اقترح العاهل المغربي الملك محمد السادس إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الأفريقية لإرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الأفريقية في مختلف مراحل تدبيرها لجائحة فيروس «كورونا» (كوفيد - 19).
جاء ذلك خلال اتصالين هاتفيين أجراهما العاهل المغربي الملك محمد السادس أول من أمس الاثنين، مع رئيس ساحل العاج ألاسان واتارا، ورئيس السنغال ماكي سال، حسب ما ذكر بيان للديوان الملكي المغربي مساء أمس. وذكر البيان ذاته أن محادثات الملك محمد السادس مع الرئيسين واتارا وسال تعكس «التطور المقلق لجائحة فيروس (كورونا) في القارة الأفريقية».
وأضاف البيان أن الملك محمد السادس اقترح خلال هذه المحادثات، إطلاق مبادرة لرؤساء الدول الأفريقية تهدف إلى إرساء إطار عملياتي بهدف مواكبة البلدان الأفريقية في مختلف مراحل تدابيرها للجائحة. وخلص البيان إلى أن مقترح الملك محمد السادس يتعلق «بمبادرة واقعية وعملية تسمح بتقاسم التجارب والممارسات الجيدة لمواجهة التأثيرات الصحية والاقتصادية والاجتماعية للجائحة».
يذكر أن حوالي 39 دولة أفريقية من مجموع 54 أصابها الوباء حتى الآن، وحذرت منظمة الصحة العالمية من انتشار الفيروس في أفريقيا، وحثت الحكومات الأفريقية على البدء في تنفيذ الإجراءات اللازمة للحد من تفشي الفيروس.
في غضون ذلك، ذكرت تقارير صادرة عن اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، مقرها أديس أبابا، وعن الاتحاد الأفريقي، مفادها أنه يمكن لوباء فيروس «كورونا»، إذا لم يتم احتواؤه في الوقت المناسب، أن يؤثر بشكل جدي على اقتصادات أفريقيا بالنظر إلى التبادلات التجارية المباشرة مع القارات الشريكة المتضررة بـ«كورونا». وقد تصل الخسائر إلى نصف الناتج الداخلي الخام، فيما ستكون ملايين مناصب الشغل مهددة.
ووفقا للأرقام المقلقة لهذه التقارير، فإن جائحة فيروس «كورونا» إذا تمادت ستثقل كاهل اقتصادات بلدان القارة من حيث النمو ومناصب الشغل والاستثمار الأجنبي المباشر، وستؤثر بشدة على قطاعات رئيسية للاقتصاد، من قبيل السياحة والنقل الجوي والفنادق والمطاعم والفلاحة والصناعة، فضلاً عن الاضطراب القوي الذي قد يلحق الأنشطة الاقتصادية والمالية. ويسود اعتقاد أن هذه الخسائر المحتملة قد تتزايد مع الزيادة الحادة في الإنفاق العمومي لتمويل متطلبات الرعاية الصحية ذات الصلة بـ«كورونا» ودعم الأنشطة الاقتصادية المتوقفة بسبب الوباء.
ويمكن أن تفقد أفريقيا نصف ناتجها الداخلي الخام مع نمو ينتقل من 3,2 في المائة إلى حوالي 2 في المائة بالنظر إلى عدد من الاعتبارات، لا سيما تلك المتعلقة بتعطل سلاسل التوريد، وفق تقدير اللجنة الاقتصادية لأفريقيا.
واستنادا إلى هذه التقديرات، فإن فيروس «كورونا» قد يتسبب في خفض عائدات صادرات أفريقيا بـ 101 مليار دولار خلال 2020، وستكون البلدان المصدرة للنفط هي الأكثر تضررا بخسارة في الإيرادات تقدر بـ 65 مليار دولار.
في سياق ذلك، يتوقع أن تنخفض صادرات وواردات البلدان الأفريقية بما لا يقل عن 35 في المائة مقارنة بالمستوى الذي بلغته في العام 2019، بحسب ما أكدت دراسة نشرها الاتحاد الأفريقي في غضون هذا الأسبوع.
وتبعا لذلك، ستتأثر التحويلات المالية كما السياحة، الأمر الذي سيفضي، وفق ما ترى الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لأفريقيا فيرا سونغوي، إلى «تراجع في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وهروب رأس المال وتضييق الأسواق المالية الوطنية وتباطؤ الاستثمار، وبالتالي فقدان مناصب الشغل».
وحذر الاتحاد الأفريقي من أنه إذا استمر الوباء في أفريقيا فسيؤدي ذلك إلى فقدان نحو 20 مليون منصب شغل.
وتؤكد الدراسة التي صدرت عن الاتحاد الأفريقي أن السياحة والنقل الجوي سيتضرران بشدة في ظل تعميم القيود على السفر وإغلاق الحدود والتباعد الاجتماعي.
يضاف إلى ذلك أثر آخر بالغ الصعوبة، إذ تشير دراسة الاتحاد الأفريقي إلى أن القارة قد تخسر ما بين 20 و30 بالمائة من عائدات الضرائب، التي قدرت بـ500 مليار دولار في عام 2019، ولن يكون أمام الحكومات من خيار سوى اللجوء إلى الأسواق الدولية، ما سيرفع مستوى مديونياتها.
ويمكن أن يكون لهذا الوباء أيضا تداعيات كارثية على الأمن الغذائي في أفريقيا، وذلك لأن «ثلثي البلدان الأفريقية هي بلدان صافية الاستيراد للمنتجات الغذائية الأساسية»، وفقا لتحليل اللجنة الاقتصادية لأفريقيا.
وفي ظل هذا الوضع المقلق، دعا وزراء المالية الأفارقة، الذين اجتمعوا هذا الأسبوع للمرة الثانية بواسطة تقنية التداول بالفيديو بمبادرة من اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، على سبيل الاستعجال إلى تمويل بقيمة 100 مليار دولار لمكافحة فيروس «كورونا» المستجد.
وخلال هذا الاجتماع أكد الوزراء أن الاقتصاد الأفريقي يواجه تباطؤا عميقا ومتزامنا ولن يمكنه التعافي سوى في غضون ثلاثة أعوام. وألحوا على ضرورة الاهتمام الفوري بالجوانب الصحية والإنسانية، لافتين إلى أن هناك حاجة ماسة لمواصلة جهود التوعية وإجراء الاختبارات والتباعد الاجتماعي. كما دعا الوزراء إلى تخفيف عبء ديون الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف والتجاريين، مع دعم المؤسسات المالية متعددة الأطراف والثنائية، من قبيل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي لضمان حصول البلدان الأفريقية على السعة المالية اللازمة لمواجهة أزمة «كورونا».
وشدد الوزراء أيضا على الحاجة إلى فترة أطول لتخفيف عبء الديون، مع الإقرار بأهمية القطاع الخاص في إحداث فرص الشغل وإنعاش الاقتصاد.
العاهل المغربي يطرح مبادرة أفريقية لمواجهة الوباء
الفيروس أصاب 39 بلداً ومخاوف من بلوغه القارة بأكملها
العاهل المغربي يطرح مبادرة أفريقية لمواجهة الوباء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة