جهاز المناعة... أقوى الدفاعات ضد «كورونا»

جهاز المناعة... أقوى الدفاعات ضد «كورونا»
TT

جهاز المناعة... أقوى الدفاعات ضد «كورونا»

جهاز المناعة... أقوى الدفاعات ضد «كورونا»

يعتبر فيروس كورونا «كوفيد - 19» من الأمراض البيئية الوبائية المتميزة مثله مثل العديد من الأمراض الأخرى «إيبولا» و«سارس» و«كورونا الشرق الأوسط» والعديد من الأمراض الأخرى. وتوجد على سطح الكرة الأرضية مليارات الفيروسات أغلبها غير ممرض تقدر نسبتها بحوالي 94 في المائة والقليل منها الممرض. ويستفاد منها في إعادة تدوير المواد العضوية في البحار.
تحدث إلى «صحتك» الدكتور مجدي بن حسن الطوخي استشاري الصحة العامة والأمراض المعدية والمستشار بالهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة – مستعرضا عددا من الحقائق العلمية – من أن الفيروسات تصيب كل شيء حي وأن الإنسان يستنشق ويأكل الملايين منها ويحمل أيضا جينات فيروسية تعتبر جزءا من الجينات البشرية. وكمثال فإن ملعقة من ماء البحر تحمل ملايين الفيروسات، ويوجد في مياه المحيطات 1030 باكتريوفاج Bacteriophages وهي الفيروسات التي تغزو البكتيريا وتعيش بداخلها. وحجم تلك المعادلة مماثل لحجم جميع الفيلة في العالم الآن. وتصيب عائلة فيروسات Calciviruses مثلا الحيتان في المحيطات، ولو انتقلت هذه الفيروسات إلى الإنسان لسببت له اضطرابات معوية. ويقول بعض الخبراء ومنهم البروفسور كاننغهام أستاذ وبائيات الحياة البرية بجمعية الحيوان البريطانية إن أحد أسباب انتشار كورونا حاليا أو سابقا هو تدخل الإنسان وتعكيره صفو الحياة الطبيعية للخفافيش أو الثعابين أو حيوان قط الزباد، بالإضافة إلى السرعة الفائقة في انتقال الإنسان عبر الطائرات والوسائل الأخرى.
- من الخفاش إلى الإنسان
> كيف يحدث التناغم بين الفيروسات التي تحتضنها الحيوانات ومنها الخفافيش وتعيش معها في وئام وسلام؟
- يجيب الدكتور مجدي الطوخي بأن الخفاش، وهو الحيوان الثديي الوحيد القادر على الطيران لمسافات بعيدة محتضنا العديد من الفيروسات، فخلال طيرانه الطويل بحثاً عن الغذاء والعودة مرة ثانية، تنشط لديه الدورة الدموية ويرتفع الضغط والحرارة وتتولد الحمى - والتي تحارب أي ارتفاع في نشاط الفيروس، ويحدث ذلك مرتين يومياً عند الطيران لإحضار الطعام، فبهذا السلوك يصبح الجهاز المناعي للخفافيش قويا جداً ويجعل الفيروسات والأمراض في جسم الخفافيش في حالة كمون وتعايش سلمي.
> كيف ينتقل الفيروس من الحيوان (الخفاش) إلى الإنسان ثم إلى العالم أجمع؟
- يجيب الدكتور مجدي الطوخي أنه لكي نفهم هذه الميكانيكية العجيبة يجب أن نفهم طبيعة تلك الحيوانات، فنأخذ مثلا الخفافيش، التي تحتضن العديد من الفيروسات والأمراض، ومن بين أنواعها خفافيش الفاكهة Fruit bats بالتحديد التي تُعتبر العائل الطبيعي لفيروس «إيبولا» الذي ينتقل إلى عائل وسيط كالقرود أو الكلاب ثم إلى الإنسان كما نجد أن خفافيش حدوة الحصان Horse shoe أو Rhinolopus هي العائل الطبيعي لفيروس كورونا «سارس» الذي ينتقل إلى قط الزباد Civit كعائل وسيط ثم إلى الإنسان. أما كورونا الحالية «COVID - 19» فما زالت، في أغلب الأحوال، خفافيش حدوة الحصان هي العائل الطبيعي للفيروس الذي ينتقل إلى آكِلِ النمل الحرشفي Pangolins كعائل وسيط ثم ينتقل إلى الإنسان كعائل نهائي.
> متى تأتي المشاكل؟
- تأتي عند انتقال الفيروس من الحيوان إلى حيوان آخر أو للإنسان. يعتقد العلماء أن حبس وتقييد حرية الحيوانات ومن ضمنهم الخفافيش في أقفاص لمدد طويلة يؤدي لاضطراب الجهاز المناعي فتقل فعاليته ويصبح غير قادر على مقاومة الفيروس فيخرج الفيروس من جسم الخفاش إلى الإنسان عند أول اختلاط أو تلامس وهذا ما حصل في سوق مدينة ووهان بالصين حيث تبقى الحيوانات في أقفاص لمدد طويلة تمهيدا لبيعها فيتولد الضيق والضغط على الحيوان وبالتالي يصبح الفيروس أكثر نشاطاً وعرضة للخروج وإصابة الإنسان أو أي حيوان آخر بمجرد الملامسة أو الأكل.
- تغلغل الفيروس
> كيف يدخل الفيروس إلى الخلية؟
- يوضح الدكتور مجدي الطوخي أن الفيروسات ما هي إلا جسيمات أو طفيليات تحت مجهرية تتألف من غلاف بروتيني (كابسيد) ومادة نووية هي القلب أو المخ للفيروس إما DNA أو RNA يحيط بها من الخارج مجموعة من البروتينات وهي تعتبر العضلات للفيروس. وكل بروتين له مهمة معينة حسب طبيعة وتكوين وشراسة الفيروس، بعضها موجه للجسم جميعه بدءا من الجهاز المناعي بهدف السيطرة عليه ثم إحداث انهيار كامل ونزيف حاد ثم الوفاة، والبعض الآخر مثل فيروس HIV يسيطر على الجهاز المناعي، والبعض الثالث مثل COVID - 19 موجه إلى الجهاز التنفسي وبالأخص الرئتين ليسيطر على الحويصلات الهوائية Alveoli ويشل الجهاز التنفسي بأكمله.
تتكون على السطح الخارجي للفيروس مجموعة من المسامير أو النتوءات Spikes تحمل بداخلها بروتينات متعددة منها بروتين سكري Glycoprotein يسمى (RBP) Receptor binding protein ومهمته الالتصاق على سطح الخلية والنفاذ والانصهار من خلال اختراق المستقبلات وهي من نوع ACE2)Angiotensin converting enzyme 2) مثل ما يحصل بين القفل والمفتاح. وعند نفاذ الفيروس داخل الخلية يبدأ حمض النواة الريبوزي RNA الخاص بالفيروس بالسيطرة على DNA الخلية ويبدأ جينوم الفيروس بالتكاثر داخل الخلية بعد السيطرة عليها. والجينوم الواحد يمكن أن ينتج حوالي 40 جينوما بالتكاثر العددي ويبدأ بالخروج من الخلية المصابة ليصيب خلية أخرى سليمة. وهكذا تتكرر العملية آلاف المرات حتى يسيطر الفيروس على الجسم إلا إذا كان الجهاز المناعي للشخص المصاب قويا وجيدا ويفرز أجساما مضادة تستطيع مهاجمة ومقاومة الفيروس والتغلب عليه.
> ماذا يصيب مرض كوفيد - 19 فئات من الناس أكثر من غيرهم وقد تكون إصابتهم قاتلة؟
- يجيب الدكتور مجدي الطوخي بأن فيروس كوفيد - 19 يمكن أن يُصيب الأشخاص من جميع الأعمار. ويبدو أن كبار السن والأشخاص المصابين بحالات مرضية سابقة الوجود (مثل الرَبْو، وداء السُكَّريّ، وأمراض القلب والسرطان) هم الأكثر عُرضة للإصابة لضعف جهاز المناعة لديهم.
وفي ظل عدم وجود علاج ناجع أو لقاح واقٍ ضد فيروس كورونا المستجد لحد الآن، فلا يزال الأطباء والباحثون يراهنون على قدرة الجسم البشري على التصدي للمرض القاتل، طالما أن جهاز المناعة لديهم سليم وصحيح.
- جهاز المناعة
يؤكد الدكتور مجدي الطوخي أن علم المناعة هو من أحدث العلوم الطبية الأساسية وأسرعها تطورا علـى الإطلاق كما أن التداخل المتعاظم لعلم المناعة في معظم أو جميع النظم والاختصاصات الطبية ودوره الهام في تشخيص كثير من الأمراض رفع من أهمية هذا العلم وجعل معرفته ضرورية للجميع.
ومنذ مطلع القرن العشرين بدأ تطور العلوم البيولوجية والتقنيات المستخدمة بها وتوجه الباحثون نحو إجراء التجارب المناعية لفهم الاستجابة المناعية والتعرف على نوعية الأضداد. فبمساعدة الأضداد بشكل عام والأضداد وحيدة النسيلة بشكل خاص أمكن تشخيص الكثير من الأمراض والوقاية منها ومعالجتها بشكل ناجع وخاصة الأمراض الخمجية التي تعتبر المسـبب الأساسي للوفيات في العالم ولا سـيما في بلدان العالم النامي. ومع أن السـيطرة على هذه الأمراض معقدة جدا، إلا أن قدرة الجهاز المناعي على التعامل مع الخمج هي قدرة لافتة للنظر، لا سـيما حينما تدعمها تقنيات اللقاحات الحديثة.
ويكمن سر اللقاحات في وجود الذاكرة الاستثنائية للجهاز المناعي، فهذا الجهاز لا يسـتطيع التعرف على الدخيل وتخريبه فحسب وإنما يستطيع أن يتذكره لعقود من الزمن ولذلك فإن الجسم يستجيب بإنتاجه أضدادا وخلايا تائية (مناعية) تتمكن في نهاية الأمر من التخلص من أي دخيل للجسم. ولقد استخدمت أنواع مختلفة من اللقاحات كالجراثيم أو الفيروسات أو الطفيليات الحية أو الميتة أو المضعفة. إلا أن استخدام التقنيات الجزيئية في تصنيع اللقاح زادت مـن نوعية اللقاح وفعاليته وخاصة عند استخدام مجموعة من البروتينات وهي الأضداد Polyclonal Antibody أو استخدام بروتين محدد وهي الأضداد وحيدة النسـيلة Monoclonal Antibody موجهة نحو الجزء الفعال من الجسم الغريب أو الدخيل فيحيده مما يساعد على درء المرض.
ويتألف جهاز المناعة من ثلاثة عناصر، هي:
- الأعضاء: وهي على نوعين: أعضاء مركزية (نخاع العظام والغدة الصعترية «غدة التيموس» Thymus gland)، وأعضاء خارجية أو محيطية (العقد اللمفاوية والطحال ولويحات باير Peyer’s patches).
- المواد الذائبة، وهي: الأضداد Antibodies - المتممات Complement - الليمفوكينات Lymphokins.
- الخلايا، وهي: الخلايا البلعمية الكبيرة - الخلايا البيضاء اللمفاوية - الخلايا البيضاء المعتدلة - الخلايا البيضاء الحامضية - الخلايا البيضاء الأساسية.
- أقسام المناعة
أما عن أقسام المناعة، فيقول الدكتور مجدي الطوخي أن المناعة تنقسم إلى قسمين رئيسيين، طبيعية ومكتسبة:
> أولا: المناعة الطبيعية. هي المناعة التي يمتلكها الإنسان قبل ولادته ويرثها من أبويه ولذلك تسمى بالمناعة الخلقية أو المتأصلة أو الغريزية، وهي مناعة عامة لا تختص بنوع معين من الكائنات الحية الممرضة ولذلك تسمى بالمناعة غير النوعية Non - specific Immunity وهي التي تحمي الجسم ضد غزو كل الكائنات والمواد الغريبة عنه بشكل عام دون تخصص وتؤمن له حماية غير محددة حيث تمنع دخول العديد من مسببات الأمراض للجسم كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات وغيرها، وتقوم بذلك عبر عدة تقنياتٍ دفاعية كالعوائق الملموسة مثل الجلد، والعوائق الكيميائية مثل البروتينات المضادة للميكروبات التي تؤذي أو تدمر الأجسام الغريبة في الجسم والخلايا التي تهاجم الجسم والتي تحمل عوامل التهابية. هناك عدة عوامل تؤثر في المناعة الطبيعية وهي التأثير الوراثي؛ والعمر؛ والغدد الصم؛ والتأثير الهرموني؛ والتأثير الغذائي.
> ثانيا: المناعة المكتسبة. هي مناعة يتم اكتسابها خلال حياة الكائن الحي بعد تعرضه للأمراض، وتتميز مكوناتها بالعمل بطريقة انتقائية ومتخصصة إذ أن كل خلية أو جسيم تابع لها يستطيع العمل ضد عامل ممرض واحد ووحيد وخلافا للمناعة الطبيعية التي تتشابه عند بعض الأفراد ضد نوع معين فإن الاستجابة المناعية المكتسبة تختلف من فرد لآخر وفق عامل الحصانة المناعية المكتسبة التي مر بها جسم كل شخص على انفراد وبحسب الأمراض التي تعرض لها خلال حياته. هناك ميزة أخرى تضاف للحصانة المكتسبة ألا وهي القدرة على إنتاج ذاكرة مناعية. ويشمل جهاز المناعة المكتسبة الخلايا اللمفاوية من نوع B، T المستضدات. ويوجد نوعان من المناعة المكتسبة، هما:
- المناعة المكتسبة طبيعيا: وهي المناعة التي تظهر في الجسم بعد شفائه مـن مرض معد نتيجة تعرضه لجرثومة معينة لأول مرة، مثل: الجدري؛ الكوليرا؛ الحصبة، وتُقسم إلى قسمين هما المناعة الفاعلة Active والتي يكسبها الجسم نتيجة إصابته بخمج جرثومي معين ويتم تكوين وإفراز أضداد نوعية Antibodies ضد هذه الجراثيم كالمناعة التي يكتسبها الشخص عند إصابته بالعدوى لأول مرة بمرض السل أو الحصبة، والمناعة المنفعلة Passive التي يكسبها الجسم نتيجة دخول الأضداد الجاهزة إليه دون أن يقوم هو بتشكيلها، كالمناعة التي يكتسبها الطفل الوليد مـن أمه عـن طريق المشيمة أثناء الحمل، والمناعة التي يكتسبها الرضيع من الأم عن طريق الرضاعة.
- المناعة المكتسبة صناعيا: وهي المناعة التي تظهر في الجسم بعد تلقيحه أو حقنه بالأمصال بقصد رفع مقاومته للمرض مثل اللقاح ضد الجدري، وتُقسم إلى قسمين هما المناعة الفاعلة Active والتي يكتسبها الجسم نتيجة إدخال جراثيم معينة ميتة أو مضعفة بالتطعيم أو اللقاح بأضداد نوعية كالمناعة التي يكتسـبها بعد تلقيحه ضد تحفـز الجسم على تكوين مرض الكزاز أو مرض السل، والمناعة المنفعلة Passive والتي يكتسبها الجسم نتيجة تزويده بالأضداد الجاهزة صناعيا التي تحتوي على الأضداد النوعية المستخرجة من عائل آخر. كالمناعة التي يكتسبها ضد مرض التهاب الكبد الفيروسي أو مرض الدفتيريا أو داء الكلب.
وعن دور الخلايا اللمفاوية في المناعة، يضيف الدكتور الطوخي بأن الخلايا اللمفاوية تستجيب للتنبيه المناعي ويكون لها دور كبير في حدوث استجابة مناعية خلطية أو خلوية، وتنتشر هذه الخلايا في الأعضاء اللمفاوية وتتحرك مع الدم واللمف وهي على درجة عالية من التخصص، وتُصنف إلى مجموعتين متميزتين هما: الخلايا اللمفاوية البائية B - Lymphocytes: والخلايا اللمفاوية التائية.
- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

صحتك من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

أظهرت مراجعة بحثية حديثة أن مستهلكي المياه المعبأة يومياً يبتلعون أكثر من 90 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)

نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء. فالبرودة وقِصر ساعات النهار وزيادة التوتر أحياناً تجعل من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم ليلاً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم «اللوكيميا» هو نوع من السرطان يصيب خلايا الدم حيث يؤدي إلى إنتاج غير طبيعي لكريات الدم البيضاء التي تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى (رويترز - أرشيفية)

دراسة تكشف دور الالتهاب المزمن في تمهيد الطريق لتطوّر «اللوكيميا»

حذّر علماء من أن تغيّرات خفية تصيب العظام، وتحديداً نخاع العظم، قد تشكّل علامة مبكرة على الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا).

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الدراسة أجراها المركز الطبي التابع لمستشفيات جامعة كليفلاند الأميركية (بيكسباي)

دراسة تفتح الباب لإمكانية عكس مسار ألزهايمر

أشارت دراسة علمية حديثة إلى إمكانية عكس مسار مرض ألزهايمر عبر استعادة التوازن الطاقي داخل الدماغ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
TT

تناول المياه المعبأة يومياً يعرضك لابتلاع آلاف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة

من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)
من المهم أن نشرب كثيراً من الماء في الطقس الحار (رويترز)

أظهرت مراجعة بحثية حديثة أن مستهلكي المياه المعبأة يومياً يبتلعون أكثر من 90 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، مقارنة بمن يشربون مياه الصنبور، ما يستدعي اتخاذ إجراءات تنظيمية عاجلة للحد من المخاطر.

وتشير المراجعة أيضاً إلى أن متوسط ​​ما يبتلعه الإنسان سنوياً يتراوح بين 39 ألفاً و52 ألف جسيم بلاستيكي دقيق، يتراوح حجمها بين جزء من ألف من الملِّيمتر وخمسة ملِّيمترات.

وتُطلق الزجاجات البلاستيكية جسيمات دقيقة في أثناء التصنيع والتخزين والنقل؛ حيث تتحلل بفعل التعرض لأشعة الشمس وتقلبات درجات الحرارة، وفقاً لباحثين في جامعة كونكورديا بكندا الذين يحذرون من أن العواقب الصحية لابتلاعها «قد تكون وخيمة»، حسبما أفادت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.

وفي السياق، قالت سارة ساجدي، المؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة المنشورة في مجلة المواد الخطرة: «يُعدُّ شرب الماء من الزجاجات البلاستيكية آمناً في حالات الطوارئ، ولكنه ليس خياراً مناسباً للاستخدام اليومي».

من المعروف أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة تدخل مجرى الدم وتصل إلى الأعضاء الحيوية، مما قد يُسبب التهابات مزمنة، ومشكلات تنفسية، وإجهاداً للخلايا، واضطرابات هرمونية، وضعفاً في القدرة على الإنجاب، وتلفاً عصبياً، وأنواعاً مختلفة من السرطان. إلا أن آثارها طويلة الأمد لا تزال غير مفهومة بشكل كامل بسبب نقص طرق الاختبار الموحدة لتقييمها داخل الأنسجة.

في هذه المراجعة، فحص الباحثون التأثير العالمي لجزيئات البلاستيك الدقيقة التي يتم ابتلاعها من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد على صحة الإنسان، مستندين في ذلك إلى أكثر من 141 مقالة علمية.

تشير المراجعة إلى أن الأشخاص الذين يحصلون على الكمية اليومية الموصى بها من الماء من زجاجات المياه البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد فقط، قد يبتلعون 90 ألف جزيء إضافي من البلاستيك الدقيق سنوياً، مقارنة بمن يشربون ماء الصنبور فقط، والذين يبتلعون 4 آلاف جزيء دقيق سنوياً. كما توضح الدراسة أنه على الرغم من أن أدوات البحث الحالية قادرة على رصد حتى أصغر الجزيئات، فإنها لا تكشف عن مكوناتها.

ويشير الباحثون إلى أن الأدوات المستخدمة لتحديد تركيب جزيئات البلاستيك غالباً ما تغفل أصغرها، داعين إلى تطوير أساليب اختبار عالمية موحدة لقياس الجزيئات بدقة.

وكتب الباحثون: «يسلط التقرير الضوء على المشكلات الصحية المزمنة المرتبطة بالتعرض للبلاستيك النانوي والميكروي، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي، ومشكلات الإنجاب، والتسمم العصبي، والسرطنة».

وتسلِّط المراجعة الضوء على تحديات أساليب الاختبار الموحدة، والحاجة إلى لوائح شاملة تستهدف الجسيمات البلاستيكية النانوية والميكروية في زجاجات المياه. كما يؤكد البحث ضرورة التحول من استخدام البلاستيك أحادي الاستخدام إلى حلول مستدامة طويلة الأمد لتوفير المياه.


نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
TT

نصائح لتحسين جودة نومك خلال فصل الشتاء

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)
يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء (رويترز)

يجد كثير منا صعوبة في النوم خلال فصل الشتاء. فالبرودة وقِصر ساعات النهار وزيادة التوتر أحياناً تجعل من الصعب الاسترخاء والاستغراق في النوم ليلاً. ومع ذلك، هناك بعض العادات البسيطة والتغييرات في نمط الحياة التي يمكن أن تساعد على تحسين جودة النوم، خلال الأشهر الباردة.

وذكر تقريرٌ نشرته صحيفة «التلغراف» أهم الطرق والنصائح للحصول على نوم أفضل ليلاً في فصل الشتاء، وهي:

ابدأ يومك بالتعرض للضوء

يمكن أن يساعد التعرض للضوء لمدة ثلاثين دقيقة، في الوقت نفسه كل صباح، في إعادة ضبط ساعتك البيولوجية، وتحسين جودة نومك.

وإذا جرى هذا التعرض للضوء أثناء المشي فإن هذا الأمر قد يُحسّن المزاج أيضاً.

لكنْ إذا لم تتمكن من الخروج نهاراً، فإن الجلوس بجوار النافذة يساعد على تحسين التركيز والمزاج وجودة النوم.

احمِ عينيك من الضوء ليلاً

يُفضَّل ليلاً استخدام إضاءة خافتة ودافئة، حيث يرتبط التعرض للضوء ليلاً بنومٍ أخف وأقل راحة.

ويبدأ إفراز هرمون النوم الميلاتونين عادةً قبل ساعة ونصف من موعد نومك المعتاد، لذا جرّب إشعال شمعة مع وجبة العشاء مع إغلاق مصادر الإضاءة الأخرى. سيساعدك الجمع بين هذه الأدوات على النوم بسهولة أكبر.

اجعل المشي وقت الغداء عادة

بغضّ النظر عن مدى لياقتك البدنية، فإن قلة الخطوات تعني تقليل تراكم «ضغط» النوم، مما يسهم في شعورك بالتعب ليلاً ويتسبب في اضطرابات بنومك.

ضع لنفسك هدفاً بالمشي وقت الغداء، بغضّ النظر عن الطقس.

حاول ألا تستيقظ مبكراً

إن الاستيقاظ مبكراً في فصل الشتاء قد يُسبب ارتفاعاً غير معتاد في مستوى الكورتيزول، مما قد يجعلك تشعر بمزيد من التوتر والإرهاق طوال اليوم.

قد لا يكون هذا ممكناً للجميع، لكن إذا استطعتَ الحصول على نصف ساعة إضافية من النوم صباحاً، فقد تنام، بشكل أفضل، في الليلة التالية.

استمتع بوقتك في أحضان الطبيعة

إن الخروج للطبيعة في فصل الشتاء يمكن أن يساعدك في تحسين جودة نومك، بشكل كبير، ليلاً. لكن ينبغي عليك الحرص على ارتداء الملابس الثقيلة أثناء الخروج.

خطط لوجباتك بذكاء

وجدت دراسات حديثة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة ترتبط بارتفاع معدلات الأرق واضطرابات الصحة النفسية.

من الأفضل بدء وضع خطة وجبات أسبوعية. فالأطعمة الغنية بالألياف والمُغذية (مثل الفواكه والخضراوات الطازجة) ترتبط بتحسين جودة النوم.

وإلى جانب نوعية الطعام، فكّر أيضاً في وقت تناوله. توقف عن الأكل، قبل ساعتين على الأقل من موعد نومك، لتنعم بنوم هانئ.


الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
TT

الجسيمات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهم بشكل مباشر في أمراض القلب لدى الرجال

الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)
الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين (رويترز)

أظهرت دراسة حديثة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تتغلغل في الشرايين وتُسبب أمراض القلب، خاصةً لدى الرجال.

وتنتشر جزيئات البلاستيك الدقيقة، التي يتراوح حجمها بين جزء من ألف من المليمتر وخمسة ملليمترات، في كل مكان اليوم؛ إذ توجد في الطعام والماء والهواء. ومن المعروف أنها تدخل مجرى الدم، بل وتستقر في الأعضاء الحيوية.

وتُسهِم هذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، بدءاً من اضطرابات الهرمونات، وضعف القدرة على الإنجاب، وتلف الجهاز العصبي، والسرطان، وصولاً إلى أمراض القلب.

ومع ذلك، لم يكن من الواضح، فيما يتعلق بأمراض القلب، ما إذا كانت هذه الجسيمات تُلحق الضرر بالشرايين بشكلٍ مباشر، أم أن وجودها مع المرض كان مجرد مصادفة فقط، وهذا ما توصلت إليه الدراسة الجديدة، والتي نقلتها صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقال تشانغ تشنغ تشو، أستاذ العلوم الطبية الحيوية في جامعة كاليفورنيا، ومؤلف الدراسة الجديدة: «تقدم دراستنا بعضاً من أقوى الأدلة حتى الآن على أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة قد تُسهِم بشكل مباشر في أمراض القلب والأوعية الدموية».

وفي الدراسة، قيّم الباحثون آثار الجزيئات البلاستيكية الدقيقة على فئران مُعرّضة وراثياً للإصابة بتصلب الشرايين.

تمت تغذية فئران الدراسة، ذكوراً وإناثاً، بنظام غذائي منخفض الدهون والكولسترول، يُشابه ما قد يتناوله شخص سليم ونحيف.

ومع ذلك، وعلى مدار تسعة أسابيع، تلقت الفئران جزيئات بلاستيكية دقيقة بجرعات تُقارب 10 ملغ لكل كيلوغرام من وزن الجسم.

واختار الباحثون مستويات التعرض هذه للجزيئات البلاستيكية الدقيقة؛ لتعكس كميات مُشابهة لما قد يتعرض له الإنسان من خلال الطعام والماء الملوثين.

وعلى الرغم من أن النظام الغذائي الغني بالجسيمات البلاستيكية الدقيقة لم يتسبب في زيادة وزن الفئران أو ارتفاع مستويات الكولسترول لديها، وظلت الحيوانات نحيفة، فإن تلف الشرايين قد حدث.

ووجد الباحثون على وجه الخصوص فرقاً ملحوظاً في تأثير الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بين ذكور وإناث الفئران.

وأدى التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة إلى تسريع تصلب الشرايين بشكل كبير لدى ذكور الفئران، حيث زاد تراكم اللويحات بنسبة 63 في المائة في جزء من الشريان الرئيسي المتصل بالقلب، وبأكثر من 7 أضعاف في الشريان العضدي الرأسي المتفرع من الشريان الرئيسي في الجزء العلوي من الصدر.

وخلصت الدراسة إلى أن إناث الفئران التي تعرضت للظروف نفسها لم تشهد زيادة ملحوظة في تكوّن اللويحات.

وبمزيد من البحث، وجد الباحثون أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تتداخل مع الشرايين؛ ما يُغير سلوك وتوازن أنواع عدة من الخلايا.

ووجدوا أن الخلايا البطانية، التي تُشكل البطانة الداخلية للأوعية الدموية، كانت الأكثر تأثراً.

وقال الدكتور تشو: «بما أن الخلايا البطانية هي أول ما يتعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة المنتشرة في الدم، فإن خلل وظيفتها قد يُؤدي إلى بدء الالتهاب وتكوّن اللويحات».

يبحث الباحثون حالياً في سبب كون ذكور الفئران أكثر عرضة لتلف الشرايين نتيجة التعرض للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وما إذا كان هذا الاختلاف بين الجنسين ينطبق على البشر أيضاً.

وقال تشو: «يكاد يكون من المستحيل تجنب الجسيمات البلاستيكية الدقيقة تماماً. ومع استمرار تزايد تلوث الجسيمات البلاستيكية الدقيقة عالمياً، أصبح فهم آثارها على صحة الإنسان، بما في ذلك أمراض القلب، أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».

وأشار إلى أنه نظراً لأنه لا توجد حالياً طرق فعالة لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من الجسم، فإن تقليل التعرض لها والحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية بشكل عام - من خلال النظام الغذائي، وممارسة الرياضة، وإدارة عوامل الخطر - يبقى أمراً بالغ الأهمية.