والمحيطات. ومنذ عديد من السنوات، تعكف البحرية الفرنسية على دراسة إمكانية بناء حاملة طائرات ثانية يمكن أن تحل محل «شارل ديغول» عندما تنتهي فترة خدمتها الفعلية.
في الأيام الأخيرة، كانت هذه الحاملة تشارك، مع قطع بحرية أوروبية، في عمليات مراقبة وحماية في مياه المحيط الأطلسي الشمالية. إلا أنها استدعيت عندما كانت مقابل الشواطئ الدنماركية، للعودة إلى مرفئها الأصلي في مدينة طولون المتوسطية، قبل انتهاء مهمتها بسبب اكتشاف إصابة العشرات من بحارتها بوباء فيروس «كورونا». وقتها جرى الحديث عن إصابة ما لا يزيد عن خمسين بحاراً، وضعوا، بناء على أمر من قائدها، في حالة الحجر بالقسم الأمامي للحاملة. لكن بعد العودة ونقل البحارة إلى مراكز تابعة للبحرية لإجراء الفحوصات اللازمة، تبين أن ما يشبه الكارثة قد حلَّت بالحاملة. فالأرقام التي كشفت عنها البحرية تبين أن 668 بحاراً، من أصل 1236، ظهرت نتائج فحوصاتهم بكونهم مصابين بالعدوى. وينتظر أن تنشر اليوم نتائج الفحوصات التي أخضع لها البحارة المتبقون وعددهم 531 بحاراً «من مجموع 1767 بحاراً». ووفق التوقعات، فإن ما يزيد على ألف بحار قد ضربهم «كوفيد- 19».
وتجدر الإشارة إلى أن المهمة الأخيرة للحاملة كانت مقررة أساساً لثلاثة أشهر، إلا أنها عادت قبل انتهائها بعشرة أيام.
تثير هذه العدوى الجماعية عديداً من الأسئلة: أولها يتناول انتشار الوباء في القطع البحرية الأخرى، وحتى اليوم لم يصدر عن وزارة الدفاع أي معلومات بهذا الصدد. وما صدر سابقاً يتناول أعداد الجنود «البريين» المصابين. وبحسب الأرقام الرسمية، فإن 5036 عسكرياً ومدنياً تابعين لوزارة الدفاع طالهم الوباء، بحسب ما نشر بتاريخ 10 أبريل (نيسان)، بينهم المئات في المستشفيات. أما السؤال الآخر فيدور حول معرفة كيفية وصول «كوفيد- 19» إلى الحاملة، علماً بأن آخر احتكاك لها مع اليابسة كان ما بين 13 و16 مارس (آذار) الماضي، عندما توقفت في مرفأ مدينة بريست الفرنسية الأطلسية، الواقعة شمال غربي البلاد. وبهذه المناسبة سمح للبحارة بالنزول إلى اليابسة والتقاء عائلاتهم. وبحسب كريستين ريب، الناطقة باسم قيادة المنطقة البحرية المتوسطية، فإن تحقيقين قد فتحا لفهم كيفية وصول العدوى إلى الحاملة، أحدهما من وزارة الصحة، والآخر تم بطلب من رئاسة أركان البحرية. ووفرت وزارة الدفاع عديداً من الأطباء والممرضين في طولون لمتابعة أوضاع البحارة الخاضعين للحجر، كما وفرت الأسرَّة في المستشفيات.
وتفيد المعلومات المتوفرة بأن وزارة الدفاع كانت قد أمرت قائد الحاملة بوضع حد للمشاركة في العملية البحرية الأوروبية، والعودة إلى طولون، بعد أن أطلعها على وجود حوالي خمسين مصاباً.
هذه هي الرواية الرسمية؛ إلا أن معلومات أخرى بعضها صادر عن بحارة كانوا على متن الحاملة، تفيد بأن قائدها كان على علم بوجود مصابين على متنها قبل الانطلاق من قاعدة بريست، وأنه أطلع وزارة الدفاع على ذلك؛ إلا أن الوزارة طلبت منه مواصلة مهمته.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت البحرية لم تقدِّر خطورة الوضع، أجابت كريستين ريب بأن قيادة المنطقة البحرية المتوسطية التي تقوم بالتحقيق «لا تمتلك المعلومات لتأكيد ذلك، وأن التحقيقات هي التي ستوفرها»، داعية إلى التحلي بالهدوء.
ونقلت إذاعة «فرنس بلو» التي تبث من جنوب فرنسا، عن أحد البحارة قوله إن «الجيش قد قامر بصحتنا وحياتنا». وأفادت صحيفة «لوموند» المستقلة في عددها يوم أمس، نقلاً عن مصادر لم تسمها، بأن ثلثي البحارة ربما أصابهم الوباء.
وحتى اليوم، لم تظهر بوضوح النتائج التي تستخلصها السلطات الفرنسية من انتشار الوباء بين أفراد قواتها المسلحة. وفي العاشر من الشهر الجاري، قالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي، لأعضاء مجلس الشيوخ، إن «(كوفيد- 19) يمكن أن يدفعنا إلى تغيير خططنا وعملياتنا أحياناً؛ لكنه لن يثنينا عن تحقيق أهدافنا»؛ إلا أن تفشي الوباء على شاكلة ما عرفته حاملة الطائرات، سيدفع بالقيادة العسكرية إلى إعادة النظر في وجود قواتها المنتشرة خارج البلاد.
وقد سبق لباريس أن رحلت عسكرييها من العراق؛ حيث كانوا يعملون على تدريب القوات العراقية، بسبب الوباء؛ إلا أن السلطات العسكرية تؤكد أن العملية الكبرى التي تساهم بها فرنسا في بلدان الساحل والتي تعبئ لها نحو 5100 جندي، لن يطالها أي تعديل. ويمكن فهم هذا القرار على ضوء أهمية المساهمة الفرنسية في احتواء التنظيمات المتشددة في هذه المنطقة التي تعتبرها باريس استراتيجية.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.