غزة «بين حصارين» في زمن الوباء

الرواتب التي يقتطع منها في الأساس مهددة مرة أخرى

تحول أحد المصانع في غزة لإنتاج المطهرات لمواجهة  الفيروس (الشرق الأوسط)
تحول أحد المصانع في غزة لإنتاج المطهرات لمواجهة الفيروس (الشرق الأوسط)
TT

غزة «بين حصارين» في زمن الوباء

تحول أحد المصانع في غزة لإنتاج المطهرات لمواجهة  الفيروس (الشرق الأوسط)
تحول أحد المصانع في غزة لإنتاج المطهرات لمواجهة الفيروس (الشرق الأوسط)

يعيش سكان قطاع غزة الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ نحو 14 عاماً، ويشمل تقييد الحركة من وإلى الخارج ومنع دخول البضائع، إضافة للتحكم بقطاعاتٍ حيوية مختلفة، مثل الكهرباء والمياه والمساعدات وغيرها. غير أن الأزمة تفاقمت مع إعلان حالة الطوارئ الأخيرة بسبب انتشار فيروس كورونا، فتبّدلت جوانب الحياة من السيء إلى الأسوأ.
فقد كثير من سكان القطاع مصادر دخلهم. عشرات المصانع والمطاعم التي كانت تصارع البقاء وتعمل في ظروفٍ استثنائية، سرّحت عمالها. الشوارع فارغة من مظاهر الحياة اليومية، والأسواق أوصدت أبوابها أمام الباعة الذين تعودوا على العيش برزق يومهم، والقطاع الصحي بات على شفا حفرة من الانهيار، وفقاً للبيانات الواردة في التقارير الرسمية.
حسني الخطيب يعمل بائعا جائلا في الأسواق الشعبية، يوضح أنّه كان يشتغل طوال ساعات في اليوم، لأجل تأمين مبلغ مالي بسيط يمكّنه من الصرف على أفراد أسرته السبعة، لكنّه اليوم وبعد التزامه بالحجر المنزلي، بات لا يقدر على الإيفاء بمتطلباتهم، مشيراً إلى أنّ استمرار الحال على هذا الوضع «يمكن جداً أن يؤدي لمجاعة ومشكلات اجتماعية لا تُحمد عاقبتها».
أما موظفو القطاع، التابعون للسلطة الفلسطينية وحركة حماس، فهم بالأساس يعانون منذ سنوات من أزمة مالية، إذ يحصل موظفو السلطة على 75 في المائة من رواتبهم، فيما تدفع حركة حماس لموظفيها 40 في المائة فقط من تلك الرواتب، بسبب الأزمة المالية التي يعاني منها الطرفان. وبعد أكثر من شهر على حالة الطوارئ التي تمّ الإعلان عنها في قطاع غزة لمواجهة فيروس كورونا، باتت الرواتب مهددة بصورة إضافية، لعدد من الأسباب، منها تراجع نسب العائدات التي تجبيها الحكومة من نشاط المواطنين، «إضافة لتوقعات بتراجع دعم الجهات الخارجية لانشغال الجميع بمواجهة الجائحة»، وفقاً لتصريح مصدر مسؤول في السلطة الفلسطينية.
إغلاق منشآت سياحية
أبرز القطاعات التي تضررت في غزة، المجال السياحي والفندقي الذي كان في الأساس يعاني أزمة حادة مع ظروف الحصار الإسرائيلي وتدني مستوى العيش للسكان. وأضحت نحو 200 منشأة سياحية ومطعم في القطاع مغلقة بشكلٍ كامل.
رئيس هيئة المطاعم والفنادق والخدمات السياحية صلاح أبو حصيرة، أفاد بأنّ «القطاع السياحي، سرّح نحو 6000 عامل، ممن كانوا يعتمدون في رزقهم على نظام (اليومية)»، مبيناً، أنّ حجم الخسارة التقديرية للفنادق والمطاعم، وصل حتّى الآن لأكثر من 5 ملايين دولار، ويتوقع له الارتفاع.
على مستوى القطاع الصناعي الذي يشغّل آلاف العمال، ويعيش في الأساس مشكلات لها علاقة بانقطاع التيار الكهربائي وتوافر المواد الخام، تعطلّت عجلات الإنتاج كاملة في عشرات المصانع، غير أن المصانع التي تختص بإنتاج الملابس والمعقمات والمواد الغذائية، حققت نمواً عالياً، حينما حوّلت مجال عملها لإنتاج المستلزمات التي يزيد عليها الإقبال خلال الأزمة، وتشمل المعدات الطبية والمواد الغذائية والمطهرات.
يشير صاحب مصنع مختص بالخياطة، بشير البواب، إلى أنّ مصنعه باشر في صنع الكمامات، فور بدء الأزمة، ونجح في إنتاج الآلاف منها للاستهلاك المحلي، إضافة لتصدير بعضها للضفة الغربية وإسرائيل ودول أخرى. ويضيف: «رغم أهمية عملنا في هذه الظروف، فإنّنا نواجه عقبات، أهمها انقطاع الكهرباء لنحو 12 ساعة يومياً، إضافة لعدم قدرتنا على توفير كلّ مواد الخام المطلوبة».
أمّا أشرف منصور، صاحب مصنع مواد التنظيف في جنوب القطاع، فقد ركز خطوط عمله على إنتاج المطهرات حتى بات المصنع يعمل بقوة إنتاجية هي الأعلى في تاريخه منذ تأسس عام 2009 في ذروة الحصار الإسرائيلي على غزة، مبيّناً أنّ المصنع يعاني من نقص في مادة الكحول، ومن عدم القدرة على تصدير المنتج للخارج، رغم مطابقته للمواصفات العالمية.
قطاع صحي متدهور
يعاني القطاع الصحي في غزة، انهياراً شديداً ويفتقد نحو 45 في المائة من أدواته الأساسية، لا سيما الأجهزة الخاصّة بالتعامل مع حالات كورونا. ويضم القطاع 63 جهازاً للتنفس الصناعي، إضافة لنحو 100 سرير للعناية الفائقة، وعدد محدود من أنابيب فحص «الفيروس»، وهذا بحسب التقارير الصادرة عن الحكومة.
وحاولت جهات دولية ومؤسسات مختصة إدخال مساعدات طبية تساهم في دعم الوضع الصحي، لكنّ الإجراءات الإسرائيلية منعت تلك المساعدات، لمبادلة أسراها بها.
ولا يتمكن كثير من سكان غزة من شراء مواد التعقيم والوقاية، بسبب تدني مستوى المعيشة عموما، فوفقاً لبيانات وزارة التنمية الاجتماعية، بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي في صفوف سكان القطاع 70 في المائة، في حين وصلت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع إلى 33.8 في المائة.
وكان (مركز الميزان) لحقوق الإنسان، قد حذر في بيانٍ أخير، من كارثة حقيقية تهدد غزة إذا زادت فيها حالات الإصابة بالفيروس وخرجت عن السيطرة، وطالب المجتمع الدولي بالتحرك بشكلٍ سريع لغوث القطاع ومساعدته بالأجهزة الطبية، للحد من الخسائر في الأرواح والإصابات.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.