الكارثة الاقتصادية الأميركية نتيجة «كورونا» تبدأ بالظهور (خبراء)

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT
20

الكارثة الاقتصادية الأميركية نتيجة «كورونا» تبدأ بالظهور (خبراء)

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بدأ حجم الكارثة الاقتصادية الناتجة من انتشار فيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة يظهر مع تعاقب المؤشرات المقلقة التي تفيد عن تراجع النشاط وتدني عائدات الشركات في أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وتعثر الاستهلاك الذي يشكل محرك النمو الأميركي منذ مارس (آذار)، مع بدء انتشار وباء «كوفيد – 19» في الولايات المتحدة ودعوة السكان تدريجياً إلى لزوم منازلهم سعياً لاحتوائه.
وأعلنت وزارة التجارة، الأربعاء، تراجع مبيعات التجزئة بنسبة 8.7 في المائة عن فبراير (شباط)، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وهبطت مبيعات محال الملابس واللوازم إلى النصف، في وقت بات قسم كبير من الناس يعملون في منازلهم وأغلق الكثير من المتاجر. كما طالت الأزمة المطاعم والحانات التي اضطر الكثير منها إلى إغلاق أبوابه في شهر مارس، فتراجعت عائداتها بنسبة 26.5 في المائة.
أما متاجر الأغذية والمشروبات التي واصلت العمل لاعتبارها أساسية، فازدادت مبيعاتها بنسبة 26.5 في المائة.
من جهته، ذكر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تقرير الأربعاء، أن النشاط الاقتصادي الأميركي «تقلص بشكل حاد ومفاجئ» نتيجة تدابير الحجر المنزلي.
والقطاعات الأكثر تضرراً هي قطاعات الترفيه والفنادق، فضلاً عن البيع بالتجزئة (باستثناء المنتجات الأساسية)، وفق الدراسة التي أجريت لدى شركات أميركية تم استطلاعها قبل 6 أبريل (نيسان).
وأورد البنك المركزي الأميركي، أن الشركات «تتوقع بمعظمها تدهور الأوضاع خلال الأشهر المقبلة».
حذر كبير الخبراء الاقتصاديين في الاتحاد الوطني لبيع التجزئة، جاك كلاينهنز، من أنه «حتى إذا عاود الاقتصاد العمل في مايو (أيار)، فإن المستهلكين سيحتاجون إلى وقت لتكييف سلوكهم. طريق معاودة النشاط قد تكون طويلة وبطيئة».
ويتوقع المحللون في معهد «أوكسفورد إيكونوميكس»، أن يتراجع إنفاق العائلات في الفصل الثاني من السنة بمرتين عما كان عليه في الربع ذاته من العام الماضي، في حين يمثل استهلاك الأسر 70 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الأميركي.
المصانع أيضاً أغلقت تدريجياً أو بطّأت وتيرة عملها الشهر الماضي، وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.4 في المائة عن مستوى فبراير، بحسب بيانات الاحتياطي الفيدرالي.
وأوضح الاحتياطي الفيدرالي في تقريره، أن هذا أكبر تراجع يسجل منذ يناير (كانون الثاني) 1946، مشيراً إلى أن «معظم الصناعات الكبرى سجلت تراجعاً، وأكبر تراجع يتعلق بالسيارات وقطعها».
وفي منطقة نيويورك، بؤرة الوباء في الولايات المتحدة، تراجع النشاط الصناعي في مطلع أبريل إلى أدنى مستوياته التاريخية، بحسب ما أعلن فرع الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أمس.
تزداد البطالة بشكل متواصل في الولايات المتحدة منذ منتصف مارس ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
فبعدما كان سوق العمل يسجل أفضل مؤشرات منذ خمسين عاماً، انهار في ثلاثة أسابيع فقط مع اضطرار 16.7 مليون شخص إلى تقديم طلبات للحصول على مساعدات بطالة.
وتوقع الاحتياطي الفيدرالي في تقريره أن تواصل البطالة ارتفاعها.
والوضع سيئ في جميع المناطق، وتلجأ الشركات إلى تدابير «تسريح مؤقت» ومنح عطل، وهي تأمل العودة إلى ظروف طبيعية حين يُستأنف النشاط.
وحذرت المصارف الأميركية الكبرى من أنها تتوقع تخلف أعداد من الأشخاص والشركات عن سداد أقساط قروض.
ومن المفترض أن تساعد خطة المساعدة الفيدرالية الضخمة البالغة قيمتها 2200 مليار دولار، الاقتصاد الأول في العالم على تخطي هذه الأزمة غير المسبوقة.
وبدأت الأسر في تلقي شيكات من الحكومة بقيمة 3400 دولار مثلاً لعائلة من بالغين وولدين.
كما وضعت سيولة على شكل قروض في تصرف الشركات، ولا سيما المتوسطة والصغرى من خلال آليات عدة؛ حتى تتمكن من الاستمرار في دفع رواتب موظفيها وتتفادى تسريحهم.
وبلغت حصيلة فيروس كورونا المستجد حتى مساء الأربعاء في الولايات المتحدة 28326 وفاة من أصل أكثر من 637 ألف إصابة، وفق بيانات صادرة عن جامعة جونز هوبكينز.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقلّبات حادة في الأسواق مع بداية رئاسة ترمب الثانية

ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
TT
20

تقلّبات حادة في الأسواق مع بداية رئاسة ترمب الثانية

ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)
ترمب يعرض أمراً تنفيذياً وقّعه خلال حدث استعراض تنصيب الرئاسة في صالة «كابيتال وان أرينا» (د.ب.أ)

شهدت الأسواق المالية تقلّبات حادة في بداية رئاسة دونالد ترمب الثانية للولايات المتحدة؛ حيث أبدى موقفاً أكثر مرونة تجاه الصين مما كان يتوقعه الكثير من المراقبين، قبل أن يعلن في وقت لاحق عزمه فرض رسوم جمركية عقابية على جيرانه في أميركا الشمالية في غضون ساعات فقط.

لكن موجة من الارتياح اجتاحت الأسواق بعدما لم تفضِ خطاباته وسلسلة من الأوامر التنفيذية إلى فرض أي رسوم تجارية جديدة، إلا أن هذه الموجة توقفت بشكل مفاجئ عندما أفصح ترمب في تصريح للصحافيين من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض عن تفكيره في فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا، بدءاً من الأول من فبراير (شباط) المقبل، وفق «رويترز».

ونتيجة لذلك، عكس الدولار مساره، الذي كان قد تراجع، ليصعد إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات مقابل نظيره الكندي. وفي الوقت نفسه، صعدت أسواق هونغ كونغ، في حين شهدت أسهم شركات البطاريات تراجعاً، مما جعل يوم التداول بمثابة تذكير حيوي لكيفية تقلّب الأسواق خلال ولاية ترمب الأولى، وكيف أن المستثمرين الآن يشعرون بتفاؤل أكبر حيال المخاطر المرتقبة.

وفي هذا السياق، قال كبير استراتيجيي السوق في «جيه بي مورغان» لإدارة الأصول في سنغافورة، تاي هوي، في إفادة صحافية: «التصريحات المعدة مسبقاً وما يتمّ إعلانه بشكل ارتجالي، كلاهما سيُسهم في تحريك الأسواق». وأضاف: «بدلاً من أن نؤسّس جميع قراراتنا الاستثمارية على ما يتم التصريح به علناً، علينا أن نتراجع خطوة إلى الوراء ونستوعب التطورات بشكل أفضل».

وأشار إلى أن هناك فجوة كبيرة بين ما تم قوله خلال الحملة الانتخابية وما تتم دراسته وتنفيذه الآن. وكان ترمب قد تعهّد بفرض رسوم جمركية ضخمة تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، و60 في المائة على السلع القادمة من الصين، إلا أن مذكرة أصدرها بعد توليه منصبه وجّهت الوكالات الفيدرالية فقط إلى دراسة وتحقيق العجز التجاري الأميركي.

وبلغ الدولار أعلى مستوى له في خمس سنوات عند 1.452 دولار كندي، ليعود بعدها إلى الاستقرار حول 1.44 دولار كندي، وارتفع لكن مع ذلك أقل من أعلى مستوياته مقابل البيزو المكسيكي في الشهر الماضي. كما شهدت سندات الخزانة انتعاشاً، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة، في حين انخفضت العقود الآجلة للأسواق الأوروبية بنسبة 0.4 في المائة. وقد شهدت الأسهم الصينية واليوان تحركات مؤقتة.

من جانبه، قال كبير مسؤولي الاستثمار في «إيست سبرينغ إنفستمنتس» في سنغافورة، فيس ناير: «الرسوم الجمركية تشكل عبئاً إضافياً»، مضيفاً: «على الرغم من التقلبات المتوقعة فإن هناك أملاً في وجود بعض البراغماتية، ومن غير المحتمل أن يتخذ ترمب أي إجراءات قد تؤدي إلى تضخم في الولايات المتحدة دون النظر في تداعيات ذلك».

مؤيّد للأعمال التجارية... ولكن بتكلفة

يبدأ ترمب فترة رئاسته الثانية بأجندة طموحة تشمل إصلاحات في مجالات التجارة والهجرة والتخفيضات الضريبية وإلغاء القيود التنظيمية، وهي سياسات قد تعزّز أرباح الشركات الأميركية، لكنها قد تُسهم في إعادة إشعال التضخم ورفع ضغوط أسعار الفائدة. وفي خطاب تنصيبه، تعهّد ترمب بدعم صناعات النفط والغاز والطاقة الأميركية والتصدي لمشكلة الهجرة، كما اتخذ قرارات جريئة بإلغاء بعض السياسات السابقة، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وفرض حالة الطوارئ لتعزيز إنتاج النفط والغاز.

وفي المقابل، شهدت أسواق البطاريات في كوريا الجنوبية انخفاضاً بعد أن ألغى ترمب أمراً كان يسعى لضمان أن نصف السيارات الجديدة المبيعة في الولايات المتحدة بعد عام 2030 ستكون كهربائية. ويعكس هذا التحول تأثير السياسة الجديدة في مجالات متنوعة، ما يترتب عليه عدم استقرار في أسواق الأسهم الأميركية التي من المتوقع أن تتفاعل مع هذه القرارات في الأيام المقبلة، خصوصاً بعد العطلة الرسمية، يوم الاثنين.

ووفقاً لكبير مسؤولي الاستثمار في «كريسيت كابيتال»، جاك أبلين: «معظم الإجراءات التي يروّج لها ترمب ستكون مفيدة في تحفيز النمو وأرباح الشركات، لكن هذه المنافع ستأتي بتكلفة. سنحتاج إلى رؤية نمو ملحوظ في الأرباح لتعويض أي زيادات طفيفة في أسعار الفائدة التي قد تترتب على التعريفات الجمركية والسياسات الاقتصادية الأخرى».

أما أسواق العملات المشفرة التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً قبل تولي ترمب منصبه، فقد تعرّضت لضغوط بعد غياب أي إعلانات فورية تدعم هذه الأسواق، مما أدى إلى بعض خيبة الأمل بين المستثمرين. وتم تداول «البتكوين» التي اقتربت من حاجز 110 آلاف دولار يوم الاثنين، عند مستوى 100 ألف دولار، في حين انخفضت عملة «ميمكوين» المرتبطة بترمب من 75 دولاراً في عطلة نهاية الأسبوع إلى 36 دولاراً.

وعلى الرغم من هذه التقلبات، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 19.4 في المائة خلال العام الأول من ولاية ترمب الأولى، وسجل زيادة إضافية بنسبة 5 في المائة في أول 100 يوم له. وعلى مدار فترة ولايته الأولى، ارتفع المؤشر بنحو 68 في المائة، رغم التقلبات التي سبّبتها الحرب التجارية مع الصين. ومع بداية ولايته الثانية، يظل السؤال الرئيسي في أذهان المستثمرين هو: كيف سيتمكّن ترمب من خفض التكاليف والتضخم وأسعار الفائدة؟