أبدت إدارة الرئيس دونالد ترمب وفريق مكافحة فيروس «كورونا» تفاؤلها لنجاح إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي، وتتجه نحو تخفيف توجيهات العزل الذاتي للذين تعرضوا للفيروس (أو شخص مصاب بالفيروس) ولم تظهر عليهم أعراض للعودة إلى ممارسة عملهم.
وقال ترمب في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز» مساء الثلاثاء إنه يود إعادة فتح الاقتصاد بشكل كبير، واقترح أن يتم ذلك في الأماكن والولايات التي بدأ فيها وباء «كورونا» في التلاشي، وانخفضت أعداد الإصابات والوفيات. وقال: «نحن ننظر إلى مفهومين، ننظر إلى مفهوم فتح بعض القطاعات، ومفهوم فتح الاقتصاد كاملا». وأضاف «أعتقد أن نيويورك تستعد للوصول لقمة ذروة الإصابات، وبمجرد أن تصل إلى الذروة، سيبدأ المنحنى في النزول وستنخفض الأعداد بسرعة». ولوّحت مصادر بمركز السيطرة على الأمراض الوبائية إلى السماح للأشخاص الذين تعرضوا للفيروس عبر شخص مصاب بالعودة إلى العمل، إذا كانوا لا يعانون من أية أعراض، مع اختبار درجة حرارتهم مرتين في اليوم، وإلزامهم بارتداء كمامة للوجه. تأتي تلك التوجهات فيما وصلت أعداد حالات الإصابة المؤكدة بالفيروس في الولايات المتحدة إلى أكثر من 400 ألف حالة، وتجاوزت الوفيات 13 ألفا، وفقا لبيانات جامعة «جونز هوبكنز». وتشير البيانات إلى أن الأمر استغرق 67 يوما في الولايات المتحدة للوصول إلى 100 ألف حالة إصابة بحلول 27 مارس (آذار)، وبعد خمسة أيام فقط تضاعف الرقم ليصل إلى 200 ألف حالة إصابة في الأول من أبريل (نيسان). واستغرق ثلاثة أيام أخرى ليصل إلى 300 ألف حالة في 4 أبريل، وبعد أربعة أيام فقط وصل إلى 400 ألف إصابة مؤكدة.
- تفاوت عرقي
رصدت تقارير معدلات مقلقة حول ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بفيروس «كورونا» بين الأميركيين السود بالمقارنة مع غيرهم. وقال مسؤولون صحيون إن عدة ولايات شهدت ارتفاعا في معدلات إصابة الأميركيين من أصل أفريقي. ورصدت تقارير في مدينة شيكاغو أن الأميركيين من أصل أفريقي شكلوا أكثر من نصف أعداد الإصابات الإيجابية، و72 بالمائة من الوفيات المرتبطة بفيروس «كورونا» على الرغم أنهم يشكلون أقل من ثلث عدد السكان.
وفي ولاية إلينوي، شكل الأميركيون السود نسبة 43 بالمائة من حالات الوفيات ونسبة 28 بالمائة من حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، رغم أنّهم يشكلون 15 في المائة فقط من سكان الولاية. وفي ميتشغان، ارتفعت نسبة الوفيات بين الأميركيين السود إلى 40 بالمائة، وهم يمثلون 14 بالمائة فقط من السكان. وفي لويزيانا، ارتفعت نسبة وفيات الأميركيين السود إلى 70 بالمائة من إجمالي الوفيات رغم أنهم يشكلون ثلث سكان الولاية. كما أشارت إحصاءات كل من ولاية كارولاينا الشمالية وكارولاينا الجنوبية أن نسبة إصابة السكان السود بالفيروس تفوق نسبة إصابة الأميركيين البيض.
واعترف الرئيس ترمب خلال المؤتمر الصحافي مساء الثلاثاء بهذا التفاوت المتزايد، وقال إن السلطات الفيدرالية تعمل على توفير إحصاءات على مدار الأيام القادمة بما يساعد على فهم ودراسة هذه القضية. فيما أشار خبراء الصحة العامة إلى التفاوت الاقتصادي، وقالوا إنه في الوقت الذي دعت فيه السلطات إلى البقاء في المنازل كأفضل طريقة لتجنب الفيروس، فإن الأميركيين السود يشكلون جزءا من قوة العمل التي لا تتمتع برفاهية البقاء والعمل من المنزل، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالفيروس خلال عملهم.
والعديد من المواطنين السود يعيشون في أحياء تفتقر لفرص العمل والسكن المستقر. وقالت شيريل باربر أستاذة علم الأوبئة في جامعة دريكسل إن هذه المجتمعات من الناحية الهيكلية هي أرض خصبة لانتقال الفيروس والتفاوت الاجتماعي الحالي بين السود والبيض هو الذي يشكل تلك التفاوتات العرقية لهذا الوباء. فيما ذكرت الدكتورة إرلين جيرونيموس، أستاذة الصحة بجامعة ميتشغان، أن الضغوط مثل العرضة للتلوث وقلة النوم والإرهاق في العمل والتمييز العنصري يمكن أن يسبب نوعا من الشيخوخة المبكرة، ويكون الفيروس أكثر فتكا لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما.
- تحذيرات استخباراتية
من جانب آخر، تزايدت الانتقادات حول أداء إدارة ترمب في مواجهة تفشي وباء (كوفيد - 19)، واتهمها معارضون بالتخاذل والتهاون في اتخاذ إجراءات حاسمة قبل أن يجتاح الفيروس الولايات المتحدة، ويؤدي إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص.
وزات حدة هذه الانتقادات بعد صدور تقرير يؤكد أن الاستخبارات الأميركية حذرت في أواخر نوفمبر الماضي من انتشار فيروس خطير في الصين. ووفق تقرير خاص لشبكة «إي بي سي»، حذر مسؤولو الاستخبارات الأميركية من انتشار عدوى في منطقة ووهان الصينية غيّرت أنماط الحياة والعمل، بما يشكل تهديدا للسكان. واعتمد التقرير على أربعة مصادر مطلعة للتأكيد أن المركز الوطني للاستخبارات الطبية التابع للبنتاغون رفع تقريرا للبيت الأبيض حول تحليلات حسابية وصور أقمار صناعية، وحذر من انتشار فيروس في ووهان يشكل تهديدا خطيرا للقوات الأميركية الموجودة في آسيا.
وخلص التقرير الاستخباراتي، وفق المصادر، إلى أن هذا الفيروس الجديد قد يشكل «كارثة». وقد تم رفع هذا التقرير وتقارير مماثلة لوكالات المخابرات العسكرية وهيئة الأركان المشتركة ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض وصناع القرار في الحكومة الفيدرالية.
واتخذ الرئيس ترمب موقفا متباينا، إذ قال بداية إن تفشي الفيروس كان مفاجأة له وللجميع، وإن القرارات الوقائية المبكرة بتقييد السفر مع الصين دعمت جهود كبح انتشار الوباء. لكن تصريحاته خلال شهر فبراير (شباط) وبداية مارس، اتّجهت نحو التقليل من خطر الفيروس، قبل أن يتجه منتصف مارس إلى إعلان حالة الطوارئ.