تخوض قوات الأمن الجزائرية معارك يومية مع مئات الشباب في الأحياء الشعبية بالعاصمة، لإجبارهم على التقيد بإجراءات الحجر الصحي المنزلي، ومع باعة الخضر والفواكه في الشوارع، لمنعهم من الإخلال بإجراءات التباعد الاجتماعي.
وبوصول الساعة الثالثة ظهراً، تنتشر سيارات الشرطة بالأحياء الفقيرة بالضاحية الجنوبية للعاصمة، لإطلاق دعوات عبر مكبرات الصوت بالدخول إلى البيوت، وهو توقيت بداية حظر التجول. وتداول ناشطون بشبكة التواصل الاجتماعي، فيديو يتضمن مشاهد عنف جرت بحي المالحة، جنوب العاصمة، حيث يسكن الآلاف من الأشخاص في شقق ضيقة تؤوي عائلات كثيرة العدد.
ويظهر في الفيديو شباب يرشقون رجال الشرطة بالحجارة كطريقة لرفض دخول البيوت، التي أضحت بالنسبة لهم «سجناً»، حسب رضا جيلي، شاب عاطل عن العمل يسكن بهذا الحي. فقد ذكر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «غير ممكن أن أبقى في البيت مدة طويلة، عدد إخواتي 5 زيادة على والدي. الضغط في البيت رهيب، وفي الحالة العادية كان لا يطاق فما بالك اليوم! لذلك أرجو من السلطات أن تأخذ بعين الاعتبار ظروف الحياة في الشقق الضيقة، عليها أن تفكر فينا نحن العاطلين عن العمل الذين يتدبرون شؤونهم في النهار، بالتجارة غير الرسمية في الأسواق لكسب قوتهم».
وتعرف مناطق كوريفة والضفة الشمالية لوادي الحراش، ذات الكثافة السكانية العالية، الظروف نفسها. فشبابها يشتبكون يومياً مع قوات الأمن، التي تلقت أوامر صارمة باعتقال رافضي الحجر الصحي. كما تواجه مشكلات كبيرة مع التجار العشوائيين الذين يعرضون منتجاتهم على جوانب الطرقات. ففي الطريق الرابطة بين جسر قسنطينة والبليدة (بؤرة كوفيد 19)، تلفت صناديق الخضر والفواكه المصطفة الانتباه من بعيد، تستقطب إليها المئات من المارين بسيارتهم، وفي غالب الأحيان يمارس الباعة تجارتهم من دون كمامات ولا قفازات، كما لا يتقيد أحد بإجراءات التباعد في الأسواق العشوائية.
إلى ذلك، هاجم محمد السعيد، الوزير المستشار الناطق باسم الرئاسة، في مقابلة مع التلفزيون الحكومي بثها ليل الخميس، «وسائل إعلام تعمل على التضخيم والتهويل والمبالغة، إلى حد جلد الذات والانتقاص من جهود الدولة وممارسي الصحة». وقال إن الحكومة «تواجه حرباً نفسية... صحيح أن هناك نقائص (بخصوص مواجهة الوباء) لكن سببها ليس تقاعس الدولة، بل لأن الأمر يتعلق بوباء مستجد».
وحذّر السعيد مما سماه «أطرافاً تريد الاستثمار في الأزمة (الصحية) من خلال ممارسة الضغط على رئيس الجمهورية منذ مباشرة مهامه، واستدراج الدولة إلى الأمور الهامشية وشغلها عن المشكلات الأساسية»، من دون توضيح من يقصد.
وأكد المسؤول في الرئاسة أن الرئيس عبد المجيد تبون «تعهد بالتكفل (صحياً) بكل المواطنين». وأضاف بشأن جزائريين بالخارج يريدون العودة: «هناك عدد قليل من مواطنينا في 60 دولة يحاولون العودة إلى أرض الوطن، والدولة لن تتخلى عن أبنائها، لكن معالجة هذا الملف يتطلب وقتاً، والبعثات الدبلوماسية تتابع الأوضاع عن كثب».
الحجر الصحي يفجّر معارك في الجزائر بين قوات الأمن وشباب الأحياء الفقيرة
الحجر الصحي يفجّر معارك في الجزائر بين قوات الأمن وشباب الأحياء الفقيرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة