«كورونا» يزيد أحزان المسيحيين في «الجمعة الحزينة»

كنيسة القيامة تغلق أبوابها أمام المصلّين للمرة الأولى منذ 92 عاماً

أبواب كنيسة القيامة في القدس مغلقة في «الجمعة الحزينة» أمام المصلين المسيحيين أمس (إ.ب.أ)
أبواب كنيسة القيامة في القدس مغلقة في «الجمعة الحزينة» أمام المصلين المسيحيين أمس (إ.ب.أ)
TT

«كورونا» يزيد أحزان المسيحيين في «الجمعة الحزينة»

أبواب كنيسة القيامة في القدس مغلقة في «الجمعة الحزينة» أمام المصلين المسيحيين أمس (إ.ب.أ)
أبواب كنيسة القيامة في القدس مغلقة في «الجمعة الحزينة» أمام المصلين المسيحيين أمس (إ.ب.أ)

بدت «الجمعة الحزينة» في كنيسة القيامة في القدس أشد حزناً للمسيحيين، أمس، إذ تم إغلاقها أمامهم، حتى إشعار آخر، بسبب وباء «كورونا»، وبات مؤكداً أنها ستظل مغلقة اليوم، الذي يُعرف عن المسيحيين بـ«سبت النور»، وغداً يوم عيد الفصح. وسيحيي الفلسطينيون المسيحيون هذه المناسبات في بيوتهم.
وعيد الفصح يعدّ العيد الكبير عند المسيحيين. ويلفّ من حوله عدة مناسبات دينية تجعله «درة التاج» في درب طويل يبدأ بالصوم الكبير الذي يستغرق أربعين يوماً.
ويعدّ هذا الأسبوع عند المسيحيين «أسبوع الآلام»، لكن الوباء لم يسمح لهم بالمشاركة في مسيرات {الجمعة العظيمة} أو {الجمعة الحزينة} أمس ولا حتى بالصوات الجماعية المعتادة في مثل هذا الوقت من كل سنة. وعيد الفصح الذي شهد في السنة الماضية مشاركة 50 ألفاً من مسيحيي فلسطين والحجاج الأجانب، ودخل فيه كنيسة القيامة 1500 شخص، سيتم هذه السنة وراء الأبواب المغلقة. فلأول مرة منذ 92 سنة، حين أُغلقت الكنيسة لغرض ترميمها من الزلزال في سنة 1927، ستغلق كنيسة القيامة بسبب «كورونا» والخوف من أن يتسلل هذا الوباء إلى أجساد المصلين فيسقمها. وسيقتصر القداس الاحتفالي هذه السنة على مشاركة ستة رجال دين فقط، برئاسة المدبر الرسولي لبطريركية القدس للاتين المطران، بييرباتيستا بيتسابالا. وتُعدّ كنيسة القيامة واحدة من أهم ثلاث كنائس في فلسطين. فبالإضافة إليها توجد كنيسة المهد في بيت لحم وكنيسة البشارة في الناصرة، وكلها ستكون مغلقة. والأحياء من كل الأجيال في العائلات المسيحية لا يذكرون حالة كهذه في حيواتهم. وستبث كنيسة القيامة القداس عبر شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، كما فعلت الأحد الماضي خلال قداس أحد الشعانين الذي بُث باللغة العربية، وحضره أكثر من 60 ألفاً حول العالم معظمهم من منطقة الشرق الأوسط.
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي من الكاثوليك والبروتستانت بعيد الفصح غداً (الأحد)، بينما يحتفل المسيحيون الأرثوذكس بالعيد في 19 من الشهر الجاري. وفي المناطق التي تم فيها توحيد الأعياد لكل الطوائف، يتم الاحتفال به مع الأرثوذكس، في الأسبوع المقبل.
ويقول أمين سر البطريركية، الأب إبراهيم شوملي: «حاولنا التكيف مع الوضع وتنظيم احتفالات مركزية نبثها عبر الشاشات ونخلق جواً إيجابياً داخل المنازل. فرغم كل الطاقة السلبية التي حولنا، لا بد أن نلتمس شيئاً من الإيجابية». وفي حارة النصارى في البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، التي هُجّرت شوارعها وأزقتها وأُغلقت جميع المرافق الحيوية فيها منذ أسابيع، تزيّن السيدات الفلسطينيات بيوتهن للعيد، وسط مشاعر الحزن على الحاضر والقلق من المستقبل. فهن لا يرون النور في الأفق، حتى في سبت النور.
وكنسية القيامة تحظى بمكانة عالية لدى المسلمين أيضاً، إذ يروي التاريخ أن الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قام بزيارتها فاستقبله المسيحيون وعلى رأسهم البطريرك صفرونيوس الذي سلمه مفتاح القدس، حينها أطلق الخليفة الإسلامي «العهدة العمرية»، التي تكفل حماية حقوق المسيحيين ومعابدهم وحريتهم. وألقى خطبة قال فيها: «يا أهل إيليا لكم ما لنا وعليكم ما علينا». ثم دعاه البطريرك لزيارة الكنيسة، فلبّى دعوته. ولما حان وقت الصلاة، التفت إلى البطريرك سائلاً: أين أصلي؟ فأجابه البطريرك: في مكانك. فرفض عمر وقال: ما كان لعمر أن يصلي في كنيسة القيامة فيأتي المسلمون من بعدي ويقولون هنا صلى عمر ويبنون عليه مسجداً. وابتعد عنها رمية حجر وفرش عباءته وصلى، وجاء المسلمون من بعده وبنوا على ذلك المكان مسجداً المسمى بمسجد «عمر»، (قبة الصخرة).
وعندما حرر القائد صلاح الدين الأيوبي القدس من حكم الصليبيين عام 1187، حرص على حمايتها وصيانة مكانتها الدينية. وتدخل في الخلافات التي سادت الطوائف المسيحية يومها حول المسؤولية عن مفتاح الكنيسة، لإصلاح ذات البين ومنع تفجر الخلاف بشكل يمس بالكنيسة. فاقترح عليهم جميعاً أن يتم تسليم مفتاح الكنيسة، لعائلة مسلمة. فوافقوا. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، تشرف على كنيسة القيامة عائلتان مسلمتان، عائلة نسيبة التي تقوم بفتح أبواب الكنيسة وإغلاقها صباح مساء، وعائلة جودة آل الحسيني، التي تحرص على الاهتمام بصيانتها.
وتعرضت الكنيسة في عدة عهود للأضرار، التي تسببت في وقف الصلوات فيها، مثل إحراقها بيد الفرس عام 614. واحتراقها في عهد «الإخشيدي» سلطان مصر 965م، وحريق آخر في العهد العثماني سنة 1808م، والزلزال الكبير في عام 1834م، والزلزال الكبير الثاني عام 1927م الذي أثر على أساسات الكنيسة فأبقاها مغلقة طيلة سنة، قامت سلطات الانتداب البريطاني خلالها بترميمها بشكل جذري لحمايتها من الكوارث الطبيعية. وعليه، كانت مغلقة الأبواب في عيد الميلاد وكذلك في عيد الفصح التالي في سنة 1928.
وبعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس في سنة 1967 تعرضت الكنيسة للتنكيل عدة مرات. وأغلقت أبوابها مرتين، الأولى سنة 1990 عندما احتل المستوطنون اليهود مقراً مقابلها، وفي سنة 2018 عندما قرر رجال الدين المسيحيون إغلاقها احتجاجاً على إجراءات ضريبية فرضتها إسرائيل وعلى طرح مشروع قانون يسمح لإسرائيل بمصادرة الأراضي التابعة لها.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».