الوباء أفسد فرحة ملكة جمال فرنسا لعام 2020

كليمانس بوتينو محجوزة في بيتها بجزيرة غوادلوب

كليمانس بوتينو ملكة جمال فرنسا لعام 2020 (أ.ب)
كليمانس بوتينو ملكة جمال فرنسا لعام 2020 (أ.ب)
TT

الوباء أفسد فرحة ملكة جمال فرنسا لعام 2020

كليمانس بوتينو ملكة جمال فرنسا لعام 2020 (أ.ب)
كليمانس بوتينو ملكة جمال فرنسا لعام 2020 (أ.ب)

لم تكد كليمانس بوتينو، تضع التاج على رأسها، وتتوشح بوشاح ملكة جمال فرنسا لعام 2020، حتى جاء فيروس كورونا، ليفسد عليها فرحتها باللقب. ومنذ 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تاريخ تتويجها في مرسيليا، وبين ظهور أولى علامات الوباء، تغيرت يومياتها وتقلصت ابتسامتها المشرقة. فالحسناء البالغة من العمر 23 ربيعاً، والمولودة في جزيرة غوادلوب الفرنسية في البحر الكاريبي، كانت تتوقع أن يكون العام الحالي سنة ملكية تقلب حياتها رأساً على عقب. إن الفوز بتاج الجمال الفرنسي هو فرصة للسفر في أنحاء العالم، وحضور حفلات تكريمية باذخة وارتداء فساتين من توقيع كبار مصممي باريس، وتلقي هدايا ثمينة، وربما الحصول على فرصة للعمل في السينما. والدليل أن الكثيرات من ملكات الجمال السابقات هن اليوم نجمات تلفزيونيات أو مغنيات أو عارضات أزياء معروفات. لكن الحجر الذي فرضه تفشي الفيروس القاتل قضى على آمالها.
مع هذا، قرّرت كليمانس ألّا تستسلم لليأس، وانتهزت فرصة الشّهرة التي نالتها بعد فوزها باللقب، لكي تسجل أشرطة تعرض فيها معلوماتها التاريخية، وتبثها، بعد ذلك، على الشبكة الإلكترونية. لقد زادتها أسابيع المكوث في البيت نضجاً. وهي قد بدأت نشاطها التعليمي بنشر درس أول على «أنستغرام» مدته 6 دقائق. أما الموضوع فهو كيف كان الباريسيون يصنعون الخبز في القرن الثامن عشر. وهي توضح أن الحجر جعلها تقرأ كتباً تاريخية، وتستخلص منها ما يصلح للمشاركة مع متابعيها. وتضيف في التسجيل: «كلنا يحب الخبز، لهذا أود تقديم هذا الدرس، وأرجوكم التفاعل معي، وإرسال وصفاتكم التقليدية لأنواع الخبز التي تشتهر بها مناطقكم، وسأكون سعيدة بتجربتها». كما قدمت ملكة الجمال دروساً تالية، منها درس في «اليوغا».
لا يمكن القول بأنّ «الحلوة تهرف بما لا تعرف». ذلك أن جميلة جميلات فرنسا لعام «كورونا» تحمل شهادة جامعية في تاريخ الفن من «السوربون».
وكانت الملكة قد صرحت في الأسابيع القلائل لـ«ولايتها» بأنها تنوي وضع شهرتها في خدمة قضايا إنسانية، منها تقديم المساعدة لكبار السن. وهي كانت قد حصلت على إجازة لمدة 3 أيام لزيارة عائلتها في غوادلوب، حين أعلنت السلطات، في مساء وصولها، حالة الطوارئ بسبب تفشي الوباء. وهكذا وجدت نفسها محجوزة هناك. وتقول: «في كل حال، ما كان أهلي يوافقون على بقائي بعيدة عنهم في مثل هذا الظرف، كما أن منظمي مسابقة الجمال يفضلون مائة مرة أن أكون وسط أسرتي على أن أبقى وحيدة في فندق باريسي».
عن يومياتها في العزل، تقول إنّ الجزيرة التي ولدت فيها تتعرض في السنوات الأخيرة للكثير من الأعاصير. لذاك اعتاد الناس حياة الطوارئ والتزام البقاء في المنازل. وهي ملتزمة بملء الاستمارة التي تتيح لها الخروج من البيت لقضاء الأمور الضرورية، لأنّ الشرطة لا تتساهل مع المخالفين، حتى لو كانوا يرتدون تاجاً ووشاحاً ملكياً. وعموماً، فإنّ أهالي الجزر والمدن الصغيرة يتضامنون مع جيرانهم في أوقات الأزمات. إنّ الأنانية تتراجع، ويسود الشعور الإنساني بأن الجميع في قارب واحد. كما أنّ مما يرفع المعنويات رؤية كبريات دور الأزياء الفرنسية، وهي تساهم بخياطة الكمامات الواقية بدل الفساتين الفخمة.
لا تنسى كليمانس مشكلات جانبية فرضتها ظروف العزلة البيتية، منها تخزين المواد الغذائية، ثم تلف الكثير منها، والاضطرار لرميها في حاويات النفايات. وهناك مشكلة تصاعد المشاحنات الزوجية، ومأزق الكثيرات من النساء المعنفات والمعتدى عليهن بالضرب المبرح، ممن لا يمكنهن ترك الشقق الصغيرة، واللجوء إلى دور الرعاية أو المستشفيات.
إنّ لدى المستشفيات ما يكفيها من حالات تشكو الوباء. ولا تنسى الملكة أن تشكر الحظ الذي يجعلها تقيم في منزل واسع له حديقة تسمح لها باستنشاق الهواء النقي. كما أنّ المكوث في بيت العائلة سمح لها باستعادة ذكريات طفولتها وفتح الصناديق التي تحتفظ فيها بصور أيام المراهقة، حين كان السفر إلى باريس حلماً من الأحلام.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».