لماذا تراجع «كورونا» عند عتبة البلدات العربية في إسرائيل؟

لماذا تراجع «كورونا» عند عتبة  البلدات العربية في إسرائيل؟
TT

لماذا تراجع «كورونا» عند عتبة البلدات العربية في إسرائيل؟

لماذا تراجع «كورونا» عند عتبة  البلدات العربية في إسرائيل؟

أمر غريب يحصل في موضوع انتشار فيروس كورونا المستجد بين المواطنين العرب في إسرائيل. فمع أنهم يشكلون نحو 19 في المائة من نسبة السكان، فإن نسبتهم من المصابين بـ«كورونا» لا تتعدى 0.024 في المائة، فحسب إحصائيات وزارة الصحة، يوم أمس، بلغ عدد المصابين الشامل في إسرائيل 9404 أشخاص، بينما بلغ عدد المصابين العرب 227 شخصاً. وعدد الموتى من جراء المرض في إسرائيل بلغ 72، وعند العرب لا يوجد موتى.
ففي البداية، ساد الاعتقاد بأن هناك مشكلة في الأرقام والمعلومات والتعامل. وأن سياسة التمييز العنصري ضد العرب، المتبعة طيلة 70 عاماً، ولا تزال، تفرض نفسها أيضاً في هذه المعركة. فالحكومة تتجاهل الوضع في البلدات العربية، ولا تقوم بإجراء فحوصات «كورونا» في صفوفهم، ووزارة الصحة تتجاهلهم. حتى الإعلانات الإرشادية للجمهور صدرت باللغة العبرية.
وما صدر منها باللغة العربية احتوى على أخطاء غير قليلة، وأنه من غير المعقول ألا يكون هناك مرضى «كورونا» بين العرب. فما المنطق في أن تكون هناك عشر حالات إصابة في بلدة العفولة اليهودية، ولا توجد إصابة واحدة في الناصرة المجاورة. وليس طبيعياً أن تكون إصابات بين اليهود في عكا ولا توجد إصابات بين العرب فيها.
وقد دب الفزع في نفوس المواطنين، إذ اعتقدوا بأن القيام بخطوات صحيحة لفحص المرض ستكشف أن الوضع عندهم أسوأ بكثير مما هو الحال في الوسط اليهودي. وبدأت حملة ضغوط شعبية وسياسية على الحكومة الإسرائيلية لكي تكف عن إهمالها وتغير اتجاهها.
وقررت لجنة المتابعة العربية العليا واللجنة القرية لرؤساء البلديات إقامة «هيئة طوارئ عربية محلية» تتولى العمل على متابعة «كورونا» وأضرارها؛ فلا يوجد لديهم مشكلة مهنية في المجال، إذ إن الأطباء العرب يقفون في الجبهة الأمامية لمكافحة «كورونا» في إسرائيل، فهم يشكلون نسبة 20 في المائة من الطواقم الطبية و24 في المائة من طواقم الممرضات والممرضين، والخبراء المهنيون والصحافة تشيد بجهودهم وقدراتهم العالية، لا بل هناك من يتحدث باللغة العبرية عن «تضحياتهم البطولية». وفي البلديات لديهم تنظيم لمواجهة حالات الاحتياط.
هنا، تحركت الحكومة؛ فقد أدركت أن قصورها مع العرب قد يحمل نتائج كارثية على إسرائيل كلها. فإذا تبين أن هناك نسبة عالية بينهم من المصابين المخفيين، فإنه سيكون لهم تأثير على جميع أنحاء البلاد. فالعرب موجودون في كل بقعة من البلاد، فعقدت اتفاق تعاون وشراكة مع هيئة الطوارئ العربية. وأرسلت قوات الشرطة لتفرض الحجر الصحي. وفرضت على الأسواق شروط العمل الجديدة (التباعد مترين وقياس درجة حرارة المواطنين على مدخل السوبر ماركت وارتداء كمامات وقاية في الشوارع وكل وسائل الاحتياط الأخرى). وأقيمت في البلدات العربية الكبيرة محطات لعزل المرضى الذين لا يمكن عزلهم في البيت ومحطات فحص كورونا.
رغم ذلك، جاءت النتيجة نفسها؛ انتشار الفيروس في صفوف العرب أقل بكثير منه عند اليهود. فما السبب؟ لماذا تراجع «كورونا» على عتبة البلدات العربية؟
لا أحد يعرف الإشارة إلى سبب محدد. هناك من يقول إن الفحوصات غير كافية، وهناك من يعتقد بنظرية المؤامرة فيقول إن الوزارة تزيف، وهناك من يرى أن الأرقام صحيحة، ببساطة، لأن العرب التزموا بالتعليمات بامتثال يزيد عن امتثال اليهود. فهم يخافون أكثر من اليهود على حالهم لأنهم لا يثقون بأن الحكومة ستعالج انتشار الفيروس لديهم بصورة مخلصة.
لكن هناك من قال إن المسألة هي مسألة تقسيم عشوائي. فأيضاً في الوسط اليهودي توجد بلدات خالية تقريباً من الفيروس، إذ إن أهلها التزموا أكثر من غيرهم. والعرب كذلك.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».