رئيس «المقاطعة الدولية لإسرائيل» يستثني «كورونا» من القائمة

بعد كشف النقاب عن تدريب تل أبيب أطباء من غزة على مواجهة الفيروس

فلسطينيون في قطاع غزة يحضرون مستلزمات لتوزيعها على الأطفال في مخيم دير البلح (أ.ف.ب)
فلسطينيون في قطاع غزة يحضرون مستلزمات لتوزيعها على الأطفال في مخيم دير البلح (أ.ف.ب)
TT

رئيس «المقاطعة الدولية لإسرائيل» يستثني «كورونا» من القائمة

فلسطينيون في قطاع غزة يحضرون مستلزمات لتوزيعها على الأطفال في مخيم دير البلح (أ.ف.ب)
فلسطينيون في قطاع غزة يحضرون مستلزمات لتوزيعها على الأطفال في مخيم دير البلح (أ.ف.ب)

بعد أن كشف النقاب عن قيام طواقم طبية إسرائيلية بتدريب طواقم طبية فلسطينية من قطاع غزة على مكافحة فيروس كورونا المستجد، بالتنسيق بين إسرائيل وحماس، أعلن رئيس حركة المقاطعة الدولية لإسرائيل (BDS)، عماد البرغوثي، أن المقاطعة لا تشمل موضوع مكافحة «كورونا». وقال خلال ندوة سياسية إن «الأدوية والمعدات التي يمكن لها أن تنقذ حياة الفلسطينيين، حتى لو كانت من صنع إسرائيلي، يسمح باستقبالها».
وكان موضوع الندوة: «حاجة إسرائيل لمحاربة المقاطعة». فسئل عن رأيه في استقدام أدوية ومعدات من صنع إسرائيلي في أراضي الضفة الغربية أو قطاع غزة لمكافحة كورونا، إذا لم يكن هناك مصدر آخر؟؛ فأجاب البرغوثي، الذي يعتبر أحد مؤسسي الحركة، بأن «استخدام الأدوية والأمصال المصنوعة في إسرائيل لمكافحة الأمراض الفتاكة لا يمس بمبادئ حركة المقاطعة. وليس فقط فيما يتعلق بكورونا، بل أيضاً السرطان وأي أمراض صعبة أخرى. فهنا يجري الحديث عن حياة الفلسطينيين. ولا بأس من التعاون الإسرائيلي الفلسطيني في إنقاذ حياة الفلسطينيين». وأضاف: «إنقاذ الأرواح هو أهم من أي شيء آخر. وكل اختراع إسرائيلي في مجال الطب يجوز لنا استخدامه، خصوصاً إن لم يكن هناك مصدر آخر يزودنا به». ولكنه في الوقت ذاته، حذر من استغلال هذا الموضوع للتطبيع. وقال إن مقاطعة إسرائيل يجب أن تستمر.
وكانت مصادر سياسية كشفت للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي أن «أطباء وممرضين إسرائيليين قاموا خلال الأسابيع الأخيرة بتدريب زملائهم، العشرات من الأطباء والممرضين والعاملين في الطواقم الطبية من قطاع غزة، على أحدث أساليب التعامل مع فيروس كورونا»، وأن آخر لقاء تدريبي كهذا، عقد في نهاية الأسبوع الأخير، حيث ضم مجموعتين من الطواقم الطبية، في الأولى تلقوا التدريب في معبر «إيرز»، وهو الجانب الإسرائيلي من معبر بيت حانون شمال قطاع غزة، وفي الثانية جرى التدريب في مستشفى برزلاي في عسقلان، داخل إسرائيل.
وقال التقرير التلفزيوني إن «إحدى النصائح التي قدمها الإسرائيليون في بداية التدريبات، للفرق الطبية الفلسطينية، قد تبنتها حكومة حماس في قطاع غزة فيما بعد، وهي تمديد فترة العزل في غزة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. وأكد أن الاجتماعات والدورات التدريبية نظمها منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، وأن هناك مكالمات هاتفية بين الأطباء من كلا الجانبين». وقال إن التدريبات شملت إنشاء مرافق العزل، والحماية الطبية، والقرارات الطبية المختلفة التي يجب اتخاذها لمواجهة تفشي الفيروس، وكيفية علاج العدوى والصحة العامة.
الجدير ذكره أن دوائر إسرائيلية عديدة تحذر من خطر انفجار الوباء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وتأثير ذلك على إسرائيل. وفي نهاية الأسبوع الماضي أجرى معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب «سيناريو حربياً» حول «انفجار كبير لكورونا في قطاع غزة». وخلص الباحثون، وهم من كبار الجنرالات والأطباء والخبراء، إلى أن «إسرائيل لا تستطيع الاستمرار في موقفها الزاعم بأنها ليست مسؤولة عما يحدث في قطاع غزة، وأن تدرك أن هناك احتمالاً بأن يتسرب الوباء إليها ويهددها كذلك. لذلك، يُطلب من إسرائيل صياغة حلول خارج نطاق السياسة المعتادة، والاستعداد لوضع أسوأ. ولذلك، من المناسب استباق الأمر وتقديم المساعدة الطبية الحيوية للقطاع وإجراء اتصال مع منظمة الصحة العالمية ووكالات المعونة الأخرى لتجنيد الموارد المالية والمعدات الطبية اللازمة في القطاع. ويستند هذا إلى الوعي بإدارة الأزمات بشكل مشترك، مع السلطة الفلسطينية وحماس».
وجاء في توصيات المعهد: «في حالة وقوع كارثة صحية - طبية في قطاع غزة، يجب على إسرائيل المساعدة في تنفيذ مبادرة لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية، وليس تخريبها أو استغلال التمييز بين غزة والضفة الغربية لإثبات (عدم وجود شريك) للاتفاق (معيار مرفوض في الواقع الذي فرضه الوباء). إن إثبات فعالية تعامل السلطة الفلسطينية مع الوباء، مقارنة بعجز حماس، سيعزز موقف السلطة الفلسطينية في المجتمع الفلسطيني، وبالتالي يمكن أن يجبر حماس على قبول شروطها لتشكيل حكومة وحدة. وفي الوقت نفسه، يجب الحفاظ على التعاون الطبي والأمني مع السلطة الفلسطينية والمساعدة في القضاء على الوباء في أراضيها، وكذلك الامتناع عن إجراءات تضعفها، مثل الضم من جانب واحد في الضفة الغربية. ويجب تغيير نهج إسرائيل تجاه الأونروا، رغم الانتقادات الإسرائيلية القاسية والجوهرية للمنظمة. يجب على إسرائيل النظر إلى الأونروا كعامل يمكن أن يخفف من العواقب السلبية لانتشار الوباء في قطاع غزة. فهي تشكل اليوم عامل دعم طبي رئيسي لسكان غزة كما أنها تساعد في توزيع الغذاء وتوفير العمالة والتعليم للشبيبة. إن هذا النوع من التعاون، الذي تريده الأونروا، سيتطلب من إسرائيل مساعدة المنظمة على كسب الدعم الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.