منذ نحو شهر تقريباً توقفت كاميرات تصوير أعمال الدراما في لبنان بناء على مناشدات وجهتها نقابات الفنانين كإجراء وقائي في زمن «كورونا» لشركات الإنتاج. وبعدها تشدّدت الدّولة اللبنانية بقرار التعبئة العامة الذي تطبقه على الأرض منذ 15 مارس (آذار) الفائت، مانعة حصول أي تجمعات، وبينها تلك الخاصة بتصوير المسلسلات. وانقسم الفنانون بين مؤيد ومعارض لهذا القرار، فاعتبرته شريحة منهم مجحفاً من شأنه أن يؤثر سلباً على عدد كبير من الفنيين والتقنيين المياومين والذين لا يملكون أي باب رزق غيره. كما رأت فيه شركات الإنتاج حجر عثرة لأجندتهم الرمضانية، سيما أنّهم يرتبطون بمواعيد تسليم أعمالهم إلى محطات تلفزيونية فضائية عربية، إضافة إلى تكبدهم خسائر كبيرة. وعلا صوت عدد من الممثلين اللبنانيين يطالبون بإيقاف عمليات التصوير لأنّهم كغيرهم من الناس يخافون من إصابتهم بفيروس «كورونا». فيما ناشد بعضهم الآخر اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتجاوز المشكلة بأقل خسائر ممكنة.
كل ذلك دفع بصاحب شركة «الصباح إخوان» للإنتاج، بإجراء مطالعة دقيقة وتقديمها إلى بعض المسؤولين في الدولة اللبنانية. فاجتمع مع كل من وزراء الصناعة والثقافة والداخلية والمالية ورئيس المجلس الأعلى للدفاع، شارحاً لهم أهمية صناعة الدراما في لبنان وما تحققه من إيجابيات على الحركة الاقتصادية. وتفهم المعنيون الأمر، وتعاملوا معه بإيجابية بحيث سمحوا باستكمال عمليات تصوير المسلسلات، ولكن بحذر وضمن شروط وقائية يتابعونها عن قرب.
وبذلك أُجريت فحوصات «كورونا» لنحو 450 شخصاً من فنيين وتقنيين وفنانين. كما جرى تطبيق كل وسائل التعقيم المطلوبة في عمليات تصوير لا يسمح بتنفيذها إلّا داخلياً وليس في الهواء الطلق.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» يؤكد صادق الصباح أن عجلة تصوير المسلسلات تعود تدريجياً وأن 4 من أعماله التي كانت تندرج على أجندته الرمضانية، وهي «الهيبة 4» و«2020» و«من الآخر» و«أسود فاتح» يستكمل تصويرها. ويعلّق: «هذا الأمر لا يعني أنّ هذه الأعمال ستعرض على الشاشة الرمضانية، بل سنعيد جدولتها حسب الظروف المواتية لها». ويتابع: «لم أشأ أن أستمر بتصوير أعمال ضخمة كالتي ذكرتها من دون الحفاظ على مستواها الفني والجودة المطلوبة التي تعودتم عليها في أعمال (الصباح إخوان). فلقد كان من السهل جداً أن أصور باقي مشاهد هذه الأعمال التي أنجزنا نحو 70 في المائة منها داخل فندق معين أو ديكورات مستحدثة. فأنا أتمسك بتقديم العمل الضخم، وعلى المستوى المطلوب مهما يكلفني هذا الأمر». وعن الخسائر التي تكبدتها شركة «الصباح إخوان» حتى الساعة من جراء توقيف عجلة التصوير يرد: «لم نستطع بعد أن نحصي خسائرنا، سيما أنّ حالة (كورونا) لا تزال قائمة ولا نعرف متى ستنتهي. ولكن لا خوف من تعويضها، والأهم هو استمرارية صناعة الدراما في لبنان، وأن لا يخسر دوره المتقدم على هذا الصعيد».
وعن لقاءاته مع الوزراء اللبنانيين وكيفية وصوله إلى قرار السماح باستكمال التصوير يقول الصباح: «لقد أبدوا تعاوناً كبيراً وعندما التقيتهم شرحت لهم أهمية صناعة الدراما في لبنان على الصعيد العام، وليس فقط في شهر رمضان. وحضرت مطالعة موثقة ودقيقة لإبراز إيجابيات هذه الصناعة على العجلة الاقتصادية في لبنان كونها من أهم مواردها. فهي تحرك خدمات الفنادق وتشغل رحلات الطيران، إضافة إلى مداخيل أخرى تؤمنها طيلة أشهر السنة. فلا يجب الاستخفاف بصناعة تحتل مركزاً متقدماً في بلدان أوروبية وأميركية بفضل قدرات إبداع لبنانية لا يمكن الاستهانة بها».
ومن أعمال شركة «الصباح إخوان» التي سيجري عرضها على الشاشة الرمضانية «إم بي سي» و«أبوظبي»: «سكر زيادة» الذي يجمع النجمتين المصريتين نادية الجندي ونبيلة عبيد إضافة إلى هالة فاخر وسميحة أيوب. وكذلك برنامج «أغلب السقا» مع الممثل أحمد السقا الذي يستضيف خلاله نجوم فن من لبنان والعالم العربي. وفي المغرب تنتج شركة الصباح ثلاثة أعمال درامية بينها اثنان سيعرضان في موسم رمضان «شهادة ميلاد» و«سلامات أبو البنات» وتم إرجاء تصوير الثالث «ولاد المرسى» بسبب المشاهد الخارجية المتبقية منه.
وكانت الشركة المذكورة قد وضعت 9 أعمال على أجندتها الرمضانية، إلّا أنّ انتشار وباء كورونا حال دون استكمال تصوير معظمها. وحالياً يجري في بيروت استكمال تصوير كل من مسلسل «أسود فاتح» لهيفاء وهبي ومعتصم النهار» و«من الآخر» لريتا حايك ومعتصم النهار و«الهيبة 4» لتيم حسن و«2020» لنادين نسيب نجيم وقصي الخولي.
ويعد كل من مسلسلي «الهيبة 4» و«2020» من الأعمال الدرامية الضخمة التي ينتظر المشاهد العربي إطلالة نجومها في رمضان من كل عام. ولكن بسبب متطلبات كثيرة (كتراخيص أسلحة واستخدام مساحات خارجية في بلدة حمانا وحارة كاملة في الفنار وعديد كومبارس وغيرها) تم تأجيل تصوير المشاهد الخارجية حتى إشعار آخر. وجرى الاكتفاء بتصوير ما تبقى من المشاهد الداخلية لهذين العملين إضافة إلى «أسود فاتح» و«من الآخر». «هناك خطة أخرى سنتبعها لإنجاز هذه المشاهد في حال طالت فترة الحجر التي يتسبب بها فيروس كورونا، كأن نبني استوديوهات خاصة في مناطق معزولة تفي بشروط الجودة المطلوبة بأعمالنا الإنتاجية وبإجراءات الوقاية المطلوبة من الدولة اللبنانية». يوضح الصباح في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط». ويعلّق: «نحاول الإمساك بالعصا من وسطها متبعين الإجراءات الوقائية والقواعد الصحية المطلوبة من الدولة اللبنانية وبمؤازرتها. صحيح أنّنا لم نستطع أن نجهز كل أعمالنا الرمضانية ولكنّنا في المقابل قمنا بما يمليه عليه واجبنا تجاه المتعاونين معنا من فنانين وتقنيين. وعملية استكمال التصوير ستجري بحذر مع أخذ كل الاحتياطات الوقائية كما يجري في بلدان عربية أخرى، وهو ما سمح لها بعدم توقيف تصوير أعمالها الدرامية».
ويتابع الصباح قائلاً: «إن شركتنا عريقة وعمرها يفوق الـ66 عاماً ولكن يمكنني التأكيد بأننا لم يسبق أن مررنا بظروف استثنائية كالتي نعيشها اليوم. فحتى أثناء الحرب اللبنانية كنا نواصل تصوير أعمالنا».
وهل ما يجري اليوم تسبب لكم بالصدمة؟ يرد: «لقد سبق ومر العالم بأزمة مماثلة من نحو 100 عام عندما اجتاحه فيروس الإنفلونزا الإسبانية. ولكنّنا نأمل اليوم ومع تقدم الطب وتطور التكنولوجيا أن يجري القضاء على فيروس «كورونا» بأقل وقت ممكن، فلا يعيد التاريخ نفسه».
الحكومة اللبنانية تسمح باستكمال تصوير أعمال الدراما بحذر
صادق الصباح: الظروف التي نمر بها استثنائية لم نشهدها من قبل
الحكومة اللبنانية تسمح باستكمال تصوير أعمال الدراما بحذر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة