إردوغان يتجاهل دعوات فرض الحظر الشامل ويعد بأن «كورونا» لن يهزم تركيا

تحذيرات من انهيار قريب للقدرة على مواجهة معدلات التفشي

رجل يرتدي كمامة في محطة مترو بإسطنبول (إ.ب.أ)
رجل يرتدي كمامة في محطة مترو بإسطنبول (إ.ب.أ)
TT

إردوغان يتجاهل دعوات فرض الحظر الشامل ويعد بأن «كورونا» لن يهزم تركيا

رجل يرتدي كمامة في محطة مترو بإسطنبول (إ.ب.أ)
رجل يرتدي كمامة في محطة مترو بإسطنبول (إ.ب.أ)

تعهّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مجدداً بالقضاء على فيروس «كورونا المستجد»، قائلاً إنه لا يوجد فيروس أو وباء أقوى من تركيا... في الوقت الذي تصاعدت فيه الانتقادات الموجهة إلى حكومته لعدم اتخاذه قراراً بفرض حظر شامل في البلاد لمواجهة الانتشار السريع جدا للفيروس.
وباتت تركيا من أعلى الدول التي تسجل معدلات إصابة يومية، بعد أن ارتفع عدد الإصابات المسجلة إلى أكثر من 3800 إصابة يومياً. ويتجاهل إردوغان حتى الآن التحذيرات والدعوات المتكررة من الأوساط الطبية في البلاد ومن أحزاب المعارضة لفرض حظر تجول شامل، وإصراره على مواصلة العمل والإنتاج حتى لا يتضرر الاقتصاد التركي.
وحذر الأستاذ بكلية طب في جامعة أنقرة أحمد شالتيكمن من أن الوضع في تركيا بسبب انتشار فيروس كورونا بات «كارثياً»، وأن السلطات ستُضطَرّ قريباً إلى اختيار المرضى بسبب عدم قدرة المستشفيات على مواجهة الأعداد المتزايدة من الإصابات.
وأكد شالتيك، في مقابلة تلفزيونية، أمس، أن الوضع الصحي للاجئين في تركيا الذين تُقدّر أعدادهم بنحو 4 ملايين، قد يكون صعباً، وهو ما يدعو إلى ضرورة الحذر، لافتاً إلى أن تركيا لم تتخذ التدابير في الوقت المناسب حيث بدأ فيروس «كورونا» في الصين في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بينما أعلنت تركيا عن أول حالة إصابة يوم 11 مارس (آذار) الماضي، أي بعد 72 يوماً من إعلان الصين عن اكتشاف أول حالة لديها، وهو ما يعني أن هناك كثيراً من الحالات التي جاءت إلى تركيا في هذه الفترة.
وحذر الأكاديمي التركي من خطورة الوضع، ومن أنهم سيضطرون في وقت ما إلى اختيار المريض الذي سيدخل إلى العناية المركزة بسبب سرعة انتشار الفيروس، وكثرة الإصابات.
وسجلت تركيا 3892 حالة إصابة أول من أمس الثلاثاء، ليرتفع عدد المصابين إلى 30 ألفاً و109 حالات، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 725 حالة. وبحسب الأوساط الطبية فإن أرقام الإصابات تشير إلى أن تركيا لديها أسرع عدد متزايد من الحالات المؤكدة في العالم، بعد أن باتت تحتل المرتبة التاسعة من حيث عدد المصابين.
واكتفى الرئيس التركي وحكومته بمطالبة المواطنين بتطبيق العزلة الذاتية، متجاهلاً دعوات نقابات الأطباء وأحزاب المعارضة لفرض حظر التجوال الشامل. وأصر على أن عجلة الاقتصاد يجب أن تستمر في الدوران.
وزادت الحكومة، التي لا تزال تكافح آثار الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في عام 2018، تدريجياً، إجراءات مكافحة فيروس «كورونا»، بتعليق الرحلات الدولية وإغلاق المعابر الحدودية، ومنع السفر بين المدن، وحظر التجمعات العامة وصلوات الجماعة، وإغلاق المدارس ومراكز التسوق وغالبية المتاجر كما أخضعت الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً (باستثناء العاملين في قطاع الزراعة) ومَن تزيد أعمارهم على 65 عاماً لحظر التجوال، وتم تقييد تحركات القوات التركية في سوريا.
وقال إردوغان، في رسالة طمأنة بعث بها إلى عناوين المواطنين ممن تجاوزت أعمارهم 65 عاماً مرفقة بطرود تحوي مواد تنظيف وتعقيم أمس (الأربعاء)، إن تركيا تملك جيشاً ضخماً مكوناً من مئات الآلاف من الكوادر الطبية يعملون في مكافحة وباء «كورونا».
وأضاف إردوغان أن تركيا أصبحت عبر التحول الذي شهدته خلال الأعوام الـ18 الأخيرة، واحدة من الدول الأكثر استعدادا لوباء «كورونا»... قائلاً: «اطمئنوا... ليس هناك فيروس أو وباء أقوى من تركيا... بلادنا في حالة كفاح وطني ضد (كورونا) الذي أصبح وباءً عالمياً... لدينا جيش طبي ضخم يضم 165 ألف طبيب و205 آلاف ممرضة و360 ألف موظف مساند... نتخذ جميع التدابير اللازمة، ونحشد جميع إمكاناتنا ضد الوباء الذي يهدد صحة شعبنا».
في الوقت ذاته، وضعت السلطات التركية مئات من رعاياها الذين أجلتهم من العراق في الحجر الصحي لمنع انتشار فيروس «كورونا».
وأجلت تركيا أول من أمس 511 مواطنا من العراق على إحدى طائراتها، وتم إخضاعهم للحجر الصحي في سكن طلاب تابع لوزارة الشباب والرياضة بولاية أفيون كاراهحصار، جنوب البلاد، بعد إجراء الفحص الطبي لهم.
في الوقت ذاته، أعلن الهلال الأحمر التركي، الذي يشرف بالتنسيق مع وزارة الصحة على تجربة العلاج بـ«البلازما المناعية» لمواجهة «كورونا»، عن تبرع طبيب تعافى من الإصابة بالفيروس بـ«البلازما» لصالح التجربة.
وقال رئيس الهلال الأحمر التركي، كرم كنك، إنه تم سحب البلازما من دم الطبيب، كورشاد دمير، بعد 14 يوماً من تعافيه من الفيروس، موضحاً أن الأجسام المضادة في بلازما دم المريض المتعافي، تبقى على مستوى عالٍ لمدة ثلاثة أسابيع ثم تميل إلى الانخفاض، ويمكن سحب هذه البلازما 3 مرات في الأسبوع.
وأضاف: «يمكن لمانح الدم في كل مرة أن يساهم في شفاء مريضين، والتبرع 3 مرات يساهم في شفاء 6 مرضى»، مشيراً إلى أن تم إطلاق عمليات سحب البلازما في 13 مركزاً في 10 ولايات بالبلاد.
بدوره، أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي، مصطفى فارانك، عن إطلاق برنامج باسم «منحة الباحث المتدرب» في «مؤسسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية» للعمل في مشاريع البحث والتطوير، بما في ذلك تطوير اللقاحات والأدوية لفيروس «كورونا».
وأضاف، عبر «تويتر»، أمس، أن برنامج المنحة سيستمر لمدة 12 شهراً، مؤكداً أن أهم شرط القبول في البرنامج هو الحصول على رسالة موافقة من قبل القائمين على برنامج الأبحاث والتطوير.
وتابع: «نحن نبحث عن زملاء يكافحون معنا جنباً إلى جنب في الأبحاث العلمية ضد فيروس (كورونا)... تركيا تكافح ضد وباء (كورونا) بشكل عام من خلال مشاركة القطاع الحكومي والخاص، والجامعات، إلى جانب الجهود التي تبذلها الحكومة».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».