القضاء الإيراني يتحفظ على توجه حكومي لخفض قيود مكافحة «كورونا»

رجل إيراني يبيع أقنعة في أحد شوارع العاصمة طهران خلال جائحة «كورونا»... (أ.ف.ب)
رجل إيراني يبيع أقنعة في أحد شوارع العاصمة طهران خلال جائحة «كورونا»... (أ.ف.ب)
TT

القضاء الإيراني يتحفظ على توجه حكومي لخفض قيود مكافحة «كورونا»

رجل إيراني يبيع أقنعة في أحد شوارع العاصمة طهران خلال جائحة «كورونا»... (أ.ف.ب)
رجل إيراني يبيع أقنعة في أحد شوارع العاصمة طهران خلال جائحة «كورونا»... (أ.ف.ب)

أبدت أجهزة رسمية في إيران؛ على رأسها الجهاز القضائي، تحفظاً على قرار الحكومة استئناف الأعمال والدراسة الأسبوع المقبل في خطوة من شأنها أن تخفف خطة التباعد الاجتماعي. وقالت إنها قدمت طلباً مباشراً للحصول على مساعدات أميركية، فيما أكدت الإحصائية الرسمية أكثر من مائة وفاة إضافية ناجمة عن فيروس «كورونا» المستجدّ.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، كيانوش جهانبور، أمس، في الإحصائية الرسمية، إن 136 شخصاً لقوا حتفهم في 24 ساعة، ما رفع الحصيلة الإجمالية إلى 3 آلاف و739 وفاة، فيما بلغ العدد الإجمالي للمصابين 60 ألفاً و500 شخص، عقب تأكيد ألفين و274 إصابة جديدة. ونوه بأن 4 آلاف و83 شخصاً حالتهم حرجة وتحت مراقبة طبية مشددة، مشيراً إلى شفاء 24 ألفاً و236 شخصاً.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جهانبور: «نلاحظ تراجعاً تدريجياً وبطيئاً في عدد الحالات الجديدة في الأيام الأخيرة، إثر تكثيف خطة التباعد الاجتماعي». وتابع: «آمل أن يسمح لنا الالتزام بأكبر قدر ممكن بهذه التعليمات (...) بدخول مرحلة السيطرة على المرض وضبطه».
وحذر رئيس لجنة مكافحة كورونا في طهران، علي رضا زالي، من تفاقم الجائحة في العاصمة الإيرانية، غداة تطمينات من روحاني بشأن الوضع هناك. ونقلت وكالات رسمية عن زالي قوله: «لا يمكن التنبؤ بالأوضاع إذا زادت الإصابات بفيروس (كوفيد19)»، وقال إن تذبذبات الأرقام في الأيام الأخيرة سببها التحذيرات. وحضّ الإيرانيين على استخدام الكمامات الواقية وإن كانت مصنوعة يدوياً، لأنها تمنع تسلل الفيروس.
ونقلت وكالات إيرانية عن رئيس القضاء إبراهيم رئيسي قوله إن «الحكمة تتطلب أن تكون الأولوية لحفظ الأرواح حينما تتقاطع صحة الناس مع استئناف الأنشطة الاقتصادية». جاء ذلك غداة تعليمات روحاني لاستئناف أنشطة القطاعات المهنية «منخفضة المخاطر» بدءاً من السبت المقبل في المحافظات، على أن تنطلق في طهران الأربعاء 18 أبريل (نيسان) الحالي.
ورغم أن روحاني نفى وجود خلافات خاصة بين وزارتي الصحة والصناعة، فإن دخول رئيسي على خط الخلاف، سلط الأضواء على ما حاولت الحكومة إنكاره، في وقت ازدادت فيه الانتقادات لغياب الشفافية في إحصاءات الأجهزة المسؤولة.
ولاقت أوامر روحاني، قبل رئيسي، نوعاً من التحفظ بين مسؤولي وزارة الصحة، وسارع المتحدث باسم الوزارة، أول من أمس، إلى إنكار وجود مناطق بيضاء من الفيروس، بعد ساعات قليلة من تشجيع روحاني على استئناف الدراسة في «المناطق ذات الوضعية البيضاء».
وحذّر رئيس السلطة القضائية من التضارب في مواقف المسؤولين، بقوله: «يجب ألا تكون قرارات الأجهزة التنفيذية (الحكومة) متناقضة في الأخبار المنشورة، لأن ذلك يسبب إرباك الناس»، منتقداً عدم التنسيق بين «اللجنة الوطنية لمكافحة (كورونا)» ووزارة الصناعة، والذي خرج للعلن بعدما وجّه وزير الصحة سعيد نمكي، رسالة للرئيس الإيراني، الجمعة الماضي، احتجاجاً على تعليمات وزارة الصناعة والتجارة لاستئناف العمل في قطاعات مهنية، دون العودة إلى «لجنة مكافحة (كورونا)»، التي يرأسها وزير الصحة نفسه.
ودفع روحاني، أمس، باتجاه التهدئة ضد تجدد الانتقادات عقب أوامره الأخيرة، قائلاً إن «استئناف الأنشطة سيكون تدريجياً». وأضاف: «أوضاعنا لا تسمح لنا بأن نبدأ مرة واحدة». وحذّر من أنه إذا لم يتم «الالتزام» بالتعليمات الصحية، فقد تواجه البلاد «مجدداً وضعاً صعباً»، داعياً الإيرانيين إلى «البقاء في منازلهم».
في الأثناء، وافق المرشد علي خامنئي، أمس، على منح الحكومة مليار يورو من «صندوق التنمية الوطني»، بعد مضي 12 يوماً على طلب قدمه روحاني، لإدارة تبعات تفشي فيروس «كورونا».
وأفادت وكالة «فارس» نقلاً عن روحاني بأن المرشد أصدر تعليمات لتوفير حاجات حكومته. وأبلغ بذلك وزارة التخطيط والميزانية بأن تعمل على توفير ما تحتاجه وزارة الصحة من مستلزمات طبية ومستحقات الكوادر.
وقدمت إيران طلباً إلى صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على 5 مليارات دولار. وكتب سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، أول من أمس، أن «رفض أميركا قرار صندوق النقد الدولي بشأن تقديم قرض مالي لإيران لإعالتها في مكافحة (كورونا) جريمة بحقّ البشرية».
في شأن متصل، نقلت «رويترز» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، أمس، أن بلاده «لن تطلب أبداً مساعدة من الولايات المتحدة في مكافحة الوباء»، مضيفاً أنه يجب على واشنطن رفع العقوبات «غير القانونية».
ورفض خامنئي الشهر الماضي عروضاً من واشنطن بتقديم مساعدات إنسانية لإيران.
ومع ذلك، أوضح موسوي أن «إيران لم تتلقَّ طلباً من الولايات المتحدة لإرسال المساعدات الطبية إلى إيران»، متهماً في الوقت ذاته الولايات المتحدة بأنها «تحاول إبقاء إيران في أوضاع صعبة في مواجهة (كورونا)، وأن تمارس ضغوطاً أكثر على إيران لإجبارها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات». وقال موسوي في مؤتمر صحافي أمس إن «إيران لم تطلب مطلقاً، ولن تطلب، من أميركا مساعدة طهران في معركتها ضد التفشي... لكن على أميركا أن ترفع كل العقوبات الأحادية غير القانونية على إيران»، مشيراً إلى أن بلاده «لا تعترف بالعقوبات الأميركية».
وأطلقت إيران حملة ضد العقوبات الأميركية بدعوى أنها تعوق جهودها للحد من تفشي الوباء، وحثت الدول الأخرى والأمم المتحدة على مساندتها. ومنذ وقت طويل تقول إيران إنها لن تتفاوض مع واشنطن ما لم ترفع العقوبات التي تفرضها عليها.
وأعاد ترمب العقوبات على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018.
ويقول ترمب إن الاتفاق النووي ليس قوياً بما يكفي، ويريد أن يمارس «أقصى ضغط» على إيران لتقبل قيوداً أكثر صرامة على برنامجها النووي، وتوقف نشاطها في مجال صنع الصواريخ الباليستية، ودعمها جماعات مسلحة في الشرق الأوسط.
وشدد موسوي على أنه «إذا كانت لإيران طلبات رسمية لرفع العقوبات، فإنها عبر الأمم المتحدة والأمين العام وقرار محكمة العدل الدولية الذي يلزم الولايات المتحدة برفع العقوبات».


مقالات ذات صلة

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

آسيا قوات أمنية تقف خارج معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (رويترز)

يرتبط بـ«كورونا»... مختبر ووهان الصيني يخطط لتجارب «مشؤومة» جديدة على الخفافيش

حذر خبراء من أن العلماء الصينيين يخططون لإجراء تجارب «مشؤومة» مماثلة لتلك التي ربطها البعض بتفشي جائحة «كوفيد - 19».

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ وسط ازدياد عدم الثقة في السلطات الصحية وشركات الأدوية يقرر مزيد من الأهل عدم تطعيم أطفالهم (أ.ف.ب) play-circle

مخاوف من كارثة صحية في أميركا وسط انخفاض معدلات التطعيم

يحذِّر العاملون في المجال الصحي في الولايات المتحدة من «كارثة تلوح في الأفق» مع انخفاض معدلات التطعيم، وتسجيل إصابات جديدة بمرض الحصبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك جائحة كورونا نشأت «على الأرجح» داخل مختبر ولم تكن طبيعية (أ.ف.ب)

فيروس كورونا الجديد في الصين... هل يهدد العالم بجائحة جديدة؟

أثار إعلان علماء في معهد «ووهان» لعلم الفيروسات عن اكتشاف فيروس كورونا جديد يُعرف باسم «HKU5 - CoV - 2» قلقاً عالمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك عالمة تظهر داخل مختبر معهد ووهان لأبحاث الفيروسات بالصين (إ.ب.أ)

يشبه «كوفيد»... اكتشاف فيروس كورونا جديد لدى الخفافيش في مختبر صيني

أعلن باحثون في معهد ووهان لأبحاث الفيروسات في الصين، أنهم اكتشفوا فيروس «كورونا» جديداً في الخفافيش يدخل الخلايا باستخدام البوابة نفسها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» بنيويورك (أ.ب)

دراسة: بعض الأشخاص يصابون بـ«متلازمة ما بعد التطعيم» بسبب لقاحات «كوفيد-19»

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اللقاحات التي تلقّاها الناس، خلال فترة جائحة «كوفيد-19»، منعت ملايين الوفيات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

روسيا تعرض الوساطة بين واشنطن وطهران لحل الخلافات

بزشيكان لدى استقباله لافروف الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشيكان لدى استقباله لافروف الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
TT

روسيا تعرض الوساطة بين واشنطن وطهران لحل الخلافات

بزشيكان لدى استقباله لافروف الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)
بزشيكان لدى استقباله لافروف الأسبوع الماضي (الرئاسة الإيرانية)

أعلنت روسيا استعدادها لبذل كل ما بوسعها لمساعدة الولايات المتحدة وإيران في حل خلافاتهما عبر المفاوضات.

وذكرت وكالة «بلومبرغ»، الثلاثاء، أن روسيا وافقت على مساعدة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التواصل مع إيران بشأن قضايا مختلفة، منها برنامج طهران النووي ودعمها وكلاء في الشرق الأوسط.

ونقل التقرير الذي تناقلته وسائل إعلام رسمية روسية عن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قوله: «روسيا تعتقد أن على الولايات المتحدة وإيران حل جميع مشكلاتهما من خلال المفاوضات... (موسكو) مستعدة لبذل كل ما بوسعها للمساعدة في تحقيق ذلك».

وقالت المصادر إن ترمب طرح هذا الطلب خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 فبراير (شباط)، وأن هذه القضية نوقشت من قِبل الوفدين الروسي والأميركي في الرياض في 18 فبراير.

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عند سؤاله عما إذا كانت روسيا عرضت الوساطة بين طهران وواشنطن، إنه من «الطبيعي» أن تعرض الدول تقديم مساعدتها.

وقال بقائي، خلال مؤتمر صحافي الاثنين في طهران: «نظراً لأهمية هذه القضايا، من المحتمل أن تظهر العديد من الأطراف حسن النية والاستعداد للمساعدة في حل المشكلات المختلفة. ومن هذا المنظور، من الطبيعي أن تعرض الدول تقديم المساعدة إذا لزم الأمر».

ولم يرد مسؤولو البيت الأبيض على طلبات بالتعقيب، كما لم تؤكد روسيا ولا إيران أو تنفيان علناً الطلب الأميركي.

واستأنف ترمب، الشهر الماضي، ممارسة «سياسة الضغوط القصوى» على إيران والتي تتضمن جهوداً لخفض صادراتها النفطية إلى الصفر من أجل منع طهران من الحصول على سلاح نووي، رغم أن إيران تنفي أي نية لديها من هذا القبيل.

وتجد طهران نفسها أمام خيار التفاوض مع ترمب، وسط انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي متزايد بسبب الاقتصاد. ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة» نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الأسد، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

واحتل الملف النووي ومآلاته بعد عودة ترمب إلى السلطة، جدول أعمال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى طهران بعد نحو عامين، إذ ناقش مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، مستقبل الاتفاق النووي الذي تعد روسيا أحد أطرافه الخمسة.

وقال عراقجي في مؤتمر صحافي مشترك مع لافروف بعد مشاوراتهما، إن بلاده لن تجري مفاوضات مع الولايات المتحدة، بينما تواصل إدارة ترمب استراتيجية الضغوط القصوى. وقال لافروف إن «موسكو على يقين بأن التدابير الدبلوماسية لا تزال مطروحة على الطاولة فيما يتعلق بحل المشكلات المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني».

كما أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لدى استقباله لافروف حرص طهران على تحسين العلاقات ومواجهة العقوبات الأميركية التي تستهدف البلدين.

ونفى عراقجي لاحقاً أن تكون طهران تلقت أي رسالة أميركية عبر روسيا أو قطر. وصرح بأن نظيره الروسي قدم تقريراً مفصلاً حول مفاوضاته مع واشنطن والدول الأخرى في المنطقة، مؤكداً أنه لم يكن هناك أي رسائل منقولة، ولم يكن من المفترض أن يحضر أي رسالة.

وقد تعهدت كل من إسرائيل والولايات المتحدة بعدم السماح لإيران بصنع سلاح نووي؛ ما يرفع احتمالات التصعيد، خصوصاً بعدما شنت طهران هجمات ضد إسرائيل مرتين خلال العام الماضي.

وتغيرت مواقف إيران جذرياً بعد عودة ترمب إلى فرض استراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران. ورغم أن المرشد الإيراني علي خامنئي أبدى استعداداً للتفاوض مع الغرب في أغسطس، فإنه أغلق الباب تماماً في فبراير.

وأثار ترمب احتمال قيام إسرائيل بقصف إيران، لكنه قال إنه يُفضّل إبرام صفقة مع إيران تمنعها من تطوير سلاح نووي. وأعاد فرض سياسة «الضغوط القصوى» عبر العقوبات وتضييق الخناق على مبيعات طهران النفطية.

وقال خامنئي، في 7 فبراير الحالي، إن المحادثات مع الولايات المتحدة «ليست من الفطنة أو الحكمة أو الشرف»، في تصريحات تفسَّر في الفضاء السياسي الإيراني بأنها أوامر لحظر أي محادثات مباشرة مع ترمب.

ومن غير الواضح معرفة كيف ستستقبل طهران أي مبادرة أميركية تصلها عبر موسكو؛ فالتيار المحافظ المتشدد في إيران، الذي يهيمن على مؤسسات قوية مثل «الحرس الثوري» والقضاء، أعلن علناً تأييده رفض خامنئي لأي تعامل مع واشنطن.

ويبدو أن بزشكيان قد امتثل لتوجيهات خامنئي الجديدة، حيث قال، الأحد: «كنت أعتقد أن المفاوضات هي الخيار الأفضل، لكن المرشد الأعلى أوضح أننا لن نتفاوض مع الولايات المتحدة، وسنمضي قدماً وفقاً لتوجيهاته».

وعززت موسكو علاقاتها مع طهران منذ بداية الحرب على أوكرانيا ووقَّعت معها اتفاقاً للتعاون الاستراتيجي لمدة عشرين عاماً في يناير (كانون الثاني).