العالم يسعى إلى وضع استراتيجية لعودة نشاطه ومواجهة الأسوأ

لا تزال دول كثيرة غير جاهزة لاتخاذ قرارات مهمة مع وجود احتمال تعرض حياة المزيد من الناس للخطر

العالم يسعى إلى وضع استراتيجية لعودة نشاطه ومواجهة الأسوأ
TT

العالم يسعى إلى وضع استراتيجية لعودة نشاطه ومواجهة الأسوأ

العالم يسعى إلى وضع استراتيجية لعودة نشاطه ومواجهة الأسوأ

مع استعداد قادة العالم للتعامل مع وباء كورونا وإعادة التشغيل التدريجي لاقتصاد العالم المدمر، فإن المخاطرة قد تكون عالية جدا والمردود منها أكثر إثارة للقلق. المشكلة الأساسية هي أنه لا توجد خطة مرجعية واضحة للتعامل. مدينة ووهان الصينية التي انطلق منها وباء فيروس كورونا المستجد، أنهت مؤخرا الحجر الصحي الذي خضعت له لمدة شهور. كما بدأت النمسا والدنمارك والنرويج الرفع التدريجي للقيود المفروضة على حركة المواطنين والأنشطة الاقتصادية التي تم فرضها لمنع انتشار الفيروس. وحتى إيطاليا التي عانت من أكبر عدد من حالات الوفاة الناجمة عن فيروس كورونا، بدأت تضع استراتيجية استئناف النشاط الاقتصادي، بعد تراجع أعداد الإصابات الجديدة. وفي الولايات المتحدة بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مجددا عن ضرورة عودة الناس إلى أعمالهم.

