العُزلة تشجّع على إعداد الوجبات الرخيصة في البيوت

شُح في المدخول ووفرة في الوقت

العُزلة تشجّع على إعداد الوجبات الرخيصة في البيوت
TT

العُزلة تشجّع على إعداد الوجبات الرخيصة في البيوت

العُزلة تشجّع على إعداد الوجبات الرخيصة في البيوت

تفرض العزلة الاجتماعية المفروضة على السكان في معظم دول العالم العودة إلى تحضير الوجبات في المنازل بعد أن كان التيار السائد هو تناول وجبات المطاعم أو طلب الوجبات الجاهزة في المنازل. وساهم في تعزيز هذا التوجه فقدان الوظائف بالجملة وانخفاض معدلات الدخل؛ الأمر الذي أدى إلى البحث عن أرخص الطرق وأسهلها لتحضير الوجبات المنزلية.
واستفادت منافذ السوبر ماركت من هذا التوجه، حيث زادت مبيعاتها بنسبة 20 في المائة في شهر مارس (آذار) الماضي في بريطانيا، كما ساهم في الزيادة الإقبال الشديد على طلب تسليم مشتريات السوبرماركت إلى المنازل، والذي وصل إلى حده الأقصى في معظم المحال المشهورة بحيث يقتصر الآن على ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
هذا التوجه، إعداد الوجبات منزلياً بأقل التكاليف، قد يستمر لبعض الوقت طالما استمر الحظر على الاختلاط الاجتماعي والخروج من المنازل. وهناك الكثير من الروافد التي نشطت لتوفير هذه الوجبات وطرق تحضيرها من أكثر من شيف مشهور وعلى الكثير من مواقع الإنترنت.
أحد هؤلاء المهتمين بالظاهرة هو الشيف جيمي أوليفر الذي بدأ في تقديم برنامجه التلفزيوني الذي اختار له عنوان «استمر في الطبخ وواصل الطريق» وتبثه القناة الرابعة البريطانية، وهو مستعار من اسم أفلام تاريخية كانت تعرض في بريطانيا أثناء الأوقات الصعبة خلال الحرب العالمية الثانية. ولاقى البرنامج استحساناً كبيراً من قطاعات كبيرة من المشاهدين.
وأوضح أوليفر للمشاهدين كيفية صنع الباستا من مكونات بسيطة من الطحين والماء، وإعداد وجبة إيطالية سهلة بصلصة الطماطم. وعلق أوليفر على البرنامج بالقول، إن من المهم إعداد وجبات صحية في المنازل في الظروف الحالية.
وبعد الباستا تحول أوليفر إلى الخبز الذي قام بإعداده في الفرن من مكونات بسيطة في أقل من ساعتين باستخدام الطحين والخميرة والماء الدافئ. وأضاف أوليفر إلى هذه الوصفة البسيطة إمكانية إضافة الزيتون أو الجبن إلى الخبز لتحويله إلى وجبة في حد ذاته. وكانت الشكوى الوحيدة من المشاهدين، أن محال السوبرماركت خاوية في الوقت الحاضر من بعض مكونات الخبز، وخصوصاً الطحين والخميرة.
وعبّر الكثير من هواة إعداد الوجبات المنزلية، أن أكثر الوجبات تأثيراً في الجمهور بعد اختفائها من الأسواق عقب إغلاق محال ماكدونالدز هي وجبة البرغر (بيغ ماك). ولجأ الكثير من هواة وجبات ماكدونالدز إلى منصات التواصل الاجتماعي لعرض ما اعتبروه أفضل طرق إعداد سندويتشات «بيغ ماك» في المنزل.
ولم تقتصر المحاولات على هواة الطبخ فقط، بل شارك فيها بعض مشاهير الطهاة من أمثال سايمون وود بطريقته الخاصة لإعداد صلصات ماكدونالدز. ودخل إلى مجال أعداد وجبات ماكدونالدز بعض «المؤثرين» على «إنستغرام»، ومنهم ليان التي وضعت صورة «بيغ ماك» من صنعها مع وصف لطريقة تحضيره في المنزل.
ووصفت ليان طريقة صنع «بيغ ماك» في المنزل بشراء اللحم المفروم وإضافة الملح والفلفل، ثم تشكيل اللحم في قطع برغر مستديرة وشيها على نيران الباربيكيو. أما صلصة «بيغ ماك» فهي تتكون من المايونيز، والكاتشاب، والثوم، ومسحوق البصل، والخل الأبيض، والمسطردة، والبابريكا، وقطع الخيار المخلل. ويضاف الخص، والبصل، والكاتشاب إلى البرغر بعد ذلك.
- وجبات منخفضة التكاليف
> الشيف ميغيل باركلي اشتهر على «إنستغرام» بتقديم وجبات لا تزيد تكلفة أي منها على جنيه إسترليني واحد. ويتابعه الآن على «إنستغرام» أكثر من 300 ألف شخص من أجل الاستفادة من أفكاره التي توفر المال.
وهو يتبع بعض الحيل من أجل خفض التكاليف منها البحث عن العروض الخاصة في محلات السوبرماركت وتقديم الوجبات النباتية. وبدأ ميغيل وجباته الرخيصة كمشروع اجتماعي، وانتهى به الأمر إلى كتابة خمسة كتب عن الوجبات الرخيصة. وكان معظم الإعجاب الذي ناله ميغيل من باب الفضول عن كيفية تقديم وجبة لا تتكلف أكثر من جنيه واحد.
وهو يبتعد عن المأكولات غير العادية التي تتوفر في السوبرماركت بلا تخفيضات في الأسعار، ويسعى إلى الأنواع التي يزيد فيها التنافس على تقديم الأرخص. وبين أنواع الجين مثلاً يشتري ميغيل الجبن الشيدر الإنجليزي وليس الأنواع الفرنسية أو الهولندية.
وهو لا يدفع من أجل الحصول على أنواع مسبقة الإعداد، مثل الجبن المبشور أو السلاطة المعدة في أكياس فهو يبشر الجبن ويعد السلاطة بنفسه. كما يعد صلصات الباستا بنفسه ولا يشتريها جاهزة في زجاجات.
ومن أجل إضافة طعم مميز يستخدم ميغيل الليمون في السلاطة وفي الصلصة. كما يستغني عن اللحوم في بعض الوجبات. ويفضل ميغيل السجق النباتي الذي تبيعه مأكولات ليندا ماكارتني، وهو يباع في عبوات من ستة أصابع بجنيهين. ويلجأ ميغيل إلى أسلوب ذكي هو إعداد وجبات بحجم كبير، والاحتفاظ ببعضها في البراد. كما يشتري الأغذية الرخيصة التي ينخفض ثمنها مع اقتراب تاريخ نهاية صلاحيتها. وهو يعود إلى وجبات فترة الحرب العالمية التي كانت تعد من موارد محدودة.
وتعد أرخص وسيلة لإعداد وجبات الدجاج هي شراء دجاجة مشوية كاملة وإعداد وجبات منها يمكن أن تكفي لأيام عدة. وحتى قطع اللحم الصغيرة المتبقية من الدجاجة يمكن إعدادها كوجبة «فاهيتا» المكسيكية.
من الوجبات الرخيصة الأخرى إعداد الباستا بالجبن، والأرز مع البروكلي، ووجبات العجة المختلفة، والشوربة، وكرات اللحم مع البطاطس المقلية. وبدلاً من الأصناف التي نفدت من الأسواق بسبب الإقبال الجنوني عليها مثل الباستا، والأرز، والطحين، وورق التواليت، ينصح الشيف آدم لاو، بأن الأصناف التي يجب التأكد من وجودها في المنازل تشمل الفطر المجفف، والملح، والبيض، والخبز، واللحم «ستيك» الذي يتم الاحتفاظ به في الفريزر ويوفر الكثير من الأكلات المختلفة التي يدخل اللحم ضمن مكوناتها. ويعتقد لاو، أن هذه الأصناف ضرورية لإعداد وجبات متنوعة من المنزل في عصر عزلة «كورونا».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.