قلق في تركيا من «تسونامي قادم» بسبب تعامل النظام مع «كورونا»

مسؤول صحة تركي يرتدي قناع وجه واقياً يقيس درجة حرارة أحد المواطنين في أنقرة (أ.ب)
مسؤول صحة تركي يرتدي قناع وجه واقياً يقيس درجة حرارة أحد المواطنين في أنقرة (أ.ب)
TT

قلق في تركيا من «تسونامي قادم» بسبب تعامل النظام مع «كورونا»

مسؤول صحة تركي يرتدي قناع وجه واقياً يقيس درجة حرارة أحد المواطنين في أنقرة (أ.ب)
مسؤول صحة تركي يرتدي قناع وجه واقياً يقيس درجة حرارة أحد المواطنين في أنقرة (أ.ب)

يثير تعامل النظام التركي مع تفشي فيروس كورونا المستجد، مخاوف خبراء من «تسونامي قادم» جراء تأخر الحكومة في إغلاق المدارس وفرض الحجر المنزلي وعدم الاستعداد للوباء الذي أصاب حتى الآن 95 ألف شخص في تركيا.
ويقول البروفسور إيمراه التنديس، المتخصص في علم الأحياء بكلية بوسطن والذي يدرس انتشار الوباء في تركيا، إنه بنظرة عامة علي وضع فيروس كورونا في تركيا، وتبعاً للأرقام فإن تركيا لديها أكبر معدل زيادة في عدد الحالات في العالم في الوقت الحالي، ما يعني أنه أمر «خطير للغاية»، غير أنه أشار إلى أن معدل الوفيات يدعو للتفاؤل، رغم تشكك البعض في الأرقام الرسمية.

وانتقد التنديس، في مقابلة مع مجلة «نيويوركر» الأميركية، تأخر تركيا في إغلاق المدارس وفرض الحجر المنزلي مثل الدول الأخرى التي انتشر بها فيروس كورونا، وأوضح: «بعد أن رأيت مقابلة وزير الصحة، كنت آمل أن يأخذوا الأمر على محمل الجد. لقد كانوا يتابعون ما يجري في العالم، ولذا كنت آمل أن أرى إغلاق المدن الموبوءة. لقد أغلقوا المدارس والجامعات، ولكن لم يتم إغلاق أو عزل أي مدينة في تركيا حتى الآن. والأمر الآخر هو أن عدد الفحوصات التي تم إجراؤها قليل جداً. نحن لسنا مستعدين لهذا الوباء. وإذا لم نتمكن من حماية الممارسين الصحيين لدينا من الفيروس في الأسبوعين المقبلين، فسوف نفقد الأشخاص الذين يحاربونه. كنت آمل أن أرى المزيد من الإجراءات، لأنه كان لدينا بعض الوقت، في تركيا والولايات المتحدة، ولكن يا للأسف لم تر الحكومة أمواج التسونامي القادمة إلينا. هنالك تسونامي قادم إلى مدننا.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد صرح في خطاب للشعب ليلة الاثنين، قائلاً: «تركيا بلاد يجب أن يستمر فيها الإنتاج وألا تتوقف فيها عجلة الحياة عن الدوران تحت أي ظرف وأي حالة».
وعن تفسيره لعدم قيام حكومة إردوغان بفحوصات جماعية وتدابير لإبقاء الجميع في أماكنهم، قال: «إن الاقتصاد التركي لا يمكنه تحمل الإغلاق، هذه نظرية واحدة، وهي أنهم غير قادرين على القيام بذلك. النظرية الأخرى تتعلق باستراتيجية مناعة القطيع. لقد أخبروا بالفعل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن خمسة وستين أو الذين يعانون من أمراض مزمنة أنهم معرضون للخطر. وهم (الحكومة) لم يتحدثوا قط عن هذا، ولكن يمكن أن يكون هناك هدف سري لتطبيق استراتيجية مناعة القطيع. فهذا النظام يُدار عبر رجل واحد الآن. وهو من يقرر»، حسب قوله.

وأشار التنديس إلى أن هناك الكثير من التقارير التي تفيد بأن الأطباء الذين تحدثوا عن خطر فيروس كورونا في الأسابيع القليلة الماضية قد تم احتجازهم، وأن البعض منهم تراجعوا عن تصريحاتهم فيما بعد، موضحاً: «الأطباء كانوا يحاولون الحصول على ما يكفي من معدات الحماية الشخصية في المستشفيات. ووفقاً للجمعية الطبية التركية، أُصيب 100 من الممارسين الطبيين في إسطنبول، و75 في إزمير، بالفيروس بالفعل. وهذه ليست المشكلة الوحيدة». وقال: «إن أستاذ جامعة في إزمير التركية، قال إن عدد الحالات يتصاعد، وإن الوضع أصبح أكثر خطورة مما هو عليه في إيطاليا. إلا أنه اضطر للاعتذار».

وطالب سياسيون من المعارضة، بالقيام بإجراءات أكثر صرامة للتصدي لفيروس كورونا، ومن ضمن هذه الإجراءات الإغلاقات التي تم القيام بها في دولٍ أخرى، لكن هؤلاء السياسيين تعرضوا للتهميش والمحاصرة في الأعوام الأخيرة، حيث عزز إردوغان سلطته وألقى بمنافسيه في السجن.
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت تركيا المئات من الأشخاص بتهمة كتابة منشورات «مُستفزة» عن الوباء على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأضاف التنديس: «الأطباء في تركيا همهم الرئيسي يكمن في معدات الحماية الشخصية وظروف العمل. كما أن الشاغل الرئيسي للجمعية الطبية التركية يكمن في الشفافية وكيفية إدارة الحكومة التركية لعملية مكافحة الفيروس، وفي الوقت الحالي، هم قلقون مع امتلاء وحدات العناية المركزة وتوتر الناس المتوقع من أن يكون هنالك زيادة الوفيات، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصاعد العنف».

وحذر البروفيسور في علم الأحياء، من تعامل بلاده مع إجراءات الوقاية في السجون التركية قائلاً: «في تركيا، لدينا ما يقرب من ثلاثمائة ألف شخص في السجن. وكثير منهم تجاوز الستين من عمره، والعديد منهم يعانون من أمراضٍ مزمنة. ولذلك فإن السجون حالياً مكتظة للغاية، وهناك خطر كبير في أن نرى إصابات بالعدوى، مما قد يتسبب بمقتل الكثير من الناس. وكما رأينا في الأخبار، فإن معدل الإصابة بالعدوى في نيويورك يبلغ ثلاثة أشخاص لكل ألف شخص. والمعدل يبلغ أعلى من ذلك في سجن رايكرز، إذ إنه يبلغ سبعة وعشرون شخصاً مصاباً بالعدوى من كل ألف شخص. ويمكن أن يتسبب ذلك في وفيات هائلة في السجن، لذلك علينا أن ننظر لوضع هؤلاء الأشخاص المساجين أيضاً. نحن بحاجة إلى الإصلاح».
وأعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة أمس السبت أن عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في تركيا ارتفع 5138 خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية إضافة إلى 95 حالة وفاة جديدة مما يرفع إجمالي حالات الوفاة في البلاد إلى 1101. وأضاف قوجة أن إجمالي حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس بلغت 52167 حالة.


مقالات ذات صلة

صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.