ومع وقف تشغيل الطائرات واضطراب سلاسل الإمداد والتموين وتوقف المصانع في العديد من دول العالم، يواجه الاقتصاد العالمي واحدة من أقوى الصدمات التي تعرض لها منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن العشرين. وللأسف الشديد لا توجد أي خطط جاهزة لدى الحكومات لاتخاذ قرارها بشأن متى، ناهيك عن كيف، يمكن إعادة تشغيل ماكينة الاقتصاد، في مثل هذا الوقف المفاجئ لها، وبخاصة مع وجود احتمال أي يعرض إعادة تشغيل الاقتصاد حياة المزيد من الناس للخطر.
الخطوة السحرية بالنسبة لصناع القرار في العالم هي إعادة تشغيل الاقتصاد، دون إطلاق موجة ثانية من العدوى والتي قد تؤدي إلى جولة جديدة من الإغلاقات وبالتالي التسبب في خسائر اقتصادية جديدة. والتاريخ يقول إنه في وباء الأنفلونزا الإسبانية عام 1918 والذي كان أسوأ أزمة صحية في العالم، شهد العالم ثلاث موجات من العدوى قبل احتواء الوباء نهائيا. وبدأ المسؤولون في العديد من عواصم العالم من روما إلى واشنطن وضع خطط عاجلة لتخفيف إجراءات الإغلاق وإعادة تشغيل اقتصاداتها رغم أن وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) ما زال يتمدد في مناطق عديدة من العالم.
وقال ميشيل أوسترهولم مدير مركز أبحاث وسياسة الأمراض المعدية والأستاذ في جامعة مينسوتا الأميركية «علينا إعادة تشغيل الاقتصاد بطريقة ما. لا يمكن أن نعيش في حالة الإغلاق لمدة 20 شهرا... إذا أغلقنا البلاد كما فعلت مدينة ووهان فإننا ندمر المجتمع الذي نعرفه. وإذا سمحنا للفيروس بمواصلة انتشاره السريع فسوف ندمر نظام الرعاية الصحية لدينا وندمر الاقتصاد معه». ويقول أوسترهولم مؤلف كتاب «العدو المميت: حربنا ضد الجراثيم القاتلة»، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية للأنباء، إن حل هذه المعضلة أمر حيوي. ومن بين الخيارات المطروحة السماح للشباب باعتبارهم الأكثر قدرة على مواجهة العدوى بالعودة إلى حياتهم الطبيعية والسماح للكثيرين منهم بتكوين مناعة طبيعية ضد الفيروس. وسيحتاج إعادة تشغيل الاقتصاد بطريقة آمنة إجراء تحليل للأجسام المضادة لتحديد التجمعات الأقل تأثرا بالفيروس.
ويقول ديفيد هيمان أستاذ الأمراض المعدية والوبائيات في مدرسة لندن للصحة العامة وطب المناطق المدارية إنه حتى الآن فإن هذا التحليل والاختبار «ما زال غير متاح في أغلب الدول... وحتى يتوافر ذلك فإن الأمر سيكون أشبه بلعبة التخمين» لتحديد الفئات التي تحمل أجساما مضادة لفيروس كورونا.
وحتى الآن أصيب أكثر من 5.‏1 مليون شخص بفيروس كورونا في مختلف أنحاء العالم مما وضع نظام الرعاية الصحية تحت ضغوط خطيرة. ومات حوالي 88 ألف شخص بالفيروس. ويقول الخبراء إنه على صناع القرار في العالم التحرك ببطء نحو إعادة الحياة إلى طبيعتها في المجتمعات مع الاستعداد لحدوث انتكاسات على مدى الشهور العديدة المقبلة. تتجه أنظار العالم الآن إلى مدينة ووهان الصينية مركز انطلاق فيروس كورونا المميت، وأحد مراكز صناعة الصلب والسيارات في الصين، حيث قررت السلطات الصينية استئناف الحياة الطبيعية في المدينة بعد شهور من الحجر
الصحي. ومع السماح بتشغيل القطارات والطائرات والسيارات من وإلى المدينة، فمن المتوقع عودة حركة النقل إلى طبيعتها تدريجيا خاصة مع ظل استمرار بعض القيود. ويقول المسؤولون الصينيون إن الفيروس تحت السيطرة، لكنهم ما زالوا يشعرون بالقلق من انطلاق موجة أخرى من العدوى، سواء من خلال التفشي المحلي أو من خلال الحالات القادمة من الخارج. كما أن 10 أقاليم ومدن صينية ما زالت تلزم القادمين من إقليم هوبي وعاصمته مدينة ووهان بالخضوع لحجر صحي مدته أسبوعين على الأقل للتأكد من عدم إصابته بالفيروس.
وبحسب بلومبرغ فإن خطر حدوث موجة ثانية من العدوى أصبح واقعا في آسيا. فقد أعيد غلق إحدى المقاطعات في وسط الصين بعد تزايد عدد الإصابات فيها.
كما أعلن إقليم هيلونجيانج في أقصى الشمال، على الحدود مع روسيا ظهور 125 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا قادمة من الخارج إلى جانب 111 حالة أخرى ظهرت عليها الأعراض وقادمة من الخارج خلال الشهر الحالي. وكل هذه الحالات تقريبا كانت قادمة من روسيا.
وفي إطار الاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا بدأت الشركات المتضررة من الغلق تتجه إلى العلماء للحصول على المشورة. ويدير أيس أكورا وزوجته تولجا شركة «إي براند فاليو» الأميركية لتحليل البيانات حيث يقدمان لعملائهما نموذجا رياضيا يساعد أي شركة في معرفة الموعد التقريبي الذي يمكن أن تستأنف فيه نشاطها.
ويقول أيس أكورا الذي ظل يعمل في البنوك والشركات المالية الأميركية لأكثر من 15 عاما إن «الناس تخشى من الموت لكن أعتقد أنها تخشى أكثر من الانهيار المالي». ووفقا للنموذج الصيني يرى المحللون أن العملاء يمكن أن يتوقعوا استئناف النشاط الاقتصادي في أي دولة بعد فترة من 15 إلى 20 يوما من وصول تفشي الوباء إلى ذروته.
ولكن خبراء الصحة والرأي العام يرون أن إبطاء وتيرة انتشار الفيروس لا يجب أن تكون مبررا لاستئناف النشاط الاقتصاد ما دام لم يتم التوصل إلى مصل واق من الفيروس أو علاج فعال، لآن ذلك يعني أن الدول قد تضطر إلى الإغلاق مرة أخرى مع تجدد موجة العدوى.
والطريقة الوحيدة لمنع حدوث موجات جديدة من العدوى مع استئناف النشاط الاقتصادي هو أن يبدأ رفع الإجراءات من خلال فحوص طبية واسعة النطاق لتحديد من هم أقل عرضة للإصابة بالفيروس والسماح لهم ببدء العمل.


مقالات ذات صلة

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.