الحليب «البقري» أم «النباتي»... أيهما أفضل؟

الحليب «البقري» أم «النباتي»... أيهما أفضل؟
TT

الحليب «البقري» أم «النباتي»... أيهما أفضل؟

الحليب «البقري» أم «النباتي»... أيهما أفضل؟


تصطف قوارير الألبان المصنوعة من حبوب نباتية على الرفوف، في الأقسام المبردة في غالبية محلات المتاجر الكبرى هذه الأيام، وتشمل: حليب الصويا، وحليب اللوز، وحليب الكاجو، وحتى الحليب المصنوع من الأرز أو الشوفان أو البازلاء. ويبدو أن اختيار منتج قائم على النباتات سيكون خياراً صحياً، ولكن هل هو كذلك دائماً؟ وهل هو أفضل لك من شرب حليب البقر؟ الجواب: ما داما يحتويان على سلسلة متماثلة من المغذيات، فإن اختيار أحدهما يعتمد على ما تفضله.
- البقري والنباتي
وقد سألنا فاسانتي مالك، أستاذ مساعد التغذية بكلية الصحة العامة بجامعة «هارفارد»، للحصول على بعض النصائح حول كيفية اختيار أفضل منتج.
> هل الحليب القائم على النبات صحي أكثر من حليب البقر؟ هل يتعين على الناس استبدال هذا بذاك؟
- إذا كنت تشرب حليب البقر، فلا يوجد سبب للتبديل إلى خيار نباتي. فحليب البقر مصدر غذائي جيد للفيتامينات والمعادن الضرورية؛ حيث تحتوي وجبة حليب البقر على الكالسيوم وفيتامين «دي» (D)، وفيتامين «أيه» (A)، ومجموعة كبيرة من المغذيات الدقيقة التي تحتاجها في نظامك الغذائي. ومع ذلك، لا توجد أي اشتراطات غذائية بضرورة تناول نوع محدد من منتجات الألبان على وجه التحديد. وبحسب مالك، في الماضي أوصى الخبراء بتناول منتجات الألبان لبناء العظام ومنع الكسور. واتضح أنه لا توجد أدلة قوية على أن شرب كثير من الحليب أو تناول منتجات الألبان له فائدة حقيقية عندما يتعلق الأمر بتقليل مخاطر التعرض لكسور.
لذلك، إذا كنت ترغب في التحول إلى منتج نباتي، أو إذا كنت بحاجة إلى ذلك بسبب الحساسية من الحليب أو عدم تحمل اللاكتوز، فيمكنك الحصول على العناصر الغذائية نفسها عن طريق اختيار منتج الحليب المعتمد على النباتات بعناية بدلاً من ذلك. ولمزيد من التأكيد -بحسب مالك- يمكنك تناول مكملات الكالسيوم إذا لزم الأمر.
> كيف يمكنني اختيار الحليب النباتي إذا كنت أرغب في التبديل؟
- تتنوع جودة الحليب النباتي بدرجة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالمواد المغذية، إذ إن بعضها يحتوي فعلياً على كمية الفيتامينات والمعادن نفسها التي يحتوي عليها حليب البقر؛ بينما تحتوي أنواع أخرى على نسب أقل كثيراً. على سبيل المثال، يحتوي حليب اللوز على نسب أقل من البروتين مقارنة بحليب البقر. وإذا كنت ستنتقل إلى الحليب النباتي، فاحرص على قراءة الملصق للتأكد من أن المنتج يحتوي على كميات جيدة من البروتين وفيتامين «دي» والحديد والكالسيوم. ومن الناحية المثالية، اشترِ الحليب الذي يحتوي على 8 أو 9 غرامات على الأقل من البروتين لكل جرعة.
لكن من سمات بعض أنواع الحليب النباتي أنها قد لا تكون لذيذة المذاق. وفي هذا الصدد قال مالك: «أستطيع أن أشرب حليب اللوز غير المحلَّى؛ لكن قد يكون ذلك غير مستساغ لبعض الناس». ويحاول المصنعون حل هذه المشكلة عن طريق إضافة السكر وغيرها من الإضافات الأخرى التي يجب عليك تجنبها. لذلك، عندما تقرأ الملصقات، ابحث أيضاً عن حليب نباتي يحتوي على نسبة منخفضة من السكر المضاف. ومن شأن عبارة «Nutrition Facts» الجديدة المزمع تدوينها على القوارير العام الجاري، أن تسهل على المستهلكين اختيار المنتجات ذات نسب السكر المضافة المنخفضة. ويتضمن هذا الملصق الجديد سطراً يوضح نسبة السكر المضاف مع نسبة مئوية للقيم اليومية.
من الناحية المثالية، يجري تشجيع الأميركيين على تناول أقل من 30 إلى 45 غراماً من السكر يومياً (حوالي 12 ملعقة شاي صغيرة)، ومع ذلك، يوصي عديد من الخبراء بالتمسك بـ25 غراماً أو أقل، بحسب مالك. وبالنسبة للشخص الذي يتناول 2000 سعر حراري يومياً، فإن أي شخص لا يحتاج أكثر من 200 سعر حراري يومياً من السكر المضاف.
- أسباب الاستبدال
> هل هناك أسباب أخرى لاستبدال الحليب البقري بالحليب النباتي؟
- يتفوق الحليب النباتي على الحليب البقري فيما يتعلق بالبيئة. فالمنتجات النباتية يتبعها فرض ضرائب بيئية أقل من ضرائب المنتجات الحيوانية. لذلك، إذا كنت تتطلع إلى تقليل انبعاثات الكربون لديك، فالحليب النباتي هو الخيار الأمثل.
> ماذا عن حليب الصويا؟ هل هناك أي سبب لتجنبه؟
- كان هناك قلق من أن فول الصويا الذي يحتوي على «أيسوفلافونات» (isoflavones)، وهو نوع من الأستروجين النباتي يشبه الأستروجين البشري، يمكن أن يسبب سرطان الثدي واضطرابات الغدد الصماء. وأضاف مالك: «لقد جرى دحض هذه النظريات، إذ لم يعد الخبراء قلقين بشأن فول الصويا». فالمشكلة الرئيسية بالنسبة لفول الصويا تتعلق بالأشخاص الذين يعانون من الحساسية تجاه منتجات فول الصويا. فإذا كنت تعاني من الحساسية، فمن الطبيعي تجنبها.
> هل هناك أسباب صحية أخرى لدعم التحول بعيداً عن حليب البقر؟
- على الرغم من أن تناول الألبان بمعدلات مرتفعة يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون، فقد ربطته بعض الدراسات بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا المتقدم، وارتفاع نسبة الإصابة بسرطان المبيض. واستطرد مالك قائلاً: «لكن الدليل ليس قوياً للغاية». وحتى يتوفر مزيد من المعلومات، لا توجد توصيات رسمية تنصح الأشخاص بزيادة أو تقليل منتجات الألبان بناءً على نتائج دراسة ما. ومع ذلك، إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك معرضاً لخطر كبير في أي من هذه الحالات، فننصح بالتحدث مع طبيبك حول ما إذا كان النظام الغذائي قد يؤثر على احتمال إصابتك بالسرطان.
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»... خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